اكدت محكمة الجنايات في الحكم الذي اصدرته قبل أيام بحبس مالكيّ شركة بيع السيارات الفارهة أن المتهمين ارتكبا الاتهامات المسندة اليهما، بأن نسجا مشروعهما الإجرامي بإيقاع المجني عليهم في براثن ذلك المشروع.
الاحتيال والتدليس
وقالت المحكمة ـ في حيثيات الحكم الذي حصلت “السياسة” على نسخة منها ـ ان المتهمين مارسا طرقهما الاحتيالية بأن سوقا وروجا بطريق الكذب والتدليس للعملاء داخل الكويت وخارجها بعرض السيارات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسعار تقل عن السعر الرسمي السائد داخل البلاد وفي مدد قياسية، وإمعاناً من شركتهما في كسب الثقة وجذب العملاء التزمت شركتهما في بداية ممارستها لنشاطها بتنفيذ العقود وتحويل ملكية بعض السيارات للعملاء ما أدى إلى قيام المجني عليهم على الإقدام على شراء السيارات من الشركة، فضلاً عن نشر صور مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي مع هذه السيارات حتى يبثا الطمأنينة في نفوس المجني عليهم.
توزيع أدوار
وأضافت المحكمة التي كانت اصدرت حكمها خلال جلسة عقدت قبل نحو اسبوع ـ ان المتهمين استغلا تلك الطرق الاحتيالية التي أتت بالفائدة عليهما بالاستيلاء على أموال المجني عليهم المبينة بالأوراق دون تسليمهم للسيارات المتفق على شرائها في الوقت المحدد، آخذين من شركتهما ساتراً لجريمتهما، إذ قاما بتوزيع الأدوار فيما بينهما، على أن يقوم المتهم الثاني بالترويج للشركة من خلال ظهوره في مقاطع فيديو تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي للسيارات، والاشراف على تسليم بعضها لأشخاص من المشاهير ممن لهم نفوذ وتأثير اعلامي من اجل التسويق والدعاية لهما باعتباره الوجه الإعلامي للشركة على مواقع التواصل ، ثم أتى دور المتهم الأول في ابرام العقود مع المجني عليهم من خلال موظفي الشركة، وتحصلا بتلك الطرق الاحتيالية على أموال المجني عليهم.
خلط الأموال لغسلها
وانتهت المحكمة ـ بقناعة تامة واطمئنان ـ الى أن المتهمين قصدا من أفعالهما سالفة البيان الى التدليس على المجني عليهم باستعمال الطرق الاحتيالية السابق بيانها، للاستيلاء على أموالهم التي بلغت قيمتها 17832500 دينار كويتي، فضلا عن مليون و585 ألف ريال قطري، واستخدما شركتهما وعاء ناقلا للأموال للتمويه على مصدرها الحقيقي في عملية غسل الأموال المستولى عليها من المجني عليهم عن طريق خلطها بمجموعة من العمليات المشروعة بغرض إخفاء وتمويه مصدرها غير المشروع، من خلال سرعة دوران الأموال التي تتم تغذيتها بها وتقارب إجمالي الحركات الدائنة مع إجمالي الحركات المدينة، وعدم الاحتفاظ بأرصدة كبيرة بها على الرغم من تعاظم التعاملات المالية فيها حتى اخراج تلك الأموال إلى كيانات مختلفة خارج البلاد من خلال شركات الصيرفة المتواجدة داخل البلاد غير مكترثين بفروق سعر العملة أثناء عملية التحويل لإخفاء مصدر تلك الأموال غير المشروع، الأمر الذي تتحقق معه أركان جريمة غسل الأموال.
واضافت المحكمة: ان ضابط إدارة مكافحة جرائم المال بوزارة الداخلية بالتحقيقات، دلت تحرياته على أن المتهمين باشرا نشاط تجارة السيارات، وارتكبا من خلاله العديد من جرائم النصب والاحتيال، كما قاما بحيازة الأموال المتحصلة من جريمتهما وتدويرها بين حساباتهم وحسابات الشركة المذكورة وبعض شركات الصرافة ثم تحويلها إلى حسابات أخرى خارج البلاد إلى كيانات مختلفة لم يتبين معها مالها النهائي بغرض تمويه وإخفاء مصدرها غير المشروع.
وقالت المحكمة: إن ما ثبت من أقوال المجني عليهم ومن مثلهم قانوناً في التحقيقات، ومن الشكاوى المقدمة للنيابة العامة إنهم وقعوا في جريمة نصب نتيجة الحملات الدعائية والإعلانية لشركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن توفيرسيارات بأقل من سعر السوق وهو ما حملهم على تحرير عقودهم معها لشراء سيارات مستوردة من الخارج مقابل مبالغ بعضها تم سدادها كاملة والبعض الآخر سدد جزء منها، إلا أنهم لم يستلموها بعد مضي المدة المتفق عليها، وتم الاستيلاء على أموالهم، وما أثبت بمحاضر المخالفات المحررة بمعرفة إدارة قطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك بوزارة التجارة والصناعة، وكذلك ما ثبت من عقد تأسيس الشركة.
مشروع إجرامي
وأنهت المحكمة انها تطمئن إلى تلك الأدلة السالف إيرادها وذلك لسلامة مأخذها ولخلوها من ثمة شائبة ولتساندها مع بعضها البعض ولكفايتها – مضموناً ومؤدى – في التدليل على صحة التهمتين المسندتين إلى المتهمين وثبوتهما في حقهما بالوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة، ومن ثم فإن المحكمة تأخذ بماسلف كأدلة على إدانتهما، ويكون قد استقر في عقيدة المحكمة – بيقين لا يلابسه شك – أن المتهمين في الزمان والمكان الواردين بتقرير الاتهام قد ارتكبا الجريمتين المسندتين إليهما، الأمر الذي يتعين معه وعملاً بالمادة (172/ 1) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية عقابهما عنها، بعد إعمال أثر الارتباط المقرر بالمادة (84) من قانون الجزاء كونها تشكل مشروعًا إجراميًا واحدًا بشأنه بالحكم عليهما بعقوبة واحدة عنها هي عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة (84/ 1) من قانون الجزاء، وإذ كانت عقوبة التهمة الأولى “غسل الأموال” هي الأشد الأمر الذي تقضي معه المحكمة بمعاقبة المتهمين عنها.
الضحايا أكثر من 400 كويتي وخليجي
قضت المحكمة في الحكم الذي أصدرته في القضية بحبس صاحب مكتب سيارات وشريكه 10 سنوات مع الشغل والنفاذ وغرامات مالية تجاوزت 17 مليون دينار ، بعد إدانتهما بجرائم غسل أموال ونصب على أكثر من 400 مواطن وخليجي بجلب سيارات من خارج البلاد
الحمادي: المحكمة لا تعتد بإنكار المتهمين ما لم يقدما دليلاً يثبت عدم ارتكاب الجريمة
قال المحامي عمر الحمادي ـ بصفته وكيل عدد من المجني عليهم ـ إن المحكمة لا تعتد بإنكار المتهمين للتهم المسندة اليهم، مع عدم وجود دليل يدعم ادعاءهما بعدم ارتكاب الجريمة، لافتا الى ان ما بدر من المتهمين من أفعال أضرت بالمجني عليهم وأخلت بالتعاملات التجارية، يستوجب عقابهما بأشد ما يقرره القانون من عقوبات، حتى يرد الحق لأصحابه ويرد لهذا المجال شأنها وثقة وحسن نية المتعاملين به.
وأفاد بأن المتهمين حولا المبالغ التي حصلاها من المجني عليهم والتي تقدر بأكثر من 17 مليون دينار كويتي ومليون ونصف مليون ريال قطري لإخفاء مصدرها غير المشروع، بعدما أوهماهم بإمكانية شراء مركبات فارهة بسعر أقل من الوكالات وشحنها وتوصيلها لهم.
ولفت إلى أن المتهمين يواجهان تهمتي النصب والاحتيال وغسل الأموال بمبالغ كبيرة بعد اتهامهما من قبل أكثر من 500 شخص داخل وخارج الكويت بالنصب عليهم بتوريد مركبات مختلفة وغسل أموالهم المتحصلة من جريمة النصب.
المتهم الأول: “كورونا السبب”..!
ذكرت المحكمة في حيثيات حكمها ان المتهم الأول سعى الى درء التهمتين عنه، بما قرره في تحقيقات النيابة العامة ان سبب عدم تسليمه السيارات للمجني عليهم هو تعثره بسبب جائحة كورونا، إذ استمر بالترويج اعلامياً ببيع السيارات، وابرم مع بعض المجني عليهم عقوداً في اوقات لاحقة على تلك الجائحة
“المكتب” حوّل أكثر من 44 مليون دينار خلال 3 سنوات
كشفت المحكمة ان شركة صرافة أخطرت وحدة التحريات المالية بشأن تعاملات الشركة (المتهمة الثالثة) بتضخم مفاجئ في مبالغ التحويلات التي أجرتها خلال فترة قصيرة باعتبارها شركة وليدة في عام 2019، فضلاً عن عدم مراعاة مالكها (المتهم الأول) تغير سعر العملات حال تحويله مبالغ كبيرة دون أن يعبأ بما قد يلحقه من خسارة بسبب تغير سعر الصرف، حيث بلغ إجمالي التحويلات إلى كيانات مختلفة خارج البلاد خلال الفترة من 3 سبتمبر 2019 حتى 16 يونيو 2022 نحو 44 مليونا و535 ألفا و250 دينارا.