(كونا) — قال الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) جمال اللوغاني اليوم الثلاثاء إن الدول العربية مرشحة للقيام بدور أكبر في منظومة الغاز الأوروبية على المديين المتوسط والبعيد بفضل المشاريع الجديدة الجاري تنفيذها في كل من قطر والإمارات وسلطنة عمان وموريتانيا.
جاء ذلك في تصريح أدلى به اللوغاني لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمناسبة إصدار المنظمة دراسة بعنوان (إمدادات الغاز في أوروبا في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية.. الفرص والدروس المستفادة).
وأضاف أن الشركات الوطنية في الدول العربية نجحت في إبرام صفقات تعاقدية متوسطة وطويلة الأجل مع العديد من الشركات الأوروبية لبيع وشراء جزء من إنتاجها مستقبلا بإجمالي يفوق الـ15 مليون طن سنويا مستفيدة من التوجه الأوروبي نحو الغاز الطبيعي المسال.
وذكر أن المنطقة العربية كانت حاضرة في مشهد الغاز الأوروبي بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية بفضل العلاقة الاستراتيجية التي تربطها بالدول الأوروبية وخطوط النقل الممتدة بينها وبين الجزائر وليبيا علاوة على الحصة السوقية التي تتمتع بها الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي المسال في السوق العالمي.
وبين أن عدد الاتفاقيات والتفاهمات التي أبرمتها الشركات والدول الأوروبية مع نظيراتها العربية للتعاون في مجال الغاز والغاز الطبيعي المسال خلال الفترة من فبراير 2022 حتى سبتمبر الماضي بلغ نحو 32 اتفاقية تمت خلالها تغطية 12 سوقا أوروبيا.
ولفت إلى أن تلك الاتفاقيات المبرمة ستسمح بتأمين حصة سوقية لها في السوق الأوروبي خلال المديين المتوسط والبعيد تضاف إلى حصتها الحالية بما يعزز من أهميتها كمورد موثوق ومستدام وطويل الأجل للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
وأفاد اللوغاني بأن الدراسة تناولت تحليل انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية على مزيج إمدادات الغاز في أوروبا لا سيما في سوق الاتحاد الأوروبي وكيف تمكنت أوروبا من تخطي أزمة نقص إمدادات الغاز الروسي والدروس المستفادة من هذه التجربة وانعكاساتها على الدول العربية.
وذكر أن روسيا أدت دورا محوريا في تلبية احتياجات السوق الأوروبي من الغاز لسنوات عديدة بيد أن الأزمةالروسية الأوكرانية أدت إلى فقدان روسيا دورها التاريخي كأكبر مصدر للغاز إلى أوروبا بعد أن كانت تلبي نحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز ولجوء أوروبا إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال كخيار يضمن لها تحقيق أمنها لناحية الطاقة ويجنبها الوقوع تحت تأثير أزمات مستقبلية بسبب الاعتماد على مصدر واحد في تلبية جزء كبير من احتياجاتها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت المستفيد الأكبر من هذا “التحول التاريخي” وأصبحت المصدر الأكبر للغاز الطبيعي المسال إلى سوق الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أنه في حال انتهاء الأزمة الروسية الأوكرانية خلال الفترة المقبلة فمن غير المرجح أن تعود روسيا لمكانتها التاريخية كأكبر مصدر للغاز لدول الاتحاد الأوروبي أو أن تستحوذ على حصة سوقية ضخمة تمكنها من استغلال الغاز “كورقة ضغط” كما كان سابقا.
ورأى أنه من غير المحتمل أيضا أن يتم الاستغناء تماما عن الغاز الروسي وإخراجه من معادلة الغاز الأوروبية خصوصا في ظل استمرار اعتماد بعض الدول الأوروبية على الغاز الروسي التي لا تزال لا تملك الوصول إلى السوق العالمي للغاز الطبيعي المسال.
ودعا اللوغاني إلى الاستفادة من نجاح التجربة الأوروبية في تخطي أزمة انقطاع إمدادات الغاز الروسي لما تتضمنها من دروس يمكن الاستفادة منها في حالة حدوث أزمات مماثلة في مناطق أخرى من بينها أهمية التضافر بين الدول لتحقيق المصلحة المشتركة والاستغلال المشترك للبنية التحتية للغاز لضمان مرونة منظومة إمدادات الغاز وتنسيق التخفيض الطوعي للاستهلاك لتجنب حدوث أزمات وضرورة تأمين مخزونات مرتفعة للغاز قبيل قدوم فصول ذروةالطلب.
وأكد أهمية استغلال الدول العربية الراغبة في الاستثمار بمشاريع تصدير الغاز والغاز الطبيعي المسال للفرصة الذهبية الراهنة في السوقين الأوروبية والعالمية في ظل الإيقاف الحالي الذي فرضته الولايات المتحدة على منح تراخيص لمشاريع الإسالة الجديدة لديها والذي قد ينتهي العمل به قبل نهاية 2024.
وأشار إلى ضرورة العمل على استمرار ضخ الاستثمارات في تطوير موارد الغاز الطبيعي باعتبارها الضمانة الرئيسية لتوفير الغاز بأسعار معقولة وتجنب حدوث أزمات طاقة والحيلولة دون اتخاذ إجراءات للتدخل المباشر للتحكم فيأساسيات السوق من عرض وطلب أو وضع سقف سعري على الأسعار في الأسواق التنافسية.