أصبحت شكاوى المحترفين الأجانب في كرة القدم على الأندية الكويتية، «موضة»، وبالتالي «سيفاً مصلتاً» على رقابها، لأن التنظيمات الدولية كالاتحاد الدولي (فيفا) ومحكمة التحكيم الرياضية (كاس) لا ترحم في عقوباتها التي تتراوح بين الغرامات الباهظة والحرمان من تسجيل اللاعبين، وصولاً إلى الإسقاط لدرجة دنيا والحل.
آخر هذه النزاعات ما يحصل حالياً بين نادي السالمية والسوري فراس الخطيب الذي كشف قبل أيام، أن «الاتحاد الدولي أصدر حكماً نهائياً بحرمان السالمية من تعاقدات جديدة خلال 3 فترات متتالية، في حال عدم حصوله على مستحقاته».
هذه النزاعات مردها إلى قرار غير مبرّر اتخذته الهيئة العامة للرياضة العام 2006، على عهد المدير العام الدكتور فؤاد الفلاح، بإلغاء 3 بنود مهمة (الثالث والرابع والخامس) من التعميم رقم 10 لسنة 1994، والذي كان ينظّم العلاقة بين الأندية والمحترفين الأجانب، و«غسلت يديها» من المسألة، دون أن تُصدر تعميماً ينظّم العلاقة بعد زيادة عدد المحترفين آنذاك (إلى أكثر من اثنين)، ما اضطرّ معظم تلك الأندية لدفع رواتب وعقود لاعبيها من ميزانيتها السنوية، دون ضوابط، كما كان يحدث سابقاً، وبالتالي أوجد ذلك خللاً جعلها تُقصّر في واجباتها بين دفع عقود المحترفين وتسديد رواتب الموظفين ومستحقاتها وفواتيرها وغيره.
منذ ذلك الوقت، طفت نزاعات طالت عقوباتها عدداً من الأندية، وشوّهت سمعة الكرة الكويتية.
معلوم أن البند الثالث من التعميم رقم 10 لسنة 1994 في شأن تقيد الأندية بضوابط التعاقد مع الأجانب ينص على «مساهمة الهيئة في تغطية تكاليف التعاقد مع اثنين من الأجانب بـ20 ألف دينار سنوياً فقط.
وفي حال زيادة تكاليف التعاقد، يتعيّن على النادي تغطية بقية القيمة من التبرعات والهبات من المتبرعين لهذا الغرض فقط، دون المساس بإيرادات النادي المختلفة».
كما نص البند الرابع على أن «يتم صرف قيمة العقد كاملاً بمعرفة الإدارة المالية في الهيئة.
وفي حال زيادة القيمة عن 20 ألف دينار المخصصة من الهيئة، فيتعيّن على النادي، قبل التوقيع، توريد الفرق الزائد إلى خزينة الهيئة لتتولى صرف المستحقات في موعدها للاعبين».
أما البند الخامس، فنصّ على أنه «لا يجوز للنادي إجراء اتفاقات مع الأجنبي خارج نطاق العقد أو مخالفة اي من بنوده، حيث سيتحمل مجلس إدارة النادي وحده تبعات مخالفة ذلك».
وهدفت «الهيئة» من هذه البنود التي ألغيت في 2006، إلى ألّا تُمس ميزانيات الأندية من الدعم الذي تقدّمه لكل منها سنوياً، وبالتالي ضمان أن تنبع الفروقات الزائدة من العقود، من التبرعات والدعم لهذا الغرض، وأن يتسلم المحترفون رواتبهم شهرياً حتى لا تنشأ نزاعات، ما قد يعرّض الأندية والكويت لعقوبات المنظمات الدولية.
واستمر تنفيذ التعميم إلى 2006، دون مشاكل بين الاندية ومحترفيها، حتى بدأت تظهر عقب إلغاء البنود المُشار اليها أعلاه.
معلوم أن القانون رقم 87 لسنة 2017 في شأن الرياضة، أكد في المادة 23 على «وجوب صرف منح الدعم والإعانات الحكومية (ميزانيات الأندية) في الأغراض والأوجه والمجالات المخصصة لها»، واعتبار المبالغ «من الأموال العامة».
هاتان النقطتان تعنيان أنه لا يجوز أن تُصرف على الاجنبي أموال الدعم والإعانات الحكومية أي ميزانيات الأندية، وبالتالي فإن هذه الأموال ستُراقب من قبل ديوان المحاسبة.
وللعلم، فإن المادة 34 من قرار «الهيئة» رقم 2 لسنة 2019، سمحت لكل نادٍ بأن يصرف 25 في المئة من إيرادات استثماره، على عقود الأجانب.
وهنا تقع على عاتق «الهيئة» مسؤولية إعادة تنظيم عقود الأجانب ووضع ضوابط بتعميم حديث وعصري، لإيقاف «موضة الشكاوى» والعقوبات والنزاعات، على غرار التعميم رقم 10 لسنة 1994.
هذا الأمر ليس فيه انتقاص من استقلالية الأندية لانه يندرج في الشق المالي الذي تراقبه «الهيئة».
ويتوجّب على «الهيئة» التأكد بأن سداد عقود الأجانب قادم من التبرعات بالإضافة إلى 25 في المئة من إيرادات الاستثمار في الأندية، وعليها أن تصدر تعميماً على نحو ما فعلت قبل 26 سنة، بأن تورد مبالغ تلك العقود إليها (مع فروقاتها الزائدة) حتى تصرف مستحقات الأجانب وفق العقود.
وإذا كان هناك أندية لم تنزلق اليوم في «مستنقع النزاعات»، فإن البعض عانى كثيراً.
معظم الأندية تضم لاعبين وهي لا تملك أساساً ما يمكن أن يسدد العقود، وبالتالي إمّا تعتمد على ميزانياتها (وتقع في الخلل) وإمّا على توفير المبالغ بطريقة أو بأخرى.
ما يزيد المسألة تعقيداً هو سماح اتحاد كرة القدم، أخيراً، بتعاقد كل نادٍ مع 5 محترفين أجانب، ما أدى إلى صعوبات مالية.