(كونا) -– تعتبر التجربة البرلمانية الكويتية الأقدم في المنطقة الخليجية ومن التجارب الريادية في الشرق الأوسط وتنطوي على فرادة وحيوية متقدمة وهي أكثر تعبيرا عن الحياة السياسية منذ استقلال البلاد عام 1961 وحتى ما قبل ذلك بأشكال وأعراف اعتاد عليها الكويتيون في إدارة شؤون البلاد والتفاعل الحقيقي بين الحاكم والشعب.
وقد أسس دستور البلاد الذي ارتضاه الكويتيون في فترة الاستقلال لتجربة فريدة ومتميزة في مبدأ فصل السلطات ووضع سقفا عاليا للحريات خصوصا حرية التعبير مع الدور المهم والرائد لمجلس الأمة في التشريع والرقابة وتمثيل الشعب والأخذ بقضاياه.
وشكلت هذه التجربة البرلمانية خصوصا والتجربة السياسية عموما في الكويت نقطة مضيئة وباتت نموذجا يحتذى لتجارب مماثلة في الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة والإقليم.
كما أعطت صورا متعددة لحيوية المجتمع الكويتي والمستوى العالي للشعب ثقافيا ومعرفيا واجتماعيا وتجربته الانتخابية الرائدة التي سجلت محطات مضيئة من العمل والتعاون في تحقيق الإنجازات على طريق النهضة والبناء والتنمية المستمرة.
مشاركة المواطنين في القرار وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عيسى العميري لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأربعاء إن القيادة الكويتية دائما كان لها دور ورؤى استشرافية لاسيما في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم وتجسد ذلك في عقد اجتماعي قوامه الديمقراطية وحق المواطن في المشاركة السياسية كما كانت القيادة حريصة دائما كل الحرص على مشاركة مواطنيها في صنع القرار واستخدام مبدأ الشورى في كل ما يهم أمور الدولة والحياة الاجتماعية وعلى رأسها السياسية.
وأضاف العميري أن هذا التوجه توج تنفيذه في عهد الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه عندما أولى هذا الأمر أهمية قصوى وعمل رحمه الله على استكمال الحكم الدستوري وتعزيز المشاركة الشعبية في المسيرة الديمقراطية لينعم فيها المواطنون بالمزيد من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
وذكر أنه في يناير عام 1962 تم انتخاب المجلس التأسيسي ليتولى وضع دستور دولة الكويت الذي تم إقراره في جلسة 3 نوفمبر 1962 وتمت المصادقة عليه لتدخل البلاد مرحلة الشرعية الدستورية واعتبر هذا الدستور إنجازا بارزا في تاريخ الكويت الحديث ونظامها السياسي إذ يفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ويضع الضوابط لضمان المشاركة الشعبية الواسعة في امور الحكم والرقابة على السلطة التنفيذية ويضمن الحريات الاساسية للمواطنين.
وبين أنه تتويجا لذلك وفي 23 يناير عام 1963 وتنفيذا لأحكام هذا الدستور جرت أول انتخابات عامة في الكويت لاختيار أعضاء مجلس الأمة لتمثل الدور الاستشرافي بكامله لوضع عقد اجتماعي قوامه الديمقراطية وحق المواطن في المشاركة السياسية.
وردا على سؤال عن فرادة الدستور ودور مجلس الأمة في التعبير عن قضايا المواطن وتاليا المشاركة في البناء والتنمية والرقابة والتعاون مع السلطة التنفيذية أفاد العميري بأن هذه الفرادة تكمن في ممارسة ممثل الأمة أو النائب لحقه الذي كفله له الدستور في الرقابة والمحاسبة لأداء الحكومة وسن القوانين والقرارات التي تخدم المواطن وتساهم في المشاركة بالبناء والتنمية.
وعن كيفية تجلي فرادة وتميز التجربة البرلمانية الكويتية مع مثيلاتها في المنطقة والإقليم لفت العميري إلى أن الكويت عرفت الديمقراطية قبل أن تعرف المنطقة العربية التطبيق الديمقراطي بالصيغ والأشكال المألوفة إذ جبلت الكويت منذ تأسيسها على الشورى والتواصل والتلاحم بين أفراد مجتمعها الصغير من خلال الدواوين التي هي في الواقع برلمانات محلية مصغرة تنتشر في أحياء الكويت القديمة يتبادل فيها أهل الرأي والشورى آراءهم ثم تتوارد فيما بعد حتى أصبحت تعقد في كل بيت تقريبا وبشكل دائم وتجمع بين أفراد العائلة الكويتية والجيران والأصدقاء.
وبين أنه تتويجا لتلك الفرادة والتميز للتجربة البرلمانية الكويتية جاءت أول تجربة انتخابية في هذا المجتمع الصغير عن طريق إنشاء المجلس البلدي عام 1930 وصولا إلى عهد الشيخ عبدالله السالم عندما جرت في عهده انتخابات مجلس الأمة عام 1963 وكانت نقلة مهمة في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية وتجربتها الديمقراطية. وعن أبرز القضايا التي يعلق المواطنون آمالا كبيرة عليها من مجلس الأمة في دوره التشريعي الثامن عشر (أمة 2024) قال إنها تتوزع ما بين محاربة الفساد تقاطعا مع رؤية صاحب السمو أمير البلاد وفتح ملفات الفساد بالتعاون مع السلطة التنفيذية بطبيعة الحال واستكمال مسيرة التنمية ومواكبة المنافسة الحاصلة حاليا في منطقة الخليج العربي لتحسين وتطوير الاقتصاد بما يواكب التوجه العالمي الجديد للاقتصاد وأيضا زيادة الدخل القومي بعيداً عن المصدر الوحيد للدولة وهو النفط والتركيز على الصندوق السيادي واستثمارات الدولة في هذا الصدد. ولفت العميري في هذا الشأن أيضا إلى قضية الإصلاحات في الدولة وأيضا القضية الإسكانية وقضايا المتقاعدين وتطوير التعليم والنهوض به وقضية حماية الجنسية والنسيج الوطني وغير ذلك من قضايا معروفة.
فرادة الدستور الكويتي من جانبه أشاد عميد السلك الدبلوماسي سفير طاجيكستان لدى البلاد زبيدالله زبيدوف بالدور الاستشرافي للقيادة الكويتية عبر عقود وعقود خصوصا في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم والذي تجسد في وضع عقد اجتماعي يقوم على الديمقراطية وحق المواطن في المشاركة السياسية من خلال تشجيع الحوار المفتوح وتعزيز الحريات الأساسية وكان واضحا أن الشيخ عبدالله السالم رحمه الله كان متنورا ويملك بعد نظر إلى جانب حكمته وعدله.
وقال زبيدوف لـ(كونا) إن فرادة الدستور الكويتي تتجلى في دور مجلس الأمة بالتعبير عن قضايا المواطن والمشاركة في البناء والتنمية والرقابة من خلال صلاحياته التشريعية والرقابية التي يمنحها الدستور مما يسهم في تحقيق التوازن بين السلطات وضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية.
وذكر أن التجربة البرلمانية الكويتية تتميز بتاريخ طويل من المشاركة السياسية والديمقراطية وهي تعتبر من بين أقدم التجارب البرلمانية في المنطقة مما يجعلها تحظى بمكانة خاصة وتمتلك تجربة قيمة يمكن الاستفادة منها.
وأشار إلى أهمية هذه الانتخابات التي تعبر عن حيوية الكويت وشعبها وحيث يعلق المواطنون آمالا كبيرة على مجلس الأمة في دوره التشريعي الثامن عشر (أمة 2024) ومنها تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة.