ضمن فعاليات الموسم الثقافي لمنتدى الثلاثاء الثقافي في محافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية قدمت الخبيرة في تقنية المعلومات الكويتية شروق طاهر الصايغ محاضرة حول “مستقبل النفايات الالكترونية في الخليج” أدارتها الأستاذة رائدة السبع بحضور العديد من المهتمين بتقنية المعلومات، وأعضاء من المجلس البلدي بمحافظة القطيف.
و تناولت الصايغ التكنولوجيا وتأثيرها المباشر على الاقتصاد، مشيرة إلى أن تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات تسهم في التقدم الاقتصادي والاجتماعي للأمم، فعلى سبيل المثال فخلال السنوات 1998‑1990م ساهمت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو بنسبة 57% في الناتج المحلي الإجمالي التي تتمتع بها مجموعة من البلدان المتقدمة بما فيها اليابان.
وأكدت على أن هذا التسارع المذهل في التوسع في استخدام الأجهزة التقنية بشكل عام ينتج عنه نفايات وتراكم كميات كبيرة من المعدات والأدوات التي لا تجد لها طريقا مناسبا للتدوير سوى الترك والاتلاف.
وبيّنت الصايغ أن النفايات الالكترونية تشمل أي جهاز أو معدة تعمل الكترونيا وليست قادرة على أداء العمل المنوط بها بشكل كامل مما يتطلب استبدالها بجهاز أو معدة أخرى، وعدّدت أنواع وأشكال وتصنيفات الأجهزة الكهربائية والالكترونية المستخدمة في المنازل والمصانع والشركات سواء بشكل ضخصي أو مكتبي وصناعي.
وأوضحت الصايغ أن من الأمور المهمة في الاجهزة الالكترونية احتوائها على عناصر قد يكون بعضها سام للجسم وضار للبيئة من بينها عناصر الرصاص والزئبق ومادة البلاستيك، بالإضافة إلى وجود معادن ثمينة ضمن تركيبة هذه الأجهزة، مما يجعل تلفها ضررا من ناحية وخسارة مادية من ناحية أخرى، ومن هنا انطلقت فكرة تدوير النفايات الإلكترونية أو الأجهزة عديمة الفائدة، بسبب تسارع النمو وللإستفادة من مكوناتها والعناصر التي تتألف منها ولكن ذلك خلق أيضا مشكلة أمن المعلومات المخزنة فيها وضرورة التأكد من مسحها تماما.
وشرحت الأستاذة الصايغ التعامل الحالي مع هذه النفايات من خلال رميها في حاويات دون التأكد من محتوياتها، ومن ثم دفنها في المرادم بصورة غير سليمة بيئيا وأمنيا، حيث أن طريقة الردم والترك غير آمنة وقد تخلق أضرارا بيئية مستقبلية، ولا توجد مراقبة دقيقة على مجمل عملية التخلص من هذه النفايات الضارة.
وأوضحت أن مشكلة النفايات الإلكترونية مركبة من عدة قضايا هي بيئية وصحية واقتصادية، فمن الناحية البيئية تساهم الأجهزة و المعدات الإلكترونية بما نسبته 2% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مما يجعله مقاربا لانبعاثات نفس الغاز السام من الطائرات، كما أن المخلفات الكيميائية من المعدات الإلكترونية يساهم بتلوث التربة بالكاديوم والزئبق.
واسترسلت الصايغ في توضيح التشريعات الدولية التي جاءت في هذا المجال استجابة لهذه التحديات البيئية الخطيرة ومن بينها اتفاقية “بازل” التي توصف المخلفات الإلكترونية بأنها مخلفات خطرة عندما تتلوث بالزئبق أو الرصاص أو الكادميوم أو ثنائي الفينيل متعدد الكلورة، أو عندما تحتوي على مكونات مثل المدخِرات والبطاريات الأخرى، ومكثفات الدارات المطبوعة والمفاتيح الزئبقية والزجاج من أنابيب الأشعة الكاثودية وغير ذلك من الزجاج المنشَّط.
من ناحية أخرى، رصدت الصايغ أن تصل النفايات الإلكترونية في دول الخليج العربي بين 2280 إلى 7650 ألف طن بحلول العام 2040 حسب الدراسات والبحوث بهذا الشأن.
واستعرضت الأستاذة شروق الصايغ تجارب اقليمية في التعامل مع النفايات الالكترونية منها مشاريع في دبي ومدينة الخبر بالمملكة العربية السعودية، كما تحدثت عن برامج الحملات التوعوية التي تم تنفيذها في الكويت لتوعية الرأي العام بضرورة التعامل الأمثل مع المعدات والأجهزة الالكترونية من ناحية تخفيض الاستهلاك والحفظ الآمن لهذه الأجهزة لتقليل تأثيرها المباشر الإنسان جسديا وذهنيا.
كما تحدثت مفصلا عن أسباب ضعف تفاعل المجتمع مع هذه التوجهات بسبب عدم ثقة الناس بمسح المعلومات الخاصة لهم المخزنة على هذه الأجهزة، موضحة أن المشكلة تكون أكبر عند التعامل مع الشركات التي تسعى لتجديد معداتها وأجهزتها كل فترة والتخلص من الأجهزة القديمة دون مراعاة لموضوع السلامة والبيئة.
واختتمت الصايغ محاضرتها بالإشارة إلى الجوانب الاستثمارية في مجال تدوير النفايات الالكترونية، حيث أنها مجال مربح وصديق للبيئة ويعود بالفائدة على الجميع، مبينة أنه تم إحداث تحولات تقنية جديدة وفعالة في التعامل مع النفايات الالكترونية بصورة مجدية اقتصاديا.
يذكر أن الأستاذة شروق الصايغ هي خريجة جامعة الكويت في علوم الحاسب الآلي وتعمل مستشار منتدب في الهيئة العامة للإتصالات وتقنية المعلومات، ونظمت العديد من المبادرات حول دور التكنولوجيا والأنشطة التطوعية والتدريبية الشبابية، وهي عضو عامل في الشبكة الاقليمية للمسئولية الاجتماعية ومدرب معتمد في عدة مجالات تقنية.