مع حلول الذكرى ال32 للغزو العراقي الغاشم على أرض الكويت غدا إذ نستذكر تضحيات الكويتيين ووقوفهم ضد محاولات المعتدي محو بلادهم من خارطة العالم بكل الأشكال الممكنة من تدمير وقتل نستذكر أيضا محاولة الإبادة الثقافية التي كانت واضحة وجلية في محاولة محو كل ما يربط الكويتيين بهويتهم من خلال ارثهم الثقافي والفني والأثري بهدف تحقيق مآربه الضالة في إعادة كتابة وتزوير الحقائق.
واستهدف النظام البائد من فجر الثاني من أغسطس المؤسسات الرسمية الثقافية الكويتية المتمثلة بوزارة الاعلام وإذاعة وتلفزيون الكويت ووكالة الأنباء الكويتية (كونا) لإحكام السيطرة على مفاصل الدولة وبث الشائعات وتغيير الحقائق وإحباط الهمم.
إلا أن العاملين في هذه المؤسسات تصدوا لكل المحاولات وما قصف الغازي مبنى وزارة الاعلام سارع الاعلاميون الى نقل البث الإذاعي لمعسكر (جي وان) وانطلقت منها عبارة (هنا الكويت) وعندما حاول النظام الغاشم اقتحام المعسكر نقلت الأجهزة الى استديو الدسمة وبعد ان كشف امر الاستديو انطلقوا الى مدينة الخفجي حيث استمر بث اخبار الكويت للداخل والعالم لمجابهة استغلال النظام البائد لمؤسسات الاعلام الكويتي.
ولم تقف وكالة (كونا) هي أيضا مكتوفة الايدي ازاء ما يحدث فبعد استهداف وسرقة معداتها واعتقال عدد من موظفيها نقلت بثها الى مكتبها في لندن الذي أصبح المقر الرئيسي وكثفت كل المكاتب الاخرى المنتشرة في العالم نحو ابراز قضية الاحتلال ونقلت مؤتمر الكويت في جدة وأعيد بث خدمة (كونا) باللغة الإنجليزية.
كما استهدفت القوات الغازية (متحف الكويت الوطني) منذ الأيام الأولى ما أسفر عن حرق كامل ومتعمد لقاعة العرض بما تحتويه من مقتنيات نادرة وقيمة للغاية يعود تاريخها لعصور تاريخية شهدتها أرض الكويت تعود لعصر الهيلينسي (الاغريقي) وعصور الحضارة الإسلامية وما قبل الميلاد فيما تعرض (متحف دار الآثار الإسلامية) الى نهب مجموعات نادرة من كنوز التاريخ الإسلامي ذات صناعة دقيقة ومتقنة.
وعقب تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم منحت لجنة التعويضات الأمم المتحدة قرابة 19 مليون دولار امريكي لمجموع الاثار المقدرة نتيجة ما تم تدميره ونهبه من الغزاة اذ استولت على مجموعة اثرية للفن الإسلامي والكتب النادرة وفرض على المعتدي دفع المبلغ في عام 1998.
وعلى صعيد المؤسسات العلمية قال مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور مانع السديراوي أن النظام العراقي البائد قام ابان الغزو الغاشم بنهب وسلب وتخريب كل مقومات المعهد العلمية وكافة أدوات البحث العلمي من مختبرات ومعامل ومحطات البحث الميداني والبنية التحتية للمعهد.
واضاف السديراوي ان من بين ما تعرض للنهب والسلب ايضا مختبر التحليل المركزي ومحطة الدوحة لتحلية المياه وسفن الأبحاث وغطاسة تستخدم في تسجيل البيانات البحرية ويوجد بها مختبرات خاصة بتحليل البيانات وبالإضافة الى زوارق سريعة مستخدمة في عمليات الغطس والمسح وجمع العينات قرب الجزر.
وتابع “كما تمت سرقة المختبر الهيدروليكي ومختبر التلوث البحري ومختبر الوحدات النمطية ومختبر مرافق البترول ومختبر التكنولوجيا الحيوية ومحطة الأبحاث للمراعي والإنتاج الحيواني بالصليبية ومختبر الزراعة النسيجية”.
واشار الى تقرير عضو وفد هيئة الامم المتحدة لحصر الأضرار التي لحقت بالمؤسسات التربوية والعلمية ومؤسسات البحث والاتصال بالكويت نتيجة للغزو ج. بينون اذ قال إن النظام العراقي البائد استخدم الدبابات في تدمير المعهد ونتج عن ذلك تدمير واشعال النيران في مساحة تبلغ 2000 متر مربع والذي كلف بناء هذا المبنى 66 مليون دولار امريكي.
وبين السديراوي أن سرقة مصادر المعلومات وأجهزة الحاسوب وبيانات البحوث في أهم مرفقين هما المركز الوطني للمعلومات العلمية والتكنولوجية نتج عنه توقف البحث والتطوير اذ كان يصدر منه قبل الغزو 70 بحثا علميا في المتوسط سنويا تشمل مجالات حيوية مثل البترول والمياه ومواد الغذاء والمياه البيئة والصناعات البتروكيماوية والهندسة والاقتصاد.
وقال ان القوات العراقية الغازية نهبت ايضا الدوريات والتقارير الفنية وبراءات الاختراع وقواعد المعلومات التي تعتبر ثروة مهمة لدعم حركة البحث العلمي محليا وعربيا ومرفق دائرة الحاسوب ونظم المعلومات.
واوضح ان المعهد حقق نتائج إيجابية من خلال مشاركته في تنفيذ عدد كبير من المشاريع لتقييم الدمار البيئي الناجم عن الغزو والاشراف على تنفيذ برنامج (لرصد البيئي) بتمويل من لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة حيث اعتمدت لجنة الأمم المتحدة التقنيات التي طورها المعهد لمعالجة البحيرات النفطية بيولوجيا وذلك بمشاركة باحثي المعهد مع فريق هيئة التعويضات والمستشارين القانونين في الجلسات التي عقدت في جنيف للدفاع عن المطالبات الكويتية البيئية.
وأفضى ذلك الى اعتماد لجنة الأمم المتحدة بتعويضات بيئية تقدر ب2ر8 مليار دولار لإعادة تأهيل البيئة من الدمار الذي احدثه الغزو العراقي الغاشم اذ قام المعهد بدوره في تقديم الدعم الفني والإداري لنقطة الارتباط الكويتية وتقديم التقارير اللازمة للجنة التعويضات الدولية (UNCC).