تحتفل دولة الكويت غدا الخميس بالذكرى الستين للعيد الوطني الذي يجسد أعظم معاني وقيم الانتماء للوطن وقيادته التي حرصت طوال العقود الماضية على تعزيز مكانته والمحافظة على أمنه واستقراره ودفع عملية التنمية فيه بشتى المجالات.
وتحيي البلاد هذه الأيام احتفالاتها بأعيادها الوطنية في ظل القيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظهما الله ورعاهما والتفاف أبناء الشعب حول قيادتهما الحكيمة لتمضي بسفينة هذا البلد نحو شاطئ الأمان والاستقرار والازدهار.
وإذ تحفل الكويت بالأجواء الاحتفالية الوطنية فإنها تستذكر بكل العرفان والإجلال سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه الذي وافاه الأجل المحتوم في 29 سبتمبر الماضي بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات والمبادرات محليا وإقليميا وعالميا.
ويحق للكويت والكويتيين الفرح والاحتفال بهذا اليوم الوطني المجيد في ظل القيادة الحكيمة والشعب الوفي والمخلص وأرض تسودها المحبة والإخاء عاشت طوال تاريخها وسط لحمة وطنية راسخة وتلاحم شعبي فريد.
وعلى الرغم من تزامن هذه الاحتفالات مع الأزمة التي يشهدها العالم بسبب جائحة فيروس كورونا الذي يصادف اليوم مرور عام على اكتشاف أولى حالاته في الكويت فإن هذه الجائحة أظهرت المعدن الأصيل لأبناء الوطن الواحد في تضامنهم لمواجهتها وإظهار طاقاتهم الكامنة وقدراتهم المتميزة في سبيل خدمة الوطن والحد من تداعياتها.
وإذا كانت الجهات الحكومية المعنية قد حظرت التجمعات العامة التي تشهدها البلاد عادة في هذه المناسبة للاحتفال بتلك المناسبة الغالية حفاظا على صحة الجميع بسبب تلك الجائحة فإن تلك الاحتفالات لن تغيب عن البيوت والقلوب التي دائما أشبعت بحب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس من أجله.
وعبر الكويتيون وسط هذه الجائحة عن حبهم لوطنهم وتمسكهم بترابه رغم الظرف العصيب وأثبتوا أنهم على قدر عال من الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والصحية والدينية والثقافية والاقتصادية من خلال محافظتهم على بلادهم والعمل بإخلاص كل في مجال عمله للحد من انتشار الوباء.
فقد تحرك الطاقم الطبي كخلية نحل تعمل على مدار الساعة لإنقاذ المصابين بفيروس كورونا وتأمين الوقاية الصحية لكل المواطنين والمقيمين ونشطت جماعات متطوعة لدعم العاملين في وزارة الصحة فيما بذلت بقية الوزارات والجهات المعنية جهودا حثيثة لمؤازرة الجهود الصحية في مواجهة الأزمة.
وبدأت دولة الكويت احتفالها بالعيد الوطني الأول في 19 يونيو عام 1962 وأقيم بهذه المناسبة حينها عرض عسكري كبير في المطار القديم الواقع قرب (دروازة البريعصي) حضره عدد كبير من المسؤولين والمواطنين في أجواء من البهجة والسرور.
وفي ذلك اليوم ألقى الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح كلمة قال فيها “إن دولة الكويت تستقبل الذكرى الأولى لعيدها الوطني بقلوب ملؤها البهجة والحبور بما حقق الله لشعبها من عزة وكرامة ونفوس كلها عزيمة ومضي في السير قدما في بناء هذا الوطن والعمل بروح وثابة بما يحقق لأبنائه الرفعة والرفاهية والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين”.
واستمر الكويتيون يحيون العيد الوطني في 19 يونيو كل عام ما بين عامي 1962-1964 حتى صدر في 18 مايو 1964 مرسوم أميري جرى بموجبه دمج عيد الاستقلال بعيد جلوس الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح الموافق يوم 25 فبراير من كل عام بداية من عام 1965.
وقد شرعت دولة الكويت منذ عام 1962 في تدعيم نظامها السياسي بإنشاء مجلس تأسيسي مهمته إعداد دستور لنظام حكم يرتكز على المبادئ الديمقراطية الموائمة لواقع الكويت وأهدافها.
ومن أبرز ما أنجزه المجلس التأسيسي مشروع الدستور الذي صادق عليه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح (أبو الدستور) في نوفمبر 1962 لتدخل البلاد مرحلة الشرعية الدستورية إذ جرت أول انتخابات تشريعية في 23 يناير عام 1963.
وأنجزت البلاد الكثير على طريق النهضة الشاملة منذ فجر الاستقلال حتى اليوم على مدى أعوام متلاحقة ومضت على طريق النهضة والارتقاء الذي رسمته خطى الآباء والأجداد وتابعته همم الرجال من أبناء دولة الكويت خلف قيادتها الرشيدة.
ومنذ استقلال دولة الكويت وهي تسعى إلى انتهاج سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذة بالانفتاح والتواصل طريقا وبالإيمان بالصداقة والسلام مبدأ وبالتنمية البشرية والرخاء الاقتصادي لشعبها هدفا في إطار من التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية ودعم جهودها وتطلعاتها نحو أمن واستقرار العالم ورفاهية ورقي الشعوب كافة.
واستطاعت البلاد أن تقيم علاقات متينة مع الدول الشقيقة والصديقة بفضل سياستها الرائدة ودورها المميز في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي وتعزيز التعاون العربي ودعم جهود المجتمع الدولي نحو إقرار السلم والأمن الدوليين والالتزام بالشرعية الدولية والتعاون الإقليمي والدولي من خلال الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة دول عدم الانحياز.
كما حرصت دولة الكويت منذ استقلالها على تقديم المساعدات الإنسانية ورفع الظلم عن ذوي الحاجة حتى بات العمل الإنساني سمة من سماتها إذ تم تكريم الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح من الأمم المتحدة بتسمية سموه (قائدا للعمل الإنساني) ودولة الكويت (مركزا للعمل الإنساني) في سبتمبر عام 2014.
ولم يكن فبراير شهرا عاديا في تاريخ دولة الكويت لأن المناسبات الوطنية التي تقام فيه تشكل علامة فارقة يجب الوقوف عندها كل عام والتذكير بأحداثها ودور رجالات الرعيل الأول وتضحياتهم من أجل استقلال الوطن وبنائه فهو تاريخ مشرف لا ينسى رسمه الآباء والأجداد ويواصل مسيرته الأبناء جيلا بعد آخر.
وشهدت الاحتفالات بالأعياد الوطنية مراحل عدة لكل منها خصوصيتها وجمالها ومرت بالعديد من التغييرات عبر التاريخ مجسدة ذكريات وأياما جميلة محفورة في الوجدان بدءا من ستينيات القرن الماضي حتى وقتنا الحالي.
وكذلك كان الأمر في السبعينيات والثمانينيات إذ كانت الاحتفالات بالعيد الوطني تقام على امتداد شارع الخليج العربي بمشاركة مختلف مؤسسات الدولة العامة والخاصة وكان طلاب وطالبات المدارس يشاركون في هذه الاحتفالات إضافة الى الفرق الشعبية كما كان لمحافظات الكويت نصيب وافر من هذه الاحتفالات.
وفي عام 1985 وبمناسبة مرور ربع قرن على الاستقلال تم إعداد ساحة العلم بموقعها المميز والقريب من شاطئ البحر لإقامة احتفالات العيد الوطني وتم رفع أطول سارية لعلم دولة الكويت في هذه الساحة ولهذا سميت باسمها وتقدر مساحتها ب 100 ألف متر مربع تقريبا ويصل ارتفاع السارية الى 36 مترا تقريبا.