يعود القصر الأحمر في محافظة الجهراء، بثوب جديد، بعد الانتهاء من عمليات الترميم وورشة العمل التي أُقيمت لتجديده واستمرت عاماً كاملاً، بإشراف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، حيث سيفتتح قريباً، لانطلاق فعاليات موسم «الجهراء الثقافي الشتوي».
«الراي» جالت في أروقة القصر الأحمر، واطلعت على التجديدات التي تمت عليه، بالإضافة الى المعرض الذي تم تطويره في ديوان القصر، والتقت برئيسة لجنة تنظيم فعاليات موسم الجهراء، وأمين القصر الأحمر الباحثة عبير المطيري، التي أكدت أن «القصر الأحمر تم تحويله إلى متحف تاريخي من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لما له من دور في أحداث الكويت التاريخية، ويمثل كفاح الآباء والأجداد في سبيل المحافظة على الكويت».
نموذج معماري
وقالت المطيري إن «القصر الأحمر يعتبر نموذجاً معمارياً من الأسلوب الهندسي القديم، الذي كان الهدف منه الدفاع عن البلد من خلال طريقة تصميمه في ذلك الوقت»، مشيرة إلى أن «القصر بني في 1897 في عهد الشيخ مبارك الصباح، ويقع في شمال محافظة الجهراء على بعد 33 كيلومتراً عن مدينة الكويت، وسمي بهذا الاسم بسبب الطين الأحمر الذي بني منه، حيث أشرف على بنائه كل من إبراهيم سليمان المانع، وسليمان السالم، ومحمد عبدالرحمن الجمازي، ومحمد علي السعيد، وتناوب على تولي مهمة الاشراف على إدارة شؤون القصر الكثير من أمثال، عوض بن مثقل الأصيمع العنزي، وعبدالرحمن سليمان عثمان السعيد».
وذكرت أن «القصر الأحمر بني كسكن للشيخ مبارك الصباح، وكمقر لحماية الجهراء من الأخطار الخارجية، وظل القصر في عهد الشيخ جابر المبارك حصناً تدار منه شؤون الرعية، إلى أن حدثت معركة الجهراء في 1920 في عهد الشيخ سالم الصباح، التي أدت الى دمار في جدرانه. وقد أمر الشيخ بعد انتهاء المعركة بإعادة ترميم القصر وصيانته. كما تمت إحاطة قرية الجهراء بسور لحمايتها من الاعتداء الخارجي».
مركز
وأضافت «استخدام القصر بعد تلك الفترة كمركز تموين غذائي أثناء الحرب العالمية الثانية لتزويد أهالي الجهراء بما يحتاجونه من أرز وسكر وشاي، وذلك تحت مسؤولية نزال رشيد المعصب الرشيدي، بالإضافة الى تجميع الزكاة من أهل البادية. وفي عهد الشيخ عبدالله السالم، استخدم كمركز جمركي لحماية المواد الغذائية من التهريب الى الخارج، من سنة 1945 الى 1950، حتى تحول الى متحف بشكل رسمي في 1986».
وأشارت المطيري إلى أن «توجيهات وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري جاءت لإعادة ترميم وتأهيل القصر الأحمر، بما يتناسب مع أهمية القصر والأحداث التي مرت به، حيث بدأت ورشة العمل في أكتوبر 2023 وسيفتتح قبل نهاية الشهر الجاري».
قاعتان
ولفتت المطيري إلى أن «ديوان القصر تم تقسيمه إلى قاعتين، الأولى قاعة السلاح، حيث تم ترميمها بشكل جذري لعرض الأسلحة الحقيقية والمتنوعة، ومعلومات عن صناعتها واستخداماتها وأنواعها عن طريق عرض مرئي ومسموع، ومكتوب أمام كل سلاح بياناته، حيث يضم المتحف 320 مقتنى متنوعاً ما بين سلاح وبنادق وخناجر وسيوف ومحازم للرصاص وقذائف قديمة وغيرها، حيث تم جمعها من أصحابها ومن المتاحف بقصد الاستعارة لعرضها للزوار».
وذكرت أن «متحف السلاح يضم خرائط استيراد الأسلحة باعتبار الكويت قديماً مركزاً لتصدير السلاح إلى الشمال والجنوب، ويتم استيرادها من سلطنة عمان، بالإضافة إلى الأسلحة التي كانت تستخدم في الجزيرة العربية والعراق واليمن والشام وإيران».
وذكرت أن «القاعة الأخرى في الديوان خاصة بمنطقة الجهراء وتاريخ تأسيسها، ومجسم لموقعها السابق والحالي والتمدد العمراني بها، بالإضافة إلى عرض لمعركة الجهراء والأسلحة التي استخدمت بها، وصور عن مجريات المعركة وصور فرسانها وقادتها الذين شاركوا في معركة الجهراء عام 1920».
مكونات القصر
أشارت الباحثة عبير المطيري إلى أن «مساحة القصر الأحمر تبلغ 60.727 قدم مربعة، ويضم 4 أبراج بارتفاع 20 قدماً وارتفاع جدرانه 15 قدماً، وفيها فتحات صغيرة تسمى (مراغيل) وتستخدم لتثبيت البنادق عند إطلاق النار على العدو. كما أن فيه 3 أبواب خارجية، ويتألف من 33 حجرة تضم المسجد والمجلس والسكن الخاص للأمير وحرمه، بالإضافة إلى سكن الجنود والخدم، كما يوجد فيه إسطبل للخيل، وفي وسط القصر توجد بئر واسعة ومستديرة الشكل تستخدم لأغراض الغسيل فقط، نظراً لملوحة مياهها».
فعاليات موسم الجهراء
قال عصو لجنة تنظيم فعاليات موسم الجهراء الثقافي الشتوي سعد السبيعي، إن «الفعاليات ستفتتح قريباً وتستمر حتى 25 ينايرالمقبل، وتفتتح يومياً من الساعة 10 صباحاً الى 10 مساء، حيث ستقام فعاليات شعبية ومعارض ومسابقات ترفيهية وثقافية للجمهور يومي الجمعة والسبت طوال أيام الفعاليات، بالإضافة إلى مشاركة أصحاب المشاريع الصغيرة في عرض منتجاتهم، ومشاركة الجمعيات التعاونية في تقديم المياه والمرطبات للزوار، مع عرض لوثائق وصور تاريخية حقيقية عن القصر الأحمر ومعركة الجهراء.ستفيد محبي التاريخ والباحثين في التراث».
أشغال تراثية في المعرض
تم تخصيص ركن خاص لمالكة الإبل والباحثة في دور النساء في صحراء الكويت والجزيرة العربية «مرواح» حيث سيتم عرض جدارية عن «البرثن» وهو وسم آل الصباح على إبلهم، كما سيكون هناك أختام لأوسمة العائلات والقبائل، ويختتم على هذه الجدارية التي يجمعها وسم آل الصباح.
وأشارت «مرواح» إلى أن الركن سيعرض كفاح المرأة في البادية ودورها في احتراف الحِرف المختلفة، بمشاركة أمهات من أهل البادية الكويتيات، وسيتواجدن كل يوم سبت طوال أيام الفعاليات حيث سيعرض البرقع الكويتي وتطوره بالإضافة إلى عرض الحليب ومنتجاته ودباغة الجلود وخرازتها ووبر الإبل وحياكة الملابس والسدو، وكذلك التدريب على كيفية ركوب الإبل.