صادق البرلمان البلجيكي بالإجماع على نص قرار يعترف فيه بتعرض الأقلية الإيزيدية في العراق إلى “الإبادة الجماعية” من قبل جهاديي تنظيم “داعش”.
وهذا القرار غير الملزم يدعو الحكومة الفدرالية إلى ملاحقة ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم والسعي إلى تبني مجلس الأمن قرار إحالة هذه الجرائم إلى محكمة دولية.
تبنى مجلس النواب البلجيكي بإجماع أعضائه مساء الخميس قرارا اعترف فيه بارتكاب تنظيم “الدولة الإسلامية” الجهادي المتطرف “جريمة إبادة جماعية” بحق الأقلية الإيزيدية في العراق.
وبأغلبية 139 صوتا من أصل 139 نائبا حضروا الجلسة وافق مجلس النواب على هذا القرار، غير الملزم، والذي يدعو الحكومة الفدرالية إلى “ملاحقة ومعاقبة” مرتكبي هذه الجرائم ودعم أي مبادرة في هذا الاتجاه من قبل المجتمع الدولي.
وحسب نص القرار فإن مجلس النواب “يعترف ويدين جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدولة الإسلامية في العراق والشام (الاسم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية) في العراق وسوريا بحق الإيزيديين اعتبارا من العام 2014”.
“قضاء ممنهج على الإيزيديين”
وفي السياق، أشار النائب جورج دالماني (الحزب الإنساني الديمقراطي الوسطي) الذي شارك في إعداد القرار إلى أن “الرغبة في القضاء الممنهج على الإيزيديين” أثبتتها شهادات لم تبرهن فقط عن وقوع “جرائم قتل” و”نقل أطفال” بل أثبتت كذلك أن الجهاديين عمدوا إلى “القضاء على مواش ومحاصيل” بالإضافة إلى قيامهم “بزرع الحقول بالألغام”.
وحظي القرار بدعم نواب المعارضة والأغلبية مجتمعين، كما أيدته الكتل العشر التي يتألف منها مجلس النواب، وهو أمر نادر الحدوث في بلجيكا. وبهذه الخطوة، ينضم برلمان بلجيكا إلى بضعة برلمانات (كندا وأرمينيا والبرلمان الأوروبي ومقره ستراسبورغ) اعترفت بالجرائم التي ارتكبها التنظيم الجهادي بحق الإيزيديين بوصفها “إبادة جماعية”.
وفي 2017، اتهمت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب التنظيم الجهادي بأنه “مسؤول بوضوح عن ارتكاب إبادة جماعية بحق الإيزيديين والمسيحيين والمسلمين الشيعة” في المناطق التي سيطر عليها.
“الآلاف في عداد المفقودين”
وتعليقا على قرار مجلس النواب البلجيكي قال الزعيم الروحي للإيزيديين بابا شيخ علي إلياس “أدعو جميع دول العالم للاعتراف بالإبادة الجماعية للإيزيديين”. وتابع “بابا شيخ” وهو اللقب الذي يحمله الزعيم الروحي لهذه الأقلية، في قريته شيخكا الواقعة على بعد 50 كلم من الموصل (شمال العراق) “نطالب العالم بالضغط على الحكومة العراقية لكي تعترف بحقوق شعبي”، مذكرا بأن آلاف الإيزيديين ما زالوا في عداد المفقودين.
والإيزيديون هم أقلية ناطقة بالكردية تتركز خصوصا في العراق وسوريا وتعتنق ديانة توحيدية باطنية، وهي عرضة منذ قرون للاضطهاد على أيدي متطرفين يتهمون أتباع هذه الديانة بأنهم من “عبدة الشيطان”.
وبعدما سيطر الجهاديون على الموصل ومحيطها اجتاحوا منطقة جبل سنجار حيث معقل الإيزيديين فقتلوا الآلاف من أبناء هذه الأقلية وسبوا نساءها وأطفالها.
وحسب الأمم المتحدة فقد اختطف الجهاديون آلاف النساء والمراهقات الإيزيديات اللواتي تعرضن لفظائع مروعة، مثل الاغتصاب والضرب والتعذيب والاستعباد وما إلى ذلك من صنوف المعاملة اللاإنسانية.
بدورها أشارت سلطات إقليم كردستان العراق إلى أن الجهاديين اختطفوا أكثر من 6400 إيزيدي وإيزيدية، لم يتمكن سوى نصفهم من الفرار أو النجاة، في حين لا يزال مصير الباقين مجهولا.
وفي قراره دعا مجلس النواب البلجيكي الحكومة الفدرالية أيضا إلى دعم “الجهود المبذولة لتحرير النساء الإيزيديات وأطفالهن الذين ما زالوا محتجزين” من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية”، وإلى القيام بـ”حملة نشطة” في الأمم المتحدة من أجل أن يتبنى مجلس الأمن قرارا ينص على إحالة هذه الجرائم إلى محكمة دولية.
كما طالب القرار الحكومة بأن “تشجع الحكومة العراقية على الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية” ومقرها لاهاي.