اختراق علمي كبير في الصين.. تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات غذائية

رسم تخطيطي يوضح تحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى منتجات طويلة السلسلة عن طريق التخمير البيولوجي المقترن كهربائياً.

فبعد أول تخليق النشا من ثاني أكسيد الكربون في سبتمبر من العام الماضي، توصل فريق من العلماء الصينيين مرة أخرى إلى تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات غذائية، بحسب صحيفة “الشعب” الصينية.

وأظهرت نتائج الأبحاث المشتركة، التي قامت بها مجموعة أبحاث شياتشوان التابعة لجامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية الصينية، ومجموعة أبحاث يوتاو في معهد شنتشن للتكنولوجيا المتقدمة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، ومجموعة تسنغ جي البحثية بجامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين قبل أيام قليلة، أنه يمكن استغلال ثاني أكسيد الكربون بكفاءة لتخليق حمض الاسيتيك عالي التركيز من خلال التحفيز الكهربائي جنباً الى جنب مع التخليق الحيوي، ومن ثم يمكن استخدام المزيد من الكائنات الحية الدقيقة لتصنيع الجلوكوز والأحماض الدهنية.

وقد نُشر الإنجاز في المجلة العلمية نيتشر كاتاليسيز (Nature Catalysis) كمقالة غلاف في 28 أبريل بتوقيت بكين.

قال لي تسان، الأكاديمي في الاكاديمية الصينية للعلوم ومدير اللجنة المهنية للحفز بالجمعية الكيميائية الصينية: “يوفر هذا العمل تقنية جديدة للتخليق الصناعي وشبه الصناعي في مجال الأغذية”.

تتمثل الخطوة الأولى لعملية “تحول” ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات غذائية في التحول إلى حمض أسيتيك في ظروف معتدلة، حيث إن حمض الاسيتيك ليس المكون الرئيسي للخل فحسب، وإنما أيضاً مصدر ممتاز للكربون الحيوي، والذي يمكن تحويله الى مواد بيولوجية أخرى مثل الجلوكوز.

وقد قام الباحثون بشكل كبير بتحسين كفاءة تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى حمض أسيتيك من خلال جهاز تفاعل إلكتروليت جديد في الحالة الصلبة، وحققوا التحضير المستمر لمحلول مائي من حمض الأسيتيك بنقاوة 97٪ لأكثر من 140 ساعة، ما يعتبره المطلعون على الصناعة أهم ما يميز هذه الدراسة.

وتتمثل الخطوة الثانية لعملية “تحول” ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات الغذاء في إنتاج الجلوكوز من قبل الكائنات الحية الدقيقة.

قال يو تاو: “تستخدم خميرة البيرة بشكل أساسي في تخمير الجبن والخبز المطهو على البخار والأطعمة الأخرى، كما يستخدم غالباً ككائن حي نموذجي لتصنيع الميكروبات وأبحاث بيولوجيا الخلية.” مضيفا، إن عملية استخدام خميرة البيرة لتصنيع الجلوكوز من حمض الاستيك يشبه “تناول الكائنات الحية الدقيقة الخل”. وتعمل خميرة البيرة باستمرار لتخليق الجلوكوز من خلال “تناول الخل”.

“مع ذلك، فإن خميرة الجعة نفسها تستقلب جزءًا من الجلوكوز، وبالتالي فإن المحصول ليس مرتفعًا”. قال يو تاو، إنه من أجل حل هذه المشكلة، قام فريق البحث بإخراج ثلاثة عناصر إنزيمية رئيسية في خميرة البيرة تعمل على استقلاب الجلوكوز والحد من قدرة استقلاب خميرة البيرة للجلوكوز، كما استبعدوا عنصرين انزيمين يشتبه في قدرتهما على استقلاب الجلوكوز، وإدخال عناصر الجلوكوز الفوسفاتيز من الاشريكية القولونية وبانتونيا لتعزيز قدرتها على تراكز الجلوكوز. قال يو تاو، إن هذين الانزيمين يمكن أن يفتحان طريقاً جديداً لتحويل جزيئات الفوسفات في مسارات أخرى في الخميرة الى جلوكوز، مما يزيد من قدرة الخميرة على تراكم الجلوكوز. ويصل مردود الجلوكوز لسلالة الخميرة المعدلة هندسياً إلى 2.2 غرام/ لتر ويزيد المحصول بنسبة 30٪.

يعتقد دينغ تزي شين، الأكاديمي في الأكاديمية الصينية للعلوم ومدير مختبر الدولة الرئيسي للأيض المكروبي، في جامعة شانغهاي للمواصلات، أن هذا العمل البحثي يفتح استراتيجية جديدة للجمع بين الكيمياء الكهربائية وتحفيز الخلايا الحية لتحضير المنتجات الغذائية مثل الجلوكوز، ويوفر نموذجا جديدا لتطوير نمط جديد من الزراعة والتصنيع الحيوي على أساس محرك كهربائي، ما يعد اتجاها مهما في استخدام ثاني اكسيد الكربون.

في السنوات الأخيرة، مع التنمية السريعة في توليد الكهرباء من خلال الطاقة الجديدة، أصبح لتقنية الامتصاص الكهربائي لثاني أكسيد الكربون القدرة على التنافس مع العمليات الكيميائية التقليدية التي تعتمد على الطاقة الأحفورية. لذلك، يعتبر المجتمع الأكاديمي دراسة العمليات الفعالة لإعداد المواد الكيميائية والوقود ذات القيمة المضافة العالية عن طريق التخفيض الكهربائي لثاني أكسيد الكربون كأحد التوجهات البحثية المهمة لتحقيق انبعاثات كربونية صفرية.

ويحل تطوير مفاعل الإلكتروليت الصلب بشكل فعال مشكلة فصل المنتجات السائلة في الامتصاص الكهربائي لثاني أكسيد الكربون، ويمكن أن يوفر بشكل مستمر وثابت ناقلات الإلكترون السائل للتخمير الميكروبي. كما أن ميزة الكائنات الحية الدقيقة هي أنها تتمتع بتنوع عالٍ في المنتجات ويمكنها تصنيع العديد من المركبات التي لا يمكن إنتاجها بشكل مصطنع أو أنها غير فعالة للغاية. قال تسنغ جي: “سنواصل مستقبلا دراسة التجانس والتوافق بين منصتي التحفيز الكهربائي والتخمير الحيوي.”

 

Exit mobile version