الجفاف يهدد غذاء التونسيين وإرثهم الثقافي

تواجه تونس أزمة جفاف ونقص في المياه، ستدفع البلاد لاستيراد ما نسبته 95% من احتياجاتها من الحبوب، ما يهدد الأمن الغذائي والإرث الثقافي للمواطن التونسي، بحسب خبير بيئي.

وتشهد تونس منذ أسابيع أزمة خبز تفاقمت إثر احتجاجات نفذها أصحاب المخابز، بعد قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد منع تزويدهم بالدقيق المدعوم، على وقع نقص الحبوب التي قل إنتاجها بشكل كبير، في الدولة التي تعاني من تراجع كبير في كميات مياه الأمطار خلال السنوات الأخيرة.

ويشتكي مسؤولون ومواطنون في تونس من تأثر زراعة الحبوب وانعكاسها على الأمن الغذائي، وسط تحذيرات من تراجع كميات البذور أيضاً.

مشكلة قديمة
ويقول الخبير البيئي التونسي لـ 24 إن “تونس تواجه للسنة السابعة على التوالي باستثناء عام 2018، أزمة جفاف مرتبطة بتراجع كميات مياه الأمطار، ما أدى إلى نقص كبير في إنتاج الحبوب”.

ولفت حشاد إلى أن هذا الأمر “انعكس على الميزان التجاري، وتشكلت بوادر أزمة غذائية تتمثل في طوابير الانتظار للحصول على الخبز، وبعض منتجات الحبوب، في بلد يحتفظ مواطنوه بإرث ثقافي مرتبط بالحبوب يسمى (العولة)”.

والعولة مصطلح يطلق على المخزون الغذائي من أصل نباتي، الذي يخزن بشكل خام كالحبوب أو التمر، أو بتحويله إلى مواد نصف جاهزة للاستهلاك.

وفي تونس يعتبر تخزين الحبوب أو تحويلها إلى دقيق أمراً لا غنى عنه لإنتاج الأكلات الشعبية.

وبيّن الخبير البيئي أن “تراجع سقوط الأمطار جعل السدود في أسوأ حالاتها، إذ لم تتجاوز سعتها التخزينية 36%، الأمر الذي أثر سلباً على الزراعة البعلية التي تعتمد على مياه الأمطار”.

إجراءات حكومية.. قاصرة
وفيما يتعلق بالإجراءات الحكومية لمواجهة هذه الظاهرة، قال الخبير البيئي إن “الدولة منعت بعض الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه سواء من السدود والبحيرات، وتحديد مساحات لبعض المزروعات، وقطع المياه عن الاستعمالات المنزلية لفترات محددة”.

غير أن حشاد يرى أن “نتائج هذه الإجراءات محدودة، مطالباً بالتدخل بإجراءات حقيقية في القطاع الزراعي المسؤول عن 80% من استهلاك المياه، ووضع حد للإهدار الذي يحصل هناك”.

وعبر عن استغرابه من “بقاء هذا القطاع الحيوي تحت إشراف جمعيات ومتطوعين ليس لديهم الخبرة”، مشيراً إلى “وجود أحاديث عن توجه لتحلية مياه البحر لسد بعض النقص واعتماد منظومة زراعية أكثر اقتصاداً للمياه”.

لكن حشاد أكد أن “الإشكالية الكبيرة هي أن معظم المنتجات الزراعية التي تصدرها تونس تعتبر مستهلكة للمياه، لم يتم اتخاذ إجراءات فيها لأنها مملوكة لعائلات نافذة”.

ودعا الخبير البيئي إلى “منع تصدير كل المنتجات التي تستهلك المياه بشكل كبير”، متسائلاً إن “كانت احتياطات تونس المائية مخصصة للاستهلاك المحلي أم للتصدير”.

واعتبر حشاد أن “بقاء تصدير المواد المستهلكة للمياه تحت مبرر العملات الصعبة، يعد نوعاً من التبعية والاستعمار الزراعي”.

ويختم الخبير البيئي حديثه بالقول إنه “بخصوص الحرب الأوكرانية، فإنها أطلقت رصاصة الرحمة على الاقتصاد التونسي، من خلال طوابير الخبز وانقطاع الطحين والمنتجات الأخرى كالزيوت النباتية”، لافتاً إلى وجود “أزمات أخرى تتعلق بالأرز أيضاً في ظل أزمة اقتصادية داخلية والتغيرات المناخية في الدول المنتجة بشرق آسيا”.

Exit mobile version