يعيد علماء كثيرون التطرق لمفهوم “الذكاء الاصطناعي”، الذي يعدونه قبل كل شيء أداة تسويقية للشركات. وفي معرض لاس فيجاس للإلكترونيات، نادرة هي الأدوات والأجهزة التي لا تعمل استنادا إلى هذا المفهوم.
وبحسب “الفرنسية”، يشير تطبيق “نافو” مثلا إلى أنه “رائد في تغيير الجسم استنادا إلى الذكاء الاصطناعي”. ويوفر التطبيق للمستخدمين إمكانية تعديل صورهم ليتمتعوا بجسم رشيق ورياضي، وتحفيز أنفسهم تاليا على اتباع نظام لتسعة أيام للوصول فعليا إلى هذه النتيجة.
ويشير المحلل المستقل آفي جرينجارت إلى أن الذكاء الاصطناعي “ليس مجرد كلمة رنانة للبروز في معرض لاس فيجاس”، لافتا إلى أن هذه التقنية “تستخدم في كاميرات الهواتف الذكية، وفي المصانع لتحديد المنتجات الفاسدة، وفي الزراعة لتحديد العشب الضار ورشه بالمبيدات، فهو موجود في مختلف المجالات”.
وأسس إميل خيمينيز “مايندبانك أرتيفيشل إنتلجنس” لأهداف تنضوي تحت فكرة “الخلود” ولكي “تتمكن ابنته من طرح أسئلة على والدها متى شاءت”.
ويتيح التطبيق، الذي ابتكره إميل خيمينيز تسجيل إجاباته على الأسئلة الشخصية مثلا “ماذا يعني الحب لك؟ من أجل “حفظ الأفكار الخاصة بكل فرد على الحوسبة السحابية بشكل دائم”.
لكن بعيدا عن هذا الطموح، استقطبت الخدمة مستخدميها من خلال هدفها الرامي إلى التوصل لفهم أفضل للذات. ويضم التطبيق برنامجا ذهنيا لغويا لتحليل أحاديث المستخدمين بهدف توضيح مشاعرهم.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم مشاعر مجموعة من الأشخاص. فأداة “أسك بولي” التي ابتكرتها شركة “أدفانسد سمبوليكس” الكندية تجري دراسات عن السوق في بضع دقائق.
ويستطيع المستخدم أن يسألها مثلا ما إذا كان من المناسب حاليا شراء شقة أو إذا كان ينبغي أن يدخل المجرمون القاصرون السجن، فيتولى البرنامج مسح الشبكات الاجتماعية “إنستجرام، تيك توك، وتويتر” لتحليل الرأي العام بدقة وعلى نطاق واسع.
وعام 2022، أحدثت خوارزميات الابتكارات الآلية ضجة، تحديدا تلك الخاصة بشركة OpenAI، التي ابتكرت GPT-3 لإنشاء النصوص، وDALL-E لإنشاء الصور.
وتولت شركة “إمكي” الفرنسية الناشئة تصميم الصوت والإضاءة للعرض على مسرح “أورانج”، إذ جرى ابتكار الرسومات التفاعلية بفضل برامج من هذا النوع.
وتقول مديرة التسويق في “إمكي” ماري لاثو “هذا يجعل من الممكن إنشاء محتوى بصورة سريعة وتكاليف منخفضة جدا”، مضيفة أن “مجموعة واسعة جدا من الصور تصبح متاحة للمدير الفني في وقت قصير”.
وترى لاثو في الذكاء الاصطناعي أداة لخدمة الفنانين.
من جهة أخرى، يشير رئيس العمليات لدى “ماجنيفاي” ساكيه داندوتيا، إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل “تهديدا للمصممين، إذ سيحل مكانهم”، على غرار الروبوتات في المصانع.
وابتكر فريقه برنامج “ستروب” لإنشاء مقاطع الفيديو، ويقول “يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة جدا لنا من شأنها إحداث تغييرات كبيرة في المجال الإبداعي برمته”.
ومن بين الابتكارات الكثيرة، التي يحفل بها معرض لاس فيجاس للإلكترونيات، تلك التي تقوم على الذكاء الاصطناعي، ومن أحدث ما سجل في هذا الإطار “مقياس حرارة عاطفي” قادرا على تحليل المشاعر البشرية.
وفي المجال الصحي، يتم منذ زمن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي القادر على جمع كميات كبيرة من البيانات وتحليلها بصورة آنية، لتشخيص الأمراض بدءا من السرطان وصولا إلى تحاليل البول.
ويقول ستيف كونيج، وهو نائب المسؤول عن الأبحاث في شركة “كنسيومر تكنولودجي أسوسييشن”، التي تتولى تنظيم معرض لاس فيجاس للإلكترونيات “لا نستطيع كبشر التعامل مع كل الأفكار التي ننتجها، فنحن بحاجة إلى مساعدة في هذا الشأن”.
ويوضح مدير التكنولوجيا في الشركة الفرنسية، التي تولت ابتكار الجهاز أنتوني بيرزو أن جهاز “إموبوت” الذي يشبه تمثالا صغيرا “يراقب المشاعر العاطفية باستمرار” بفضل الكاميرا والميكروفونات الخاصة به.
ويستخدم الجهاز لرصد أي اضطرابات نفسية محتملة لدى كبار السن، كالاكتئاب أو القلق.
ويقضي الروبوت الذي يمكن وضعه على أي قطعة أثاث في المنزل، يومه في مراقبة تعابير وجه الشخص وحركاته ونبرة صوته لرصد أي تغيرات كبيرة قد تطرأ على سلوكه فيتجنب تاليا إدخاله المستشفى في حالة طارئة.
ويأمل أنتوني بيرزو إلى جانب المشاركين الثلاثة الآخرين في ابتكار “إموبوت”، في التوصل إلى إجابة في شأن المخاطر المرتبطة بالوحدة والنقص المسجل في تلقي الرعاية الصحية.
ويفترض أن يوفر جهازهم الذي اختبر داخل دور لرعاية المسنين وعدد من المنازل، إمكانية تعديل العلاجات دون اضطرار المريض، لأن ينتظر موعد زيارة طبيبه.
وتتمتع خوارزميات الجهاز بقدرة على “تحليل تعبيرات الوجه الدقيقة”، التي تعكس المشاعر البشرية، فهي بمنزلة مرآة “لحالتنا النفسية والذهنية”، بحسب بيرزو.