تحتفي الأمم المتحدة يوم 24 أبريل من هذا العام بالذكرى الثالثة لليوم الدولي لتعددية الأطراف والدبلوماسية من أجل السلام، ويعد اليوم الدولي بمثابة إعادة تأكيد لميثاق الأمم المتحدة ومبادئه المتعلقة بحل النزاعات بين الدول من خلال الوسائل السلمية، ويشدد مفهوم القرار على استخدام الدبلوماسية المتعددة الأطراف في التوصل إلى حلول سلمية للنزاعات بين الأمم، وفي هذه المناسبة أعربت المنسق المقيم للأمم المتحدة بالانابة لدى دولة الكويت السيدة/ هيديكو هادجيالك عن أهمية تسليط الضوء على هذا اليوم في ظل الظروف الحالية من انتشار فيروس كورونا المستجد، والنزاعات غير المحسومة، والتغير المناخي الجامح، وتفاقم أوجه عدم المساواة، وتدهور الأوضاع الانسانية وغيره من المآسي التي يشهدها العالم، مما يؤكد بلا شك أهمية العمل سويًا ودبلوماسية السلام على المستويين المحلي والدولي وضرورة تعزيز التعاون بين الدول والشركات والأفراد وجميع أطياف المجتمع والشراكات مع المنظمات الدولية للتوصل إلى حلول للتحديات المحلية والإقليمية والعالمية.
وتضطلع دولة الكويت بدور ريادي في مجال الشراكات التعددية ودبلوماسية السلام، والذي كان جليًا من خلال جهودها الحثيثة وعملها الدؤوب في ترويج السلم والأمن في المنطقة وخارجها، حيث لم تألو جهدًا في اتخاذ القرارات خاصة في القضايا التي تهم المنطقة العربية والحفاظ على السلم والأمن الدولي، كما جنت الكويت ثمار جهودها في حل الأزمة الخليجية بعد 3 سنوات من دورها كوسيط لحل الأزمة الخليجية، حيث حققت الكويت إنجازًا تاريخيًا في القمة الخليجية ال 41 (قمة العلا) برأب الصدع الخليجي، وتم إطلاق اسم المغفور له بإذن الله سمو أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد على القمة الخليجية كاعتراف بمساعي سموه، رحمه الله، وجهود قياديي دولة الكويت في حل هذه الأزمة. بالإضافة إلى جهود الدولة الريادية في استضافة المؤتمرات الدولية للمانحين لفك الأزمة السورية والمساهمة السخية دعمًا للأوضاع الإنسانية السورية، واستضافة محادثات السلام اليمنية، والمؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق، ومساهماتها السخية دعمًا للدول المتضررة من تداعيات انتشار فيروس كورونا.
إلى جانب ذلك فإن دولة الكويت وعن طريق الصندوق الكويتي الذي امتد نشاطه ليشمل 107 دولة في العالم قد كانت له اسهامات في مختلف القضايا الإنسانية والتنموية ، ولعل آخرها كان التزام دولة الكويت بتاريخ 17 سبتمبر 2020 في أعمال الاجتماع الوزاري حول الجمهورية اليمنية والذي عُقد على هامش أعمال الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمبلغ 20 مليون دولار أمريكي يؤمل تخصيصها عن طريق الصندوق الكويتي . كما أن للصندوق الكويتي اسهامات واسعة النطاق من حيث المجال والجغرافيا فيما يخص دعم المجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين حيث التزمت واستضافت دولة الكويت مؤتمرات لدعم اللاجئين السوريين وقد أسهمت هذه الالتزامات التي بلغت 1.8 مليار دولار أمريكي منها حوالي 377.5 مليون دولار أمريكي من موارد الصندوق الكويتي وقد شملت اللاجئين السوريين في كل من جمهورية تركيا ، جمهورية مصر العربية ، جمهورية العراق ، المملكة الأردنية الهاشمية ، والجمهورية اللبنانية ، بالإضافة إلى مساهمات مختلفة مع منظمات أممية وأخرى محلية تعنى بعلاج اللاجئين أو توفير الحياة الكريمة لهم . على صعيد متصل فإن لدولة الكويت نشاط في العراق لعله نشط عقب انتهاء مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي عقد في 14 فبراير 2018 والذي أسهم عن التزامات دولية عدة بلغت حوالي 30 مليار دولار أمريكي بلغت حصة البلاد فيها ملياري دولار أمريكي على هيئة قروض واستثمارات، وقد باشر الصندوق الكويتي بهذه المهمة حيث بدأت عمليات الإقراض مع الجانب العراقي بمشروع تعليمي بقيمة 23.5 مليون دينار كويتي ويجرى الآن بحث مشاريع صحية أخرى.
كما أن للصندوق الكويتي اسهامات عديدة في التصدي للأوبئة والأمراض التي تجتاح العالم ، وآخر هذه الإسهامات الدعم المقدم للدول في مواجهتها جائحة فيروس كورونا المستجد ، حيث ساهم الصندوق الكويتي في مبادرة تأجيل خدمة الديون التي أطلقتها مجموعة العشرين ومجموعة البنك الدولي في إبريل 2020 والتي تهدف الى تمكين الدول الفقيرة من حشد وتركيز مواردها الذاتية لمواجهة التداعيات السلبية للجائحة، هذا بالإضافة إلى تقديم مجموعة من المنح الإنسانية الطارئة التي تم تخصيصها لجهات مختلفة منها هيئات أممية كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) وووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين في الشرق الأدني (UNRWA) ، وفي فلسطين ينفذ من قبل مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني “PAPP” ، ساهم الصندوق الكويتي من خلال البنك الإسلامي للتنمية بمبلغ 42.000.000 دولار أمريكي لبناء محطة معالجة مياه الصرف الصحي الشاملة والوظيفية والتشغيلية التي تخدم أكثر من 217.000 من سكان خان يونس – غزة. وجميع هذه المنح كانت تهدف بشكل أساسي الى مواجهة تداعيات الازمة الصحية القائمة ودعم الوضع الإنساني في المجتمعات المستفيدة.
من جانبها أضافت السيدة/ هادجيالك أن دولة الكويت تشكل نموذجًا دوليًا يقتدى به على صعيد تقديم العون والمساعدة لدعم الأمن والسلم الدولي بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وبناء الشراكات الدولية والإقليمية واتباع دبلوماسية السلام والدبلوماسية الوقائية، مشددتاً على أن هذه الجهود والمواقف السياسية الفاعلة ما هي إلا امتداد لتاريخ متأصل منذ نشأة دولة الكويت، كما أعربت نيابة عن فريق الأمم المتحدة بدولة الكويت عن فائق شكرها وتقديرها للجهود الريادية الكويتية على جميع المستويات لتعزيز الأمن والسلم وتعزيز الشراكات التعددية، وعلى رأسها جهود وزارة الخارجية الكويتية الدؤوبة.
يشكل ميثاق الأمم المتحدة أداة لتعزيز دور الدبلوماسية من أجل السلام كما يرسم النهج الذي ينبغي انتهاجه في ظل تعددية الأطراف وتقوية التزامنا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء عالم أكثر أمانا وعدلا للأجيال المقبلة. وهذا الالتزام ضروري – من جانب الأمم المتحدة ومن جانب الدول وجميع أطياف المجتمع في جميع أنحاء العالم، أكثر من أي وقت مضى.