«الدستورية» تُبطل حصانة قرارات «التحكيم الطبي» من الطعن في حالات إصابة العمل والمهنة

قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار محمد بن ناجي، أمس، في الطعن المحال من المحكمة الكلية في الدعوى المقامة من مواطنة في مدى دستورية المادة 5 من قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، رقم 206 / ع لسنة 2011 في شأن تنظيم إجراءات التحكيم الطبي، بعدم دستورية نص المادة 5 من قرار الوزير المشار إليه، في شأن تنظيم إجراءات التحكيم الطبي في حالات إصابات العمل والمهنة، فيما تضمنته من اعتبار قرار لجنة التحكيم الطبي نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي شكل من الأشكال.

وكانت المواطنة قد أقامت دعواها أمام المحكمة الكلية بطلب إلغاء قرار لجنة التحكيم الطبي لإصابات العمل التابعة لإدارة الصحة المهنية قسم الصحة المهنية بوزارة الصحة الصادرة بتاريخ 5 / 10 / 2017، بتحديد إصابة المدعية الصحية باعتبارها عجزاً دائماً يقدر بنسبة (3 في المئة) من قدرة الجسم الكلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من القول إنها تعمل في شركة نفط الكويت، وقد تعرضت لحادث مروري نتج عنه إصابات متعددة بجسدها، وعرضت على لجنة التحكيم الطبي التي أصدرت قرارها المشار إليه بتقدير نسبة العجز لديها (3 في المئة ) من قدرة الجسم الكلية، في حين أن هذا التقدير لا يتناسب مع ما تعانيه من إصابات شديدة بالظهر والعنق واليدين والتي قد تؤدي بها إلى العجز الكلي، وهو ما يستوجب عرضها على الطب الشرعي، لإعادة تقدير نسبة العجز لديها حتى يتسنى لها المطالبة بإحالتها إلى التقاعد الطبي المبكر وبالتعويض المناسب عما أصابها من أضرار، وهو ما حدا بها لإقامة دعواها بطلباتها سالفة البيان.

وأدخلت المدعية (شركة نفط الكويت) خصماً في الدعوى، باعتبارها من العاملين لديها، وندبت المحكمة الطب الشرعي الذي أودع تقريراً اعترضت عليه المدعية، فأعادت المحكمة الدعوى إلى إدارة الطب الشرعي، وندبت لجنة ثلاثية من أطبائها المختصين، وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها، حكمت المحكمة بجلسة 21/ 5/ 2019 بوقف الدعوى تعليقاً، وبإحالتها إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية المادة (5) من قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل رقم ( 206 /ع) لسنة 2011 في شأن تنظيم إجراءات التحكيم الطبي في حالات إصابات العمل وأمراض المهنة، فيما تضمنته من اعتبار قرارات لجنة التحكيم الطبي نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي شكل من الأشكال، بعد أن ارتأت من تلقاء نفسها أن ما تضمنته هذه المادة من تحصين قرارات اللجنة من رقابة القضاء يثير شبهة عدم الدستورية لمخالفتها المادة (166) من الدستور.

وذكرت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها أن في قيام قضاء إداري له ولاية إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون، وولاية التعويض عنها، هو ركن أساسي في النظام الدستوري، وقد تضمنه نص صريح في المادة (169) من الدستور، محددة بذلك الوسيلة القانونية للمطالبة القضائية، دعماً للضمانة الأصيلة التي يحققها للأفراد إذا حافت بهم تلك القرارات. وكانت لجنة التحكيم المشكلة بموجب قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل المشار إليه، هي بحكم تشكيلها وبحسب طبيعة عملها لجنة إدارية، تنحسر عنها الصفة القضائية، ولا تباشر عملاً من أعمال الخصومة القضائية، وبالتالي فإن ما يصدر عنها من قرارات هي محض قرارات إدارية، وإذ نصت المادة (5) المطعون فيها على اعتبار هذه القرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي شكل من الأشكال، فإنها تكون بذلك قد حصنت هذه القرارات من رقابة القضاء، ومنعت الأفراد من ممارسة حقهم الدستوري بالتقاضي، وأسبغت الحماية على تلك القرارات بقطع النظر عن مدى مشروعيتها، وأغلقت باب المنازعة القضائية في شأنها، وإذ حجب النص الطعين القضاء عن نظر الطعن على هذه القرارات، مما يمثل إخلالاً بحق التقاضي، وخروجاً على مبدأ المساواة، وتعارضاً مع مبدأ فصل السلطات، ومجافياً لصحيح احكام الدستور المنصوص عليها في المواد 29 و50 و166 من الدستور، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستوريته.

رفض الطعن على غموض تجريم «الربا الفاحش»

في طعن على عدم دستورية المادة 230 من قانون الجزاء في شأن الربا الفاحش، قضت المحكمة الدستورية، في الجلسة أمس، برفض الطعن.

وكانت محكمة الجنايات قد أحالت الطعن، بعد أن دفع المتهم بعدم ستورية نص المادة 230 من قانون الجزاء التي تنص على أن «كل من استغل حاجة شخص أو طيشه أو هواه واقراضه نقودا بربا فاحش، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة وسبعين ديناراً او بإحدى هاتين العقوبتين» وذلك لغموضه وعدم تحديد الفعل المؤثم قانونا بصورة واضحة بالمخالفة للمواد 7 و29 و30 و32 من الدستور.

رفض الطعن بالعلاوة الاجتماعية للموظفة الكويتية

في قضية أخرى، رفضت المحكمة الدستورية، في جلسة أمس، الطعن بالعلاوة الاجتماعية للموظفة الكويتية المتزوجة من فئة «متزوج».

وكان الطعن المحال من المحكمة الإدارية في شأن الدعوى المقامة من مواطنة شيدت طعنها على شبهة عوار دستوري واضح ومخالف لمبدئي المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها بالمادتين 7 و29 من الدستور، اللتين اوجبتا ان يكون جميع الموظفين المخاطبين بالقانون أمامه سواء لا تفرقة بينهم أو تمييز، بسبب الجنس أو الأصل او اللغة أو الدين، في حين أن نص المطعون عليه أوجد تفرقة واضحة بين الرجل والمرأة الموظفين أصحاب المركز القانوني الواحد والمتماثل، وهو ما ينطوي على تمييز تحكمي منهي عنه على أساس الجنس بإعطائه العلاوة الاجتماعية «فئة متزوج» للموظف الذكر دون الانثى، وهو ما يؤكد جدية الدفع بهدم دستورية المادة الأولى من قرار مجلس الخدمة المدنية 1 /1979، فيما تضمنه من منح العلاوة الاجتماعية للمرأة المتزوجة على فئة «اعزب» فقط رغم كونها متزوجة بالمخالفة لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.

وطالبت بعدم دستورية نص البند رقم 1 من المادة 1 من قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1 لسنة 1979 في شأن العلاوة الاجتماعية لموظفي الدولة، فيما تضمنه من النص على منح الموظفة في جميع الأحوال العلاوة الاجتماعية فئة اعزب، بالمخالفة لنص المواد «7. 8. 9. 16. 20. 22. 29. 41» من الدستور، وبالمخالفة لمعاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو» والصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمصدق عليها من دولة الكويت بالمرسوم الأميري رقم 24 /1994.

Exit mobile version