(كونا) — تتوج زيارة دولة التي يقوم بها سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه إلى الأردن غدا الثلاثاء مسيرة طويلة من العلاقات الثنائية الأخوية التي تعود جذورها الدبلوماسية إلى عام 1961 وسط حرص قيادتي البلدين الشقيقين على تطوير التعاون والشراكة الاستراتيجية والتنسيق المشترك في المحافل الإقليمية والدولية.
ويسعى البلدان الشقيقان إلى توطيد هذه العلاقات والتمسك بروابط الأخوة واللغة والتاريخ والمصير المشترك وتطويرها نحو ما يحقق المصلحة العليا المشتركة للشعبين الشقيقين.
وأصبحت هذه العلاقات مثالا للعمل العربي المشترك إذ ترتبط الكويت والأردن باتفاقيات ثنائية تعزز مسيرة التعاون والتقدم بينهما في المجالات السياسية والبرلمانية والثقافية والاقتصادية والتعليمية والصحية والإعلامية والعسكرية وغيرها.
وفي موازاة التنسيق المستمر وتطابق المواقف والرؤى حيال مختلف القضايا يرتبط البلدان باتفاقيات شراكة وتعاون عددها نحو 73 اتفاقية في مختلف المجالات فعلى الصعيد السياسي لا يمكن حصر عدد اللقاءات والزيارات الثنائية والهادفة إلى تنمية أواصر الأخوة وتطوير العمل الثنائي في شتى المجالات لاسيما المتعلقة بالعمل العربي المشترك فيما التنسيق السياسي بين البلدين بأعلى درجاته.
وتعتبر القضية الفلسطينية العنوان الأبرز للتنسيق المشترك إذ تتوحد الرؤى الكويتية والأردنية في المحافل الإقليمية والدولية من أجل نصرة الشعب الفلسطيني وانهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل.
وتثمن الكويت جهود العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين في موقفه الثابت الذي يتبناه في دعم أهل غزة بعد الجهود الإنسانية المتمثلة في عمليات الإنزال الجوي التي تم تنفيذها بهدف تقديم المساعدة والإغاثة لأهل القطاع في وجه عدوان الاحتلال الاسرائيلي.
كما أن العلاقات السياسية بين البلدين وصلت إلى أبعد مدى من التنسيق والتشاور خصوصا على المستوى البرلماني بما يجسد حالة الثقة والتعاون في توحيد المواقف ومستوى عال من التنسيق بين برلماني البلدين في مختلف المحافل ودائما ما كان التواصل قائما حيال مختلف القضايا التي تحقق مصلحة الشعبين الشقيقين والأمتين العربية والإسلامية.
وعلى الصعيد الاقتصادي تولي الكويت أهمية كبيرة للارتقاء بمستوى التعاون الثنائي مع الأردن إذ تحتل الاستثمارات الكويتية هناك المرتبة الأولى بالنسبة لحجم الاستثمارات العربية في المملكة بقيمة تصل إلى نحو 20 مليار دولار موزعة على قطاعات عدة أبرزها السياحة والصناعة الاستخراجية والبنوك والاتصالات والعقارات والنقل.
ويعد الصندوق الكويتي للتنمية شريكا أساسيا في دعم الجهود التنموية في الأردن كما كان للمساعدات التي قدمتها الكويت للمملكة بصمات واضحة في تمويل العديد من المشاريع ذات الأولوية التنموية التي كان لها الأثر الواضح في مساندة ودفع جهود الحكومة الأردنية في عملية التنمية حيث مول الصندوق حتى الآن نحو 32 مشروعا بقيمة تجاوزت 230 مليون دينار كويتي (نحو 760 مليون دولار).
كما أن الفرص متاحة أمام الكفاءات الأردنية للعمل في سوق العمل الكويتي حيث تفتح الكويت أبوابها للأشقاء العرب وتحتضنهم دون تمييز وتوجد مجموعة كبيرة من الكفاءات المؤهلة من أبناء الجالية الأردنية في مختلف القطاعات وعددهم نحو 62 ألفا.
وفي المجال الصحي هناك تعاون ثنائي بين البلدين الشقيقين حيث تحرص وزارة الصحة الكويتية على تبادل الخبرات مع الجانب الأردني لما يمتاز به من كفاءات تمريضية ذات مستوى عال ومتنوع ففي يناير 2023 زارت لجنة صحية كويتية الأردن لاختيار نحو 120 ممرضا وممرضة للعمل بوزارة الصحة الكويتية لسد العجز في الكادر التمريضي في البلاد.
وتشمل المجالات المطلوبة من هذه الكفاءات التمريضية تخصص غسل الكلى والعمليات والعناية المركزة والأمراض الباطنية والسرطان في قت تسعى وزارة الصحة للاستفادة من الخبرات والكوادر الأردنية للعمل بالمراكز الصحية والمستشفيات إذ يشكلون إضافة للعمل ويساهمون في تطوير الخدمات الصحية.
وعلى المستوى العلمي والتربوي والثقافي يرتبط البلدان الشقيقان باتفاقيات تعاون تهدف إلى تعزيز أواصر التعاون في تلك المجالات إذ تحتضن الهيئات التعليمية الكويتية المختلفة من مدارس ومعاهد تطبيقية وجامعات أساتذة أردنيين إضافة إلى عدد كبير من الطلبة الأردنيين في المدارس والمعاهد والجامعات في الكويت.
في المقابل يوجد عدد كبير من الطلبة الكويتيين الدارسين في الأردن ويقدر عددهم بأكثر من 4000 طالب وطالبة يتمتعون بمستوى عال من التعليم في الجامعات الأردنية.
كما أصبحت العلاقات الكويتية – الأردنية نموذجا مكتملا في مختلف مجالات التعاون لاسيما في المجال العسكري ومجالات التنسيق تتسع وتنمو وتكبر مع استمرار المتابعة وهذا ما تؤكد عليه قيادتا البلدين الشقيقين.
ففي فبراير 2024 تم التوقيع على محضر لجنة التعاون العسكري الكويتي – الأردني السابع في العاصمة عمان وأثمر التعاون العسكري مع الأردن خلق قاعدة متميزة في الحرس الوطني كما استفادت الكويت من الخبرات العريقة للجيش الأردني ما انعكس على تطوير الخطة التدريبية التي شهدت تغييرا جذريا في التدريب ومهام العمليات.
وكان الحرس الوطني الكويتي بدأ التعاون مع الجيش الأردني العام 2017 عقب انطلاق أول اجتماعات التعاون العسكري التي تشمل دورات التدريب وتنسيق التمارين العسكرية المشتركة والتي حققت أهدافها من الإنجاز والتطور المنشود.
ويبرز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين أيضا في المجال الإنساني فالسفارة الكويتية في الأردن تسخر جهودها لدعم جهود الجمعيات الخيرية الكويتية تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية التي تولي العمل الخيري والإنساني اهتماما كبيرا من حيث تقديم المساعدات للاجئين السوريين والفلسطينيين في الأردن كذلك الأسر المتعففة من الأردنيين.
ويوجد أيضا في موازاة ذلك تعاون دائم بين جمعيتي الهلال الأحمر الكويتي والأردني في تنفيذ حملات لتوزيع مساعدات على المحتاجين من الأردنيين واللاجئين طوال العام خصوصا في شهر رمضان المبارك.
وترتبط الكويت والأردن بعلاقات اجتماعية تعكس وتزيد وشائج المحبة والأخوة وتلك العلاقة قائمة ومستمرة في السراء والضراء ففي مايو 2023 حضر ممثل حضرة صاحب السمو أمير البلاد إلى الأردن لتقديم التهاني والتبريكات في حفل زفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله وفي ديسمبر 2023 أعلن الديوان الملكي الأردني الحداد سبعة أيام على وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وقوفا ومساندة للكويت والشعب الكويتي في مصابها الجلل.
وتستند العلاقات الكويتية -الأردنية إلى تاريخ طويل ومتميز ومتين يكمل مسيرته صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وأخوه صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني وتشهد هذه العلاقات خلال عهديهما الميمونين تطورا ملحوظا وتشاورا مستمرا في مختلف القضايا الإقليمية والدولية وتحظى باهتمامهما البالغ.