لم تكن الكويت بمعزل عن العالم في تأثرها بتداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي اجتاح العالم الا انها كانت يقظة منذ اللحظات الاولى للاعلان عن اكتشافه واتخذت العديد من التدابير للحد من انتشاره وادارت الأزمة باقتدار أشادت بها منظمة الصحة العالمية.
فقد شهد عام 2020 تغيرات غير مسبوقة في مجال الأوبئة العالمية وهي تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي وصفته منظمة الصحة العالمية ب(الجائحة) وحثت الحكومات في جميع أنحاء العالم على أخذ الأمور على محمل الجد والتأهب للموجة الأولى بعدة إجراءات قاسية.
وبادرت الكويت باتخاذ الإجراءات الضرورية والتدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس وتداعياته وما أن تلقت أول إشعار من منظمة الصحة العالمية سارعت إلى دعوة (اللجنة الوطنية للطوارئ) إلى الانعقاد للنظر في سبل الاستجابة الممكنة.
وبناء عليه قامت الكويت بإجراء الفحص الطبي للركاب العائدين اعتبارا من 27 فبراير مع إخضاعهم للحجر الصحي ومع تطور الوضع اعتمدت تدابير أخرى من بينها فرض الحظر التام على الرحلات الجوية من والى الدول الموبوءة والعزل المناطقي وتوفير المستلزمات الطبية والأدوية واللقاحات المعتمدة.
ومع زيادة معدلات الإصابة العالمية تم ايقاف الفعاليات والتجمعات الاجتماعية اعقبها فرض حظر للتجول من الساعة الخامسة مساء حتى الرابعة فجرا ابتداء من 22 مارس 2020 وقامت بتمديد أوقاته لاحقا اذ فرضت حظرا كاملا للتجول منذ يوم 10 مايو 2020 حتى 30 مايو 2020 للمساعدة بكبح انتشار الوباء.
كما قامت بإنشاء عدد من المحاجر في الفنادق كبداية اعقبها افتتاح المحجر الصحي قرب (استاد جابر الأحمد الرياضي) في ابريل 2020 بسعة سريرية بلغت 5 الاف سرير وانشاء مستشفى ميداني في (أرض المعارض الدولية) في منطقة مشرف و(مستشفى الفروانية الميداني) بالتعاون مع الحرس الوطني.
وبعد اعتماد اللقاحات عالميا بادرت الكويت باطلاق أولى حملاتها التطعيمية في 24 ديسمبر 2020 من خلال مركز الكويت للتطعيم اعقبها انشاء العديد من المراكز في جميع المحافظات تسهيلا للراغبين في تلقي اللقاح من المواطنين والمقيمين.
وفي هذا الصدد، أوضح وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية الدكتور عبدالله البدر لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين ان الكويت كان لديها مخزون استراتيجي من الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية.
واضاف البدر انه منذ رصد أول حالة في العالم تأهبت الكويت واستعدت لهذا الأمر وكانت تتابع عن كثب تطور الأوضاع حول العالم واستعدت بشكل كامل اثر قرارات مجلس الوزراء بتعزيز المخزون الاستراتيجي من العلاجات.
وتابع أن الكويت قامت في شهر مايو 2020 بمراسلة كبرى الشركات العالمية المنتجة للقاحات لحجز كميات منها كما اجرت اتصالات مع المكاتب الصحية الكويتية الخارجية في الولايات المتحدة وبريطانيا للتنسيق مع الشركات المعنية بانتاج اللقاحات في هذا الشأن.
وأوضح أن الكويت قامت أيضا بمراسلة اتحاد مستوردي الأدوية في الكويت وكذلك الاتحاد العالمي لأصحاب الشركات المنتجة ليكون لها السبق في شراء اللقاحات فور اعتمادها من الجهات الرقابية العالمية لافتا الى “انه تم طلب كميات اللقاحات طبقا لعدد السكان من مواطنين ومقيمين بما فيها الجرعات التنشيطية”.
وقال ان الوزارة كانت تعقد اجتماعات دورية مع دول مجلس التعاون الخليجي والصين والولايات المتحدة وبريطانيا حول التجارب والخبرات في هذا المجال والتعرف على أنواع الأدوية التي يمكن استخدامها في البروتوكولات العلاجية.
وذكر ان الكويت مرت بذلك بتجربة فريدة من نوعها ونجحت بكل المقاييس في ادارتها الامر الذي يؤهلها في ان تكون جاهزة ومستعدة لأي عارض أو وباء مستقبلا مشيرا “إلى ان هناك لجنة طوارئ مشكلة واستراتيجية تم اعدادها للتعامل مع (كوفيد-19) اذا انتشر مرة أخرى”.
من جهته، قال رئيس فريق (كوفيد-19) الدكتور هاشم الهاشمي ل(كونا) ان الكويت اتخذت عددا من التدابير لحماية الصحة العامة والحيلولة دون انتشار الأوبئة عبر إجلاء جميع الكويتيين العالقين في الخارج على أربعة مراحل وشملت الخطة 185 رحلة قادمة من 58 جهة حول العالم ليبلغ عدد العائدين 31 ألفا خلال مراحل العودة.
وأضاف الهاشمي انه لتوعية أفراد المجتمع بكيفية التحقق مما يصلهم وللحد من الإشاعات قامت وزارة الإعلام بإطلاق موقع حملة (تحقق) الإلكتروني لمكافحة الظاهرة عن طريق توعية الناس كما استعانت الحكومة بتطبيق (شلونك) لإجلاء المواطنين العالقين بالخارج كوسيلة للتحقق من البيانات ودخول الطائرة.
ولفت إلى أنه في مجال التبرعات والحملات التطوعية والأعمال الخيرية قامت الكويت بالتبرع بمبلغ 40 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية استفادت منه كل من العراق وايران وفلسطين والصين كما قامت أيضا بالتبرع بأجهزة طبية لليمن.
من جانبه، قال مدير إدارة الصحة العامة الدكتور محمد السعيدان ل(كونا) ان “جائحة كورونا هي الجائحة الاولى من نوعها في التاريخ التي استخدمت فيها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على مثل هذا النطاق الواسع لإحاطة الناس وإعلامهم والحفاظ على سلامتهم وإنتاجيتهم والتواصل فيما بينهم”.
وذكر السعيدان انه في المقابل “فان التكنولوجيا التي نعتمد عليها حاليا للتواصل والاطلاع تفسح المجال (لوباء معلوماتي) ضخم يتضمن محاولات متعمدة لنشر معلومات خاطئة بهدف تقويض الاستجابة في مجال الصحة العامة وعرقلة جهود الاستجابة العالمية وتهديد التدابير المتخذة لمكافحة الجائحة”.
وبين “ان هذه المعلومات الخاطئة والمضللة من شأنها أن تؤدي إلى الحاق الضرر بصحة الناس الجسدية والنفسية واستفحال ممارسات الوصم وتهديد المكاسب الصحية الثمينة وتشجيع عدم التقيد بتدابير الصحة العامة مما يحد بالتالي من فعاليتها ويهدد قدرة البلدان على وقف مسار الجائحة”.
وقال ان الكويت ايقنت ان المعلومات المضللة تفرط بالارواح وان نقص الثقة والافتقار الى المعلومات الصحيحة تجعل الناس يترددون في الاستفادة من اختبارات التشخيص وبذلك تضيع اهداف حملات التحصين ويستمر الفيروس في الانتشار.
ولفت إلى أن الكويت كثفت جهودها الإعلامية للحد من انتشار المعلومات المضللة بتكاتف جهود اللجنة الوطنية لكورونا ووزارات الدولة المعنية وجمعيات النفع العام من خلال نشر المعلومات الصحيحة عن المرض والتطعيم.
وحول كيفية إدارة (الوباء المعلوماتي) بشأن الفيروسات قال السعيدان إن الكويت تقر بأهمية مواجهة (الوباء المعلوماتي) كجزء أساسي في جهود السيطرة على جائحة (كوفيد-19) وذلك باتاحة محتوى موثوق واتخاذ تدابير لدحض المعلومات المضللة والخاطئة وتسخير التكنولوجيا الرقمية في شتى جوانب الاستجابة.
وأشار الى ان الكويت تصدت للمعلومات الخاطئة والمضللة في الفضاء الرقمي والتصدي للأنشطة الإلكترونية الضارة التي تقوض الاستجابة الصحية للجائحة ودعم إتاحة البيانات العلمية الدقيقة للجمهور من خلال وسائل الإعلام ونشرات التوعية والمقابلات الاذاعية والتلفزيونية.
بدوره، قال رئيس قسم مكافحة الأمراض المعدية الدكتور حمد بستكي ل(كونا) إن ذلك “سيكون عبر التحديث المستمر لخطة الطوارئ لمجابهة انتشار الأمراض المعدية وتطوير وتحديث فرق للتأهب والاستجابة لطوارئ الصحة العامة”.
وأفاد بستكي بأن الوزارة حرصت على الاستمرار في تطوير وتحديث خطة الطوارئ لمواجهة الأوبئة وتفشي الاوبئة طبقا لمستجدات الأوضاع.
وأوضح انه تم تجهيز دليل لكافة العاملين الصحيين في مجال الصحة العامة والمجالات الصحية الأخرى حتى يتسنى لهم الوقوف على العناصر اللازمة وعلى نحو منهجي من أجل التوصل إلى درجة قصوى من الاستعداد للتصدي لاي مرض طارئ يهدد الصحة العامة.
وقال إن التخطيط والاستعداد الجيد للمواجهة بما في ذلك وضع وإقرار خطط طوارئ خاصة فيما يتعلق بالصحة العامة والأمراض المعدية يفسح المجال لتقديم كل ما يلزم من المساعدة ويتيح اتخاذ تدابير سريعة وحاسمة تؤدي في نهاية المطاف إلى تجاوز الأزمات والكوارث الصحية بأقل ما يمكن من الخسائر.