«التمييز» ترفض إلغاء السجلات الجنائية لمواطن لدى «الداخلية»

رفضت محكمة التمييز الإدارية الثالثة برئاسة المستشار د. عادل بورسلي حكم محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى الإدارية المقامة من احد المواطنين ضد وكيل وزارة الداخلية، بطلب إلغاء السوابق الجنائية المسجلة بحقه لدى أجهزة “الداخلية”، بعدما حصل على رد الاعتبار القانوني له.

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، ان المواطن لا ينازع بوجود صحيفة السوابق الصادرة بحقه، وبالتالي لا يوجد اي قرار سلبي امتنعت عنه جهة الادارة، فضلا عن أن تلك البيانات محاطة بالسرية وعدم التداول.

وأضافت المحكمة أن الطعن يقوم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالاوراق، استنادا الى ان الحكم المطعون فيه قد انتهى الى إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الاداري؛ تأسيسا على ان الطاعن لم ينازع في خلو صحيفة السوابق الجزائية الخاصة به من أي بيان لهذه القضية.

وتابعت أن الغرض من إدراجها في اجهزة حاسوب وزارتي الداخلية والعدل هو ان تكون جهة الادارة علی علم ومعرفة بكل القضايا المسجلة على جميع افراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، وما تم فيها وتوثيق المعلومات والبيانات الخاصة بها وليس للتداول بين الكافة، والاحتفاظ بهذه المعلومات والبيانات في السجلات الخاصة بجهة الادارة مسألة متعلقة بالمصلحة العامة، لاسيما أن تلك المعلومات وهذه البيانات امر سري وغير مسموح بتداولها للجمهور، ولكنها معلومات وضعت داخل قاعدة بيانات خاصة تتطلبها ضرورة حماية الامن العام.

وذكرت “ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة، لأنها لا تنصب في محلها على قرار إداري سلبي، في حين انه قد ذكر في صحيفة دعواه أنه لدى مراجعته لأية إدارة تابعة لوزارة الداخلية تظهر بيانات تلك القضية، مما يشكل عائقا ومانعا له في قضاء مصالحه، ولا تمكنه من استكمال ما يقوم به من اعمال، وانه تقدم بطلب الى الادارة العامة للتحقيقات لرد اعتباره القانوني، وقامت الادارة المذكورة بحفظ الطلب لعدم وجود سوابق قضائية مقيدة بحقه يمكن رد اعتباره عنها، ورغم ذلك تظهر تلك القضية بجهاز وزارة الداخلية والفروع التابعة لها، وأن الجهة الادارية نكلت عن الرد عليه أو تقديم المستندات اللازمة للفصل في الدعوى على الرغم من أن محكمة اول درجة كلفتها بذلك، وأجلت نظر الدعوى لأكثر من جلسة، إلا أنها لم تقدم ثمة دفاع تبين من خلاله أسباب امتناعها عن محو بیانات تلك القضية”.

محو البيانات

وأوضحت أن “المحكمة التفتت عن كل المستندات المقدمة منه، والتي تظهر الوجه الحقيقي للنزاع، وانه محق في جميع طلباته، مما يظهر معه جليا بما لا يدع مجالا للشك ان هناك قرارا سلبيا بالامتناع من الجهة الادارية عن محو تلك البيانات جديرا بالإلغاء، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب تميیزه”.

ولفتت إلى أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم اليها من أدلة وبيانات ومستندات واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى، وان التعرف على حقيقة طلبات الخصوم هو من شأن محكمة الموضوع، وعليها أن تنزل وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم على تلك الطلبات، بغير معقب عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغا وله اصله الثابت في الاوراق، دون خروج عن طلبات الخصوم، او استحداث طلبات جديدة لم تعرض عليها.

دعوة الالغاء

وإن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن دعوى الإلغاء دعوى عينية توجه بالأساس الى القرار الاداري، فإذا انتفى وجود القرار انتفى مناط قبول الدعوى، وأن القرار السلبي يتحدد قوامه ومعناه بما نصت عليه الفقرة الاخيرة من المادة (4) من المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الادارية المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1982 من أنه “يعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الادارية او امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح”، ومؤدى ذلك ان القرار السلبي بالامتناع يتمثل في امتناع جهة الادارة عن اصدار قرار كان من الواجب عليها إصداره وفقا للقوانين واللوائح، بأن يكون ثمة نص في قانون او لائحة يلزمها باتخاذ القرار، ومع ذلك تمتنع او ترفض اصداره، في هذه الحالة يعتبر المشرع ان هذا الامتناع او الرفض من جانب جهة الادارة في حكم القرار السلبي، ويجوز للأفراد مخاصمته بدعوى الالغاء، أما إذا كان الامر على خلاف ذلك، ولم يكن ثمة نص في قانون او لائحة يلزم جهة الادارة بالتدخل واصدار القرار، فإن امتناعها لا يشكل قرارا سلبيا مما يجوز الطعن عليه إلغاء وتعويضا.

وأكدت المحكمة أن الثابت من الاوراق ان الحكم المطعون فيه قد شيد قضاءه بعدم قبول الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية المطعون ضدها السلبي بالامتناع عن محو بيانات القضية، والمستأنفة من اجهزة “الداخلية” والفروع التابعة لها؛ وذلك لانتفاء القرار الاداري تأسيسا على ان الطاعن لم ينازع في خلو صحيفة السوابق الجزائية الخاصة به من اية بيانات لهذه القضية، وان الغرض من ادراج بيانات القضية المشار اليها في اجهزة الحاسوب الآلي لوزارتي الداخلية والعدل، ان تكون جهة الادارة على علم ومعرفة بكل القضايا المسجلة على كل افراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، وبيان ما تم فيها وتوثيق المعلومات الخاصة بها، وان هذه البيانات محاطة بالسرية وليست للتداول وسرية بطبيعتها، ولا يجوز لغير “الداخلية” الاطلاع عليها، وبما لا يلحق بصاحب الشأن ضرر بسببها- تحت رقابة القضاء- ومن ثم لا يقوم في جانب الجهة الادارية ثمة قرار سلبي، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بعدم قبول الدعوى، فإن النعي عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

 

Exit mobile version