جدد خبراء منظمة الصحة العالمية التحذير من الإفراط في تناول المضادات الحيوية بدون حاجة إليها، سواء كانت موصوفة بواسطة طبيب أو بدون وصفة طبية.
وفي حلقة برنامج “العلوم في خمس” رقم 61، والتي تقدمها فيسميتا جوبتا سميث عبر منصات منظمة الصحة العالمية الإلكترونية المتعددة، كشفت دكتور حنان بلخي، مساعد مدير منظمة الصحة العالمية لشؤون مقاومة المضادات الحيوية، عن سبب القلق من استخدام المضادات الحيوية لعلاج مرضى كوفيد-19.
لا تعالج كوفيد-19
قالت دكتور بلخي إن المضادات الحيوية هي عوامل صيدلانية، وهي تحديدًا أدوية مفيدة في علاج الالتهابات البكتيرية وليس الالتهابات الفيروسية، مشيرة إلى أن مرض كوفيد-19، عبارة عن إصابة بعدوى فيروس سارس-كوف-2، أي أنه عدوى فيروسية يمكن أن تسبب مرضًا خفيفًا حيث يمكن أن يتلقى المرضى علاجهم منها في المنزل، أو يمكن أن يؤدي إلى حالات مرض متوسطة أو شديدة تتطلب إدخالهم المستشفى لتلقي العلاج بها.
وأضافت دكتور بلخي شارحة أن بعض الحالات الشديدة يضطر المعالجون لإدخالهم إلى وحدات العناية المركزة بالمستشفيات، لكن تكمن المشكلة في أنه مع وجود عدد كبير من مرضى كوفيد-19، يزداد استخدام المضادات الحيوية من قبل مقدمي الرعاية الصحية أكثر فأكثر، ومن ثم فإن هناك استخدام مفرط للمضادات الحيوية عند عدم الحاجة إليها.
العدوى الفائقة بالبكتيريا
وأضافت دكتور بلخي أن خلاصة القول هي أن المضادات الحيوية تعالج البكتيريا وليس الفيروسات، وأن مرض كوفيد-19 هو مرض يسببه فيروس سارس-كوف-2، ولذلك لا توجد في الحقيقة أي توصية لعلاج المضادات الحيوية لكوفيد-19 كعامل ممرض أو كمرض، وإنما توجد بعض السيناريوهات التي يتم فيها وصف المضادات الحيوية أثناء علاج كوفيد-19. وتحدث عندما يتم إدخال المرضى إلى المستشفى ويبدأون في مواجهة المزيد من التعقيدات من مرضهم، إذ يمكن أن يصاب البعض منهم بما يُعرف باسم “العدوى الفائقة بالبكتيريا”، أو إذا كانوا في وحدة العناية المركزة وعندئذ يكونون أيضًا عرضة للإصابة بعدوى بكتيرية سائدة فوق العدوى الفيروسية التي يسببها سارس-كوف-2.
وبالتالي فإن توصيات منظمة الصحة العالمية تحدد موعد استخدام المضادات الحيوية في سياق المرضى المصابين بعدوى فيروس سارس-كوف-2، والذين يكونون عادة مصنفين ضمن حالات الإصابة المعتدلة إلى الشديدة لهذا المرض.
وحذرت دكتور بلخي من ظاهرة سائدة تتسبب في عواقب وخيمة للغاية وهي تناول البعض للمضادات الحيوية بدون وصفة طبية، أو ربما لا يكملون الوصفات الطبية من المضادات الحيوية بدقة، أو قد يتناولون المضادات الحيوية التي تم وصفها لشخص آخر، لأنهم سمعوا أن مضادًا حيويًا ما كان فعالًا لشخص آخر من الأصدقاء أو العائلة.
حقبة “ما بعد المضادات الحيوية”
وشرحت دكتور بلخي أنه في المقام الأول يحتاج الشخص لتناول المضادات الحيوية أن يتم وصفها من قبل مقدمي الرعاية الصحية المرخصين من أجل ضمان التشخيص الصحيح للحالة وتحديد الجرعات مع المدة المناسبة.
وأضافت أن المشكلة الثانية هي أنه من خلال حصول الأشخاص على المضادات الحيوية، سواء بوصفة طبية أو بدون وصفة طبية، واستخدامها لأسباب غير منطقية، فإنهم يسمحون بالفعل لأنواع البكتيريا بأن تصبح أكثر قدرة على المقاومة في أجسامهم، موضحة أن العالم حاليًا في عصر ما يتم تسميته “حقبة ما بعد المضادات الحيوية”، حيث لم تعد بعض المضادات الحيوية الأكثر شيوعًا وقوة بنفس الفاعلية ويستمر هذا النوع من السلوك في تغذية المقاومة المتزايدة بين البكتيريا.
توعية المجتمعات والأفراد
واختتمت دكتور بلخي قائلة إن هناك حاجة حقيقية لتوعية المجتمعات والأفراد بما هو الاستخدام الصحيح للمضادات الحيوية، وأنه يجب إعطاؤهم من خلال وصفة طبية وأنه يجب أخذهم على محمل الجد، وأنه إذا تم إعطاؤهم وصفة طبية، فإنهم يحتاجون حقًا إلى إكمال مسار العلاج، حيث إن الاستخدام غير السليم أو الاستخدام غير العقلاني للمضادات الحيوية يؤدي إلى نتيجة وحيدة فقط وهي تغذية وتطوير قدرة البكتيريا على مقاومة العلاجات.