يتوجه أكثر من ستة ملايين ناخب نمساوي الى صناديق الاقتراع غدا الاحد لاختيار رئيس جمهورية جديد للبلاد لفترة رئاسية تمتد ست سنوات.
ويتنافس في هذه الانتخابات الرئاسية سبعة مرشحين أبرزهم الرئيس الحالي ألكسندر فان دير بيلن الذي يتطلع لفترة رئاسة ثانية الى جانب مرشح حزب الاحرار اليميني المتطرف فالتر روزنكرانز اضافة الى مرشحين مستقلين اخرين.
وترجح غالبية استطلاعات الرأي فوز الرئيس فان دير بيلين (78 عاما) بأكثر من 52 في المئة من الاصوات في الاقتراع حيث لا يستبعد ان تحسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الاولى من السباق الرئاسي.
ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية في البلاد رفض الرئيس الحالي اجراء اي مناظرات تلفزيونية مع المرشحين المنافسين متجنبا التحدث معهم امام وسائل الاعلام المحلية.
وأكد انه سيعمل على حسم الانتخابات من الجولة الاولى والعودة إلى قصر هوفبورغ الرئاسي بأقرب وقت ممكن حيث تنتظره هناك ملفات دولية هامة خاصة في ظل الاوقات الصعبة والازمات المتعددة الراهنة الناجمة عن الحرب في اوكرانيا والتي تتطلب حسب ما يقول “جهدا ووقتا كبيرين”.
ويرى فان دير بيلن “ان امامه اليوم مهمة كبيرة تتركز في الحفاظ على السلام والديمقراطية والقيم الاوروبية والتماسك الاجتماعي وكل ما هو جميل وعزيز في الوطن”.
وقال “سأبذل كل ما بوسعي لكي تكون السنوات القليلة المقبلة مفيدة لجميع المواطنين ولن أرتاح حتى اتأكد من اننا جميعا نسير على النهج الصحيح وسأقوم بتسخير كل خبرتي في الحياة من اجل النمسا ولا استطيع التفكير في اي شيء اخر اكثر اهمية من ذلك”.
يذكر ان الحزبين الكبيرين في النمسا (الاشتراكي) و(الشعب المحافظ) لم يطرحا خلال هذه الانتخابات اي مرشح يمثلهما لمنافسة الرئيس الحالي الكسندر فان دير بيلن وعبرا عن نيتهما دعم الرئيس لولاية رئاسية ثانية خاصة انه ادار “باقتدار” ازمتين سياسيتين كبيرتين في البلاد تسببتا في سقوط الحكومة في 2019 و2021 بسبب فضائح فساد.
وأكدت زعيمة الحزب الاشتراكي المعارض باميلا ريندي فاغنر ان الكسندر فان دير بيلن قاد النمسا خلال ظروف صعبة وأزمات واضطرابات في اوروبا والعالم في اشارة الى الوباء والازمة الاقتصادية والحرب على اوكرانيا وكان يؤدي واجباته بشكل مستقل ومسؤولية وحكمة.
من جانبه اعتبر زعيم (حزب الخضر) ونائب المستشار فيرنر كوجلر ان احتمال بقاء الرئيس الحالي في منصبه لفترة ثانية سيكون بمثابة بشرى سارة للنمسا وشعبها.
لكن مرشح (حزب الاحرار اليميني) المتطرف المعارض الذي يدرك مدى شعبية فان دير بيلن الذي فاز على مرشح حزبه في انتخابات 2016 أعرب عن استيائه من قرار رئيس الجمهورية الترشح لولاية ثانية بسبب كبر سنه وطالب بوضع حد معين لسن المرشح للانتخابات الرئاسية لمنع اعادة ترشح الرئيس الحالي.
وتعهد بانه في حال وصوله الى الرئاسة سيقوم بإلغاء تدابير مكافحة فيروس كورونا ويقدم مساعدات عاجلة الى المواطنين النمساويين معتبرا ان العقوبات المفروضة على روسيا تضر بالمصالح النمساوية بشكل كبير.
يذكر ان فان دير بيلن تسلم رئاسة الجمهورية في 4 ديسمبر 2016 لفترة ست سنوات بدعم شعبي نسبته نحو 54 في المئة وأدى اليمين في 26 يناير 2017.
وهذا يعني أن الانتخابات الرئاسية في النمسا لم تعد تجرى في الربيع كما جرت العادة منذ عام 1951 بل في الخريف اي في اكتوبر او نوفمبر وبالتالي يجب ان يؤدي الرئيس اليمين الدستورية امام البرلمان في 26 يناير 2023.
ويحق لجميع المواطنين النمساويين من عمر 16 عاما فما فوق الادلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها غدا على ان يكون الشخص غير مدان بأحكام قضائية.
كما يسمح للنمساويين الذين يبلغون من العمر 35 عاما على الاقل الترشح لمنصب رئيس الجمهورية رغم ان المرشحين لهذا المنصب كانوا على الدوام اكبر سنا بشكل ملحوظ.
ووفق الدستور يمكن للرؤساء الترشح لولاية ثانية فقط بعد السنوات الست الاولى من الحكم واستفاد من هذا الحق جميع رؤساء الجمهورية في النمسا باستثناء الرئيس كورت فالدهايم الذي اضطر في عام 1992 الى الاستقالة بعد ان فتح النقاش حول ماضيه النازي المزعوم.
وما يثير الاستغراب للوهلة الاولى في عملية سير هذه الانتخابات هو غياب الملصقات والاعلانات في الشوارع العامة كما جرت العادة حيث اقتصرت الاعلانات لصالح المرشحين على وسائل التواصل الاجتماعي فقط الامر الذي شكل حدثا فريدا من نوعه وعلى خلاف الانتخابات الرئاسية التي كانت فيها الشوارع الرئيسية تعج بصور المرشحين.
وما يميز ايضا الانتخابات الرئاسية لهذا العام 2022 مقارنة بالانتخابات السابقة هو غياب الاحزاب الى حد كبير حيث لا يوجد حزب وراء معظم المرشحين الرئاسيين اذ اعتمدت الحملة الانتخابية الرئاسية على موارد مالية محدودة اظهرت بشكل جلي ان المرشحين الرئاسيين يمكنهم لفت الانتباه اليهم بدون الحاجة الى اموال طائلة.