أعربت السفيرة الفرنسية لدى البلاد كلير لو فليشر عن سعادتها للاحتفال بمرور 40 عاما على تأسيس المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية (CEFREPA)، في اليمن عام 1982، ثم اعتماد مقره في الكويت قبل 8 سنوات.
وأضافت في مؤتمر صحافي عقد في مقر المركز بحضور حشد من الأكاديميين والمواطنين ورؤساء البعثات الديبلوماسية، أن المركز يعتبر جزءا من شبكة من المعاهد البحثية الفرنسية في الخارج، مشيرة الى انه يغطي سبع دول من شبه الجزيرة العربية وهي اليمن والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان.
وبينت ان المركز الذي يقع مقره في مدينة الكويت وله فرعان في سلطنة عمان «جامعة السلطان قابوس» والإمارات العربية المتحدة «السوربون أبوظبي» وباحث يمثل أنشطتها في اليمن.
وذكرت ان المركز هو أحد أكبر مراكز الأبحاث الفرنسية في العالم من حيث التغطية الجغرافية والأكبر في العالم العربي، مشيدة بعلاقاته المتميزة مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب وجامعة الكويت والمكتبة الوطنية ودار الآثار الإسلامية والمنظمات العلمية والثقافية المختلفة الموجودة في البلاد.
وأضافت لو فليشر أن المركز يصنف كلاعب رئيسي في البحث بمجال الإنسان والعلوم الاجتماعية والتاريخ وعلم الآثار والفكر السياسي وعلم الاجتماع، وقام بتنظيم المؤتمرات والندوات والمعارض والإصدارات الأكاديمية والترجمات، اضافة الى دورة مكثفة في اللغة العربية تنظم كل عام في شهر يناير، وفعاليات علمية لنشر المعرفة وتعزيزها، إضافة الى بعثاتها الأثرية التي تغطي أراضي شبه الجزيرة العربية.
حماية التراث
وأشارت لو فليشر الى أن المركز يشارك أيضا بنشاط في حماية التراث المهدد بالتوسع في تخطيط المدن الحديثة أو في مناطق النزاع، بالتدمير والنهب، كما ينفذ العديد من أعضاء المركز مشاريع لترميم الآثار القديمة، وأرشفتها وفهرستها وحصرها بهدف حمايتها ونقلها إلى الأجيال القادمة. وقالت إن هذا الإجراء مكّن المركز من دعم سلطات العديد من بلدان شبه الجزيرة العربية بهدف إدراج اليونسكو لمواقع معينة كمواقع تراث عالمي، لافتة الى أن العديد من أعضاء المركز هم خبراء مع اليونسكو ويعملون مع عدة مؤسسات أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف المساعدة في الحفاظ على التراث المادي وغير المادي وتعزيزه.
دراسات المركز
من جهته، قال مدير المركز مكرم عباس إن الاحتفال بذكرى تأسيس المركز تعود لأهميته بالنسبة للكويت ولشبه الجزيرة العربية ككل، إذ إنه لا يهتم فقط بالآثار، وإنما يهتم أيضا بكل العلوم الإنسانيـة والاجـتماعية، انطلاقا من منهجية علمية دقيقة، مؤكدا العمل مع الجامعيين في الكويت ومع مؤسسات ثقافية ومراكز البحوث، لإعطاء صورة دقيقة وعلمية عن مجتمعات الخليج.
وعن طبيعة هذه الدراسات، أوضح عباس أنها «دراسات في علوم الانثروبولوجيا، وعلوم الاجتماع وعلوم السياسة والأدب واللغة، وعلم الآثار»، لافتا الى أن البحوث أثبتت أن الجزيرة العربية لم تكن صحراء قاحلة كما نجدها في العديد من الكتب، وإنما كانت تزخر بالحضارة والثقافات، وكانت منفتحة على غيرها من الثقافات المجاورة، مثل الهند والثقافة الرومانية والأفريقية، كما أن هناك حضورا للعديد من اللغات اللاتينية واليونانية في آثار شبه الجزيرة العربية، ما يدل على وجود العديد من نقاط التلاقي والتلاقح بين هذه المنطقة وبين الثقافات المجاورة.
اكتشافات حديثة
وفيما يتعلق بأحدث الاكتشافات التي عثر عليها في الكويت، أوضح أنه ما بين عامي 2012 و2013، اكتشف فريق التنقيب الفرنسي وجود آثار لدير وكنيسة ومجتمع مسيحي يعود الى القرن الثامن، موضحا أنه «حتى بعد ظهور الإسلام وتحديدا الفترة العباسية، ظل هذا الوجود قائما في جزيرة فيلكا، ما يعني أنه كان هناك نوع من التعايش بين الاسلام والمسيحية في الكويت»، هذا اضافة الى موقع القلعة الذي نجد فيه حضور ما تبقى من جيش الاسكندر المقدوني عندما مر بجزيرة فيلكا، ما يعكس وجود حضارة مشتركة ما بين الشرق والغرب.