(كونا) – أكد مدير وحدة التأهب لمخاطر العدوى في منظمة الصحة العالمية المكتب الإقليمي لشرق المتوسط الدكتور عبدالناصر أبوبكر أن إجراءات دولة الكويت للاستجابة لجائحة كورونا (كوفيد-19) اتسمت بالحسم والسرعة والشمول وأهم ما يميزها تقييمها للمخاطر لتحديد الاحتياجات الواجب تلبيتها والفجوات المطلوب رأبها على نحو أفضل.
وقال أبوبكر في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) الخميس إن الكويت شكلت منذ البداية ثلاث لجان رفيعة المستوى تشارك مباشرة في أنشطة الاستجابة لمرض (كوفيدـ19) وفعلت نظام المراقبة والترصد الذي يتسم بالرسوخ كذلك برنامج الوقاية من العدوى ومكافحتها الذي يتسم بالقوة.
وأضاف أنه تم أيضا تنفيذ الاحتياطات القياسية للوقاية من العدوى ومكافحتها في مستشفيات العزل بشكل كبير وهناك مرافق للتعامل مع حالات (كوفيدـ19) مجهزة جيدا وتم اتخاذ تدابير مهمة من أجل إنشاء نظام متكامل لجمع البيانات وإدارتها.
وذكر أنه بناء على الإجراءات الاحترازية المتخذة في الكويت في ضوء تقييم المخاطر لتحديد الاحتياجات لتلبيتها والفجوات لرأبها فقد عززت دولة الكويت منذ بداية الأزمة الترصد الفعَّال في كل نقاط الدخول إلى البلاد والمستشفيات والمراكز الصحية.
ولفت بهذا الشأن إلى تطبيق الكويت أيضا التحرِّي عند الدخول على جميع المسافرين القادمين من البلدان الموبوءة وتدريب العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية وتتبع المخالطين وعزلهم في الحجر الصحي وعزل حالات الإصابة المؤكدة وتدبيرها علاجيا وتوعية العامة.
وأعرب أبوبكر عن التقدير لتبرع دولة الكويت لمنظمة الصحة العالمية من أجل مكافحة (كورونا) لافتا إلى أن الكويت إحدى الدول المانحة التي تحرص على دعم جهود وأنشطة المنظمة خصوصا في مجال الاستجابة للاحتياجات الصحية والإنسانية للبلدان التي تواجه أزمات وطوارئ وتعايش صراعات طويلة الأمد.
وذكر أنه بفضل الإسهام السخي لدولة الكويت “أمكننا الوصول للعديد من الفئات الأكثر احتياجا بخدمات الرعاية الصحية والمستلزمات المنقذة للحياة وتشغيل المرافق الصحية التي تتعرض للتلف وغيرها من أنشطة تتعلق بالاحتياجات وتتطلب سدالفجوة التمويلية ونشكر دولة الكويت على دعمها السخي وروح التضامن التي تتحلى بها”.
وبسؤاله عن تفاوت أرقام الإصابة وحالات الشفاء بالمرض عالميا وعن إمكانية اعتبار مرحلة ذروة انتشاره عالميا وتطويقه مؤشرا مهما على طريقة التعامل معه أفاد بأن أعداد حالات الإصابة ومعدلات الوفاة تتفاوت من إقليم لآخر ومن دولة لأخرى بل ومن منطقة لأخرى داخل الدولة نفسها وهذا أمر يعود إلى المسارات المختلفة التي يتخذها الفيروس في تفاعله مع بيئات مختلفة.
ولاحظ وفقا لهذا التفاوت “أن نقطة الذروة تختلف بدروها فهناك بلدان قليلة بلغت نقطة الذروة قبل سائر دول العالم ويعزى هذا إلى عدة عوامل منها توقيت بداية المرض وسرعة تنفيذ حزمة الإجراءات الاحترازية وأيضا عادات الشعوب ومدى التزامها بتوصيات المؤسسات الصحية أما أغلب بلدان العالم فلا تزال تشهد صعود المنحنى الوبائي ولا يمكن التنبؤ بالوقت الذي ستصل فيه لنقطة الذروة”.
وقال أبوبكر إنه في إقليم شرق المتوسط ظهر الفيروس متأخرا نسبيا وظلت وتيرة الانتشار بطيئة في معظم البلدان لكن وفي الأسابيع الأخيرة تضاعفت أعداد الحالات بوتيرة متلاحقة وشهد الأسبوع الأخير منحنى تصاعديا في 19 بلدا مقابل انخفاض بسيط في ثلاثة بلدان.
وعما إذا كنا بعيدين عن التوصل للقاحات أو علاجات لمرض (كوفيدـ19) ومعايير الصحة العالمية لاعتماد علاج أو لقاح أفاد بأن المنظمة أعلنت منذ البداية بوضوح أن تطوير لقاح أو علاج لفيروس جديد لم تعرفه البشرية من قبل سوف يستغرق وقتا يتراوح بين 12 و18 شهرا.
وأضاف “قمنا بجهود لتنسيق العمل مع المراكز البحثية والبلدان ذات القدرات في هذا المجال والخبراء المعنيين وقطعنا إلى الآن شوطا لا بأس به على مسار المراحل التي يستغرقها الوباء ولدينا حوالي 80 لقاحا قيد التجريب دخلت منها ستة لقاحات مرحلة التجارب السريرية ولدينا تجربة التضامن التي تهدف إلى اختبار فعالية عدة أدوية بهدف الإسراع بوتيرة التجارب وانضمت إليها أكثر من 100 دولة”.
وعن المخاوف من موجة ثانية للفيروس كما يشاع في الصين وهل من مخاوف أيضا تتعلق بالتطور الجيني للفيروس أوضح أنه أحد الاحتمالات “التي نضعها بالحسبان أن يتخذ الفيروس مسار الموجات الارتدادية لذا نحذر من التسرع برفع الإجراءات الاحترازية قبل توفر الاشتراطات اللازمة التي تطمئننا إلى إمكانية رفع الإجراءات أو التخفيف من القيود تدريجيا أما عن التطور الجيني للفيروس فلا توجد أي دلائل علمية أو بينات على هذه الاحتمالية حتى الآن”.
وبسؤاله عن التطبيق السلوكي حول العالم لتطويق انتشار الفيروس وهل نجحت تقنية العزل والتباعد الاجتماعي وما الذي جعل دولا أخرى تتبع عكس ذلك بتقنية مناعة القطيع أوضح أن العزل والتباعد البدني أحد التدخلات عالية الفعالية التي تهدف لقطع سلاسل انتقال الفيروس في المجتمع.
ولفت أبوبكر في هذا الشأن إلى حزمة كبيرة من الإجراءات التي تندرج تحت هذه الفعالية بدءا من المكوث الطوعي في المنزل والإغلاق الجزئي للمؤسسات والمدارس ودور العبادة وأماكن العمل وانتهاء بالحظر الشامل والإغلاق التام.
وتابع أن كل بلد اختار مجموعة من الإجراءات التي رأى أنها الأنسب لظروفه ولدرجة انتشار الفيروس بين مواطنيه أواحتمالات انتشاره “ولاحظنا تفاوت نتائج سياسة العزل والتباعد البدني بين بلد وآخر ومنطقة وأخرى”.
وأفاد بأن سبب التفاوت يعود إلى مدى إدراك المواطنين أو اقتناعهم بأهمية إجراءات الحظر والتزامهم بالإجراءات التي اتخذتها السلطات في بلدانهم “لذلك نقول إن السلوكيات الفردية لها دور كبير في الاستجابة للجائحة وهي ترتبط بالتوعية منناحية وبالحسم والجدية في فرض التدابير الاحترازية من جهة أخرى”.
وعن تقييمه لتجربة دولة الكويت بأكبر عملية إجلاء في تاريخها لأكثر من 35 ألف مواطن حول العالم أوضح أن الكويت قامت بهذه الخطوة في إطار حرصها على حماية مواطنيها وإحاطتهم بالرعاية اللازمة في وطنهم وهو أمر محمود وإيجابي وقد واكب عملية الإجلاء تطبيق حزمة من الإجراءات استهدفت منع انتشار المرض من هؤلاء العائدين.
وبشأن إجراءات توصي منظمة الصحة العالمية باتخاذها إثر هذه العملية قال أبوبكر “يهمنا في هذا الصدد أن تقرر البلدان ما تتخذه من إجراءات إضافية بعد تقييم دقيق للمخاطر تثبت نتائجه أن الإجراءات المتخذة لها من الفوائد المتوقعة مايفوق المخاوف أو الأضرار المحتملة ونوصي أن يتم تطبيق إجراءات الحجر الصحي على من يتم إجلاؤهم في أماكن معدة جيدا وتطبق فيها تدابير الوقاية ومكافحة العدوى”.
وردا على سؤال عن تطبيق (شلونك) للذين شملتهم عملية الإجلاء ودور التكنولوجيا بهذا الشأن ومعايير المنظمة لضمان الأمن الصحي للجميع أفاد بأن التطبيقات التكنولوجية الحديثة أثبتت أهميتها وفعاليتها في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشهاالبشرية.
وأضاف أبوبكر أن التكنولوجيا قدمت بدلائل مهمة للتواصل الإنساني والاجتماعي عوضت إلى حد كبير الآثار المترتبة علىسياسة التباعد البدني التي اضطرت إليها جميع البلدان.
وبين أن التكنولوجيا أسهمت في تعزيز التوعية المعلوماتية بإتاحة المعلومات والمعارف أولا بأول ووضع كل فرد في الصورةالكاملة لما يجري حوله سواء في محيطه الوطني أو الإقليمي بل والعالمي ويمكن القول باختصار إن التكنولوجيا كسرت العزلةالإنسانية وسدت الفجوة المعرفية.