وسط استنفار أمني، توافد ملايين الشيعة إلى العتبات المقدسة في العراق وخارجه لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين، رضي الله عنه، في واقعة الطف الشهيرة في مدينة كربلاء، في وقت يعيش العراق أسوأ أزمة سياسية منذ عام 2003، تهدد بمواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات.
على وقع أزمة سياسية حانقة شلّت مؤسسات العراق وحالت دون استكمال انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، احتشد مئات آلاف الشيعة لإحياء ذكرى عاشوراء اليوم، في مدن ومناطق مختلفة خصوصاً مدينة الكاظمية في العاصمة بغداد، التي تحتضن مرقد الإمام موسى الكاظم وتتمتع بقدسية خاصة لإقامة مجالس العزاء وتقديم الموائد للمواكب المشاركة بالمراسم.
وفي ظل استنفار أمني لتأمين الحدث، الذي يحييه ملايين الشيعة حول العالم، باشرت قوات فرقة العباس القتالية (حشد العتبات) في كربلاء بتنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بتأمين زيارة عاشوراء، بمشاركة 1500 من فرسان الكفيل، ووسعت الخطة هذا العام بفرض حظر الطيران المسيّر في المحافظة المقدسة إلى مناطق أخرى، وأقامت مناطق تفتيش من 3 محاور وعبر 7 قطوعات.
ووسط أنباء عن ارتفاع قتلى انفجار مستودع أسلحة تابع لها في النجف إلى 7، أكدت سرايا السلام، حصول انفجار نتيجة تسرُّب غاز الأكسجين بالطبابة العسكرية بالمحافظة، أسفر عن سقوط قتيلين و5 جرحى.
ثورة الإمام
واستذكر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ثورة الإمام الحسين، الذي يصادف اليوم ذكرى استشهاده رضي الله عنه في واقعة ألطف الشهيرة التي وقعت أحداثها في كربلاء، مشدداً على أن الإصلاح سينتصر على الفساد في العراق.
وكتب الصدر، في تغريدة، «السلام عليك يا سيد الشهداء، السلام عليك وعلى المنتفضين معك، عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب الإمام الحسين روحي له الفداء، بل عظم الله أجر الرسول. وعظم الله أجر البتول. وعظم الله أجر زوج البتول».
وقال: «نرفع التعازي الى مقام مولانا صاحب العصر والزمان. وهنا لا أقول: يا ليتنا كنا معكم بل أقول: اللهم تقبل منّا وقفتنا الاحتجاجية الحالية في المنطقة الخضراء معكم. فمعكم معكم لا مع عدوكم من الفاسدين والتبعيين. وكما انتصر الدم على السيف في الطف فسينتصر الإصلاح على الفساد في عراقنا الحبيب. فالسلام على الإمام الحسين واللعنة على قاتليه. والسلام على من اتبع الإصلاح ولا عزاء لمن اتبع الفساد».
حكومة جديدة
في هذه الأثناء، كشف مصدر مطلع أن «الصدر أوصل رسائل الى قوى الإطار التنسيقي، تضمنت مقترحاً يهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية في العراق، من خلال تشكيل حكومة جديدة، دون مشاركة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وعدم مشاركة التيار الصدري فيها».
وبيّن المصدر، أن «مهام الحكومة تكون لمدة سنة واحدة فقط تتولى خلالها الإعداد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في شهر سبتمبر من العام المقبل، ويكون رئيس الحكومة توافقي ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي».
وفي وقت سابق، كشف مصدر من «حراك تشرين» أن زعيم التيار الصدري أجرى اتصالاً هاتفياً بعدد من ناشطي الحراك لضمهم إلى اعتصام المنطقة الخضراء، مشيراً إلى أن الناشطين تواصلوا بدورهم مع اللجنة السباعية الصدرية للتباحث بالأمر.
وقال المصدر، لوكالة شفق نيوز: «الصدر قال خلال المكالمة الهاتفية التي استمرت سبع دقائق، إن أبواب الحنانة (مقر إقامته في النجف) مفتوحة أمام الناشطين في أي وقت للحوار والنقاش وسبل محاسبة الفاسدين والقتلة وإن كانوا من التيار الصدري». وأكد «محاسبة الفاسدين في الحكومات السابقة وقتلة المتظاهرين وتسليمهم للقضاء».
وأضاف أنه «بعد المكالمة مع الصدر، حدث اتصال بين الناشطين واللجنة السباعية التي شكّلها الصدر أيضا عبر اتصال هاتفي ولا يوجد أي لقاء على أرض الواقع جمع الناشطين واللجنة المذكورة». وختم المصدر بالقول: «الدعوة التي وصلت الناشطين من قبل الصدر حالياً قيد النقاش، ولم نحدد وجهة النظر بقبول الدعوة أو رفضها».
وأكد مصدر من التيار الصدري، أن «هناك تنسيقاً مسبقاً بين اللجنة التنسيقية للاعتصام وعدد من الأشخاص الذين يمثلون الحراك الشعبي لتظاهرات تشرين».
وأشار المصدر الصدري إلى أن «مطالب ممثلي تظاهرات تشرين مشروعة، وانها لا تختلف عن مطالب المعتصمين، الكل يريد محاسبة الفاسدين وقتلة المتظاهرين والشعب العراقي وإنهاء حكومة المحاصصة عبر إجراء الانتخابات المبكرة وتشكيل حكومة أغلبية وطنية تخدم الشعب العراقي».
وكان عدد من ناشطي «حراك تشرين» قد طالبوا في وقت سابق زعيم التيار الصدري بتقديم ضمانات لهم بعد التخلي عنهم، شريطة انضمامهم لاعتصام التيار الصدري في المنطقة الخضراء.
إلى ذلك، أكد النائب عن تحالف الفتح، وليد السهلاني، التفاعل مع مقترحات الصدر لتغيير النظام السياسي والدستور، مشيراً الى أنها «مقترحات جيدة» لكنها بحاجة إلى آليات ومناخ ملائم لتطبيقها.
وقال السهلاني لشبكة رووداو، «التيار الصدري يمثل الحالة البنيوية السياسية للبلد، وهو ركن منه والوضع الاستثنائي يحتاج للمرونة والمواءمة، ولا مشكلة بين السيد مقتدى وهادي العامري، والرسائل المتبادلة بينهما تعبّر عن الاحترام المتبادل، ومجيء مصلحة الشعب أولوية».