أكدت إدارة الفتوى والتشريع أن قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي تشكيل لجنة لاختيار مدير للجامعة من خارج جامعة الكويت يعد تدخلا في أعمال المجلس وتدخلا في اختصاصه وإهدارا لاستقلال الجامعة الحكومية المكفول دستوريا وقانونيا، وان الحق الأصيل لمجلس الجامعة وليس لمجلس الجامعات الحكومية في تشكيل لجنة لاختيار مدير الجامعة وذلك لأحقيتها بذلك دون غيرها ولاختصاصها كونها هي المعنية بالأمر.
ردت إدارة الفتوى والتشريع على مخاطبة جامعة الكويت بشأن مدى مخالفة قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي في شأن الجامعات الحكومية بعد رفض مجلس الجامعة قرار الوزير تشكيل لجنة لاختيار مدير للجامعة من خارج جامعة الكويت.
وقالت «إدارة الفتوى» في ردها على مخاطبة جامعة الكويت بشأن هذا القرار، إن وزير التربية وووزير التعليم العالي والبحث العلمي أصدر قرارا يقضي بتشكيل لجنة لاختيار مدير الجامعة تتكون من رئيس اللجنة وأربعة أعضاء متضمنة أستاذا من الكليات العلمية من الجامعة المعنية وإذا تعذر ذلك يكون أستاذا من الكليات العلمية من الجامعات الحكومية الأخرى وأستاذا من الكليات النظرية من الجامعة المعنية وإذا تعذر ذلك يكون أستاذا من الكليات النظرية من الجامعات الحكومية الأخرى بالإضافة إلى عضوين من مجلس الجامعات الحكومية على ألا يكون من ضمنهم مدير الجامعة المعنية بالإضافة إلى أمين عام مجلس الجامعات الحكومية على أن يتم تشكيل اللجنة من قبل مجلس الجامعة المعنية مع مراعاة ما سبق ورفعه لوزير التعليم العالي والبحث العلمي لتحديد رئيس اللجنة وأمين السر وإصدار قرار تشكيل اللجنة.
ولفتت «الفتوى»، في ردها الذي حصلت «الأنباء» على نسخة منه، إلى أن جامعة الكويت نعت على القرار الوزاري رقم (266) لمخالفته لأحكام القانون وتعديه على اختصاص مجلس الجامعة في تشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة فيما تضمنه من تحديد وجوب تعيين أمين عام مجلس الجامعات الحكومية في اللجنة ومنح الوزير اختصاص إصدار قرار تشكيل اللجنة وإلزام مجلس الجامعة بتعيين عضوين من مجلس الجامعات الحكومية بالإضافة إلى أمين عام مجلس الجامعات الحكومية بما يؤدى إلى أن تكون الأغلبية في أعضاء اللجنة من مجلس الجامعات الحكومية والذين لا يعدون من العاملين بالجامعة.
وذكرت الإدارة أن المادة (2) من القانون رقم 76 لسنة 2019 في شأن الجامعات الحكومية والتي تنص على أن «الجامعات هيئات عامة ذات استقلال علمي وبحثي وأكاديمي وإداري ومالي لكل منها شخصية اعتبارية وهى معفاة من الضرائب والرسوم وأي تكلفة مالية أخرى وهى مكان آمن له حرمته، وتتولى إدارتها حفظ النظام والأمن فيها»، ولما كان من المستقر عليه أن تفسير نص القانون مشروط بألا يكون فيه خروج على عباراته أو تشويه لحقيقة معناه، فإذا كانت عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو أن يصدر قرار بتقييدها أو يزيد عليها، لما في ذلك من استحداث لحكم جديد مغاير لمراد المشرع عن طريق التفسير والتأويل بما لا تحتمله عباراته الصريحة الواضحة، وأنه لا مجال للاجتهاد مع وضوح تلك العبارة أو البحث في حكمة التشريع ودواعيه إلا عند غموض النص أو وجود لبس في مفهوم عباراته إذ لا عبرة بالدلالة مقابل التصريح.
وأشارت «الفتوى» إلى انه من حيث أن من شرائط مشروعية القرار الإداري بحسبانه من الأعمال القانونية التي تصدر عن جهة الإدارة ألا يخالف أحكام القانون وأن يصدر من الجهة المختصة بإصداره حيث إن القانون يقوم بتوزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية ومن ثم لا يسوغ لسلطة إدارية تجاوز اختصاصاتها المعقودة لها قانونا وإلا كان القرار الإداري الصادر عنها باطلا بطلانا يتعلق بالنظام العام، وحيث إنه من المقرر قانونا أن الجامعة الحكومية هيئته عامة من أشخاص القانون العام تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي في إدارة شؤونها على نحو تكون فيه هي وحدها القوامة على جميع شؤونها في حدود ما قرره القانون، وبهذه المثابة تتمتع بالإدارة الذاتية بما يمكنها من تسيير شؤونها بنفسها دون حاجة الرجوع لسلطة إدارية أخرى إلا في حدود الاختصاصات التي نص عليها القانون صراحة وأسند مباشرتها إلى سلطة إدارية أخرى.
وبينت أن المشرع قد وزع الوظيفة الإدارية المتعلقة باختيار مدير الجامعة الحكومية بين جهتين، هما مجلس الجامعات الحكومية ومجلس الجامعة فأسند لمجلس الجامعات الحكومية الإعلان عن شغور منصب مدير الجامعة الحكومية وفتح باب التقدم لذلك المنصب، وكذلك وضع الشروط الواجب توافرها للترشح لمنصب مدير الجامعة وطريقة اختياره ووضع الضوابط العامة التي يلتزم مجلس الجامعة بمراعاتها عند إصداره اللوائح الإدارية والمالية وتشكيل اللجان التي أناط به القانون تشكيلها في حين أسند القانون إلى مجلس الجامعة الحكومية الاختصاص بتشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة والمفاضلة بين المرشحين لتلك الوظيفة على ضوء الشروط والضوابط العامة التي حددها مجلس الجامعات الحكومية ويقصد بتلك الضوابط العامة القواعد العامة التي تنظم كيفية تشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة من حيث عدد أعضاء اللجنة والمسميات الوظيفية للأعضاء وصفات الأعضاء التي يجب أن تتوافر فيهم لاختيارهم أعضاء بلجنة الاختيار مثل أن يكونوا من الأعضاء العاملين بالجامعة على درجة وظيفية معينة لمدة عدد من السنوات مثل من شغل وظيفة أستاذ لعدد معين من السنوات، أي من غير المتقاعدين من أعضاء الهيئة الأكاديمية من لم يسبق توقيع جزاءات تأديبية عليه ومن لم يسبق تعيينه في عضوية تلك اللجنة من قبل، وهي ضوابط عامة يضعها مجلس الجامعات متمتعا في ذلك بسلطة تقديرية وفقا لما يراه محققا للصالح العام، ويتعين أن يلتزم بها مجلس الجامعة عند قيامه بإصدار قرار تشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة.
وأشارت «إدارة الفتوى» إلى أنه تأسيسا على ما تقدم وكان القرار الوزاري رقم (266) لسنة 2022 قد نص على أن تشكل لجنة اختيار مدير الجامعة بقرار من السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وهو ما يخالف أحكام القانون رقم 76 لسنة 2019 في شأن الجامعات الحكومية ولائحته التنفيذية واللذين خليا بقدر ما استوعبا من أحكام من إسناد ثمة اختصاص لوزير التعليم العالي في شأن إصدار قرار تشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة، وإنما أناط بمجلس الجامعة الاختصاص بتشكيل تلك اللجنة وحده دون غيره بقرار ملزم ونهائي يتخذه مجلس الجامعة ويتولى مدير الجامعة اتخاذ إجراءات تنفيذ ذلك القرار ووضعه موضع التنفيذ بما في ذلك إصدار القرار التنفيذي اللازم في هذا الصدد بحسبان أنه المختص قانونا بتنفيذ القرارات التي يصدرها مجلس الجامعة، بما يشوب القرار بعدم المشروعية.
وذكرت أن القرار الوزاري رقم (266) لسنة 2022 قد نص على أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي هو الذي يتولى تحديد رئيس اللجنة وأمين السر من بين الأسماء التي يرشحها مجلس الجامعة للجنة، وهو ما يخالف أحكام القانون ولائحته التنفيذية اللذين أناطا بمجلس الجامعة تشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة ومتى كان من المستقر عليه أن «يشكل» فعل مدلوله «أن الفاعل هو الذي يكون لجنة أو يؤلفها أي يحدد كل عناصرها كاملة»، بما مؤداه ولازمه أن مجلس الجامعة هو المنوط به قانونا تحديد رئيس اللجنة وأعضائها وأمين السر بما يغدو معه ما ورد بالقرار في هذا الصدد من إسناد الاختصاص بذلك للسيد وزير التعليم العالي تعد وتجاوز على اختصاص مجلس الجامعة دون سند من القانون، بما يهوى بالقرار إلى درك عدم المشروعية، وحيث ان القرار المشار إليه قد ألزم مجلس الجامعة عند ممارسة سلطته بتشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة أن يتم تعيين أمين عام مجلس الجامعات الحكومية في اللجنة، وكان يمثل تدخلا في أعمال مجلس الجامعة بما له من سلطه تقديرية في تشكيل اللجنة، وتقييدا لإرادة المجلس بغير مقيد من نصوص القانون فإذ جاء نص المادة المشار إليها عاما مطلقا بأن يتولى مجلس الجامعة تشكيل اللجنة وفقما يرى مراعيا فقط الضوابط العامة لتشكيل اللجنة والتي سبق أن حددها مجلس الجامعات الحكومية والتي يجب أن تتسم بالعمومية والتجريد، وهو ما يتعارض وتحديد شخص محدد بصفته لعضوية اللجنة مثل أمين عام مجلس الجامعات الحكومية، بما يعد إلزاما لمجلس الجامعة باختياره ضمن أعضاء اللجنة بما يعد تدخلا في أعمال المجلس تدخلا في اختصاصه وإهدارا لاستقلال الجامعة الحكومية المكفول دستوريا وقانونيا بما يشوب القرار بعدم المشروعية.