بينما تشتهر هولندا بالفعل حول العالم ببنيتها التحتية المخصصة على نحو رائع لاستخدام الدراجات، يمكن القول إن مرآب الدراجات الجديد الذي تم افتتاحه في أمستردام هذا الأسبوع، سينقل حالة الهوس بالدراجات في هولندا إلى مستوى جديد.
ويقول الكاتب فيرجوس أوسوليفان، في تقرير لـ “بلومبيرج”، إن المرآب المقام في محطة أمستردام المركزية، الذي تصل طاقته الاستيعابية إلى 7000 دراجة، تم بناؤه بتكلفة 60 مليون يورو، ومع ذلك هو لا يعد أكبر مرآب للدراجات في البلاد، إلا أنه يتسم بميزة فريدة للغاية، وهي أنه يقع بالكامل تحت الماء.
ويوضح الكاتب المتخصص في شؤون البنية التحتية الأوروبية والتصميمات والحوكمة الحضرية، أن المرآب، هو جزء من تجديدات أوسع للمساحة الكبيرة، والمزدحمة للغاية، الواقعة أمام محطة القطار الرئيسة في المدينة، “أمستردام سنترال”.
الجدير بالذكر أن تلك المساحة الواسعة المتاخمة لميناء المدينة، التي تخضع لعمليات إصلاح منذ 2017، يشار إليها محليا باسم “دي أنتري” وتعني “المدخل”، وذلك لأنه المكان الذي يدخل من خلاله ركاب السكك الحديدية – ومن قبلهم ركاب السفن – إلى المدينة.
أما فوق الأرض، فقد تم تخصيص جزء من المساحة الخاصة بسير السيارات، للمشاة وللدراجات، بينما تم إخلاء بعض الطرق لإتاحة مساحة أكبر للسمة المميزة للموقع، وهي: المياه.
وبعد التغييرات الكبرى التي تم إجراؤها في المكان خلال القرن العشرين، صارت مياه الميناء تتدفق حاليا حول كامل محطة السكك الحديدية المركزية التاريخية، والتي كان قد تم بناؤها على جزر اصطناعية. أما تحت الأرض، فقد تم في نفس الوقت إنشاء محطة مترو جديدة في المنطقة، تم افتتاحها لأول مرة في 2018.
ويشار إلى أن مرآب الدراجات الجديد، الذي يمكن الوصول إليه من خلال مستوى الأرض عبر منحدر منحني، هو آخر جزء من أعمال إعادة التشكيل التي كان يتعين الانتهاء منها في المكان.
ويقول كاتب التقرير، إن الجهد الذي تم بذله في إنشاء المرآب يعد مثيرا للإعجاب حقا. فقبل البدء في أعمال البناء، كان يتعين على المهندسين سد مداخل الحوض من ميناء أمستردام، وضخ المياه من المنطقة المغلقة حتى تجف. وقد تمت إزالة طبقات من الرمل قبل أن يتم تقوية حواف الحوض بجدران خرسانية.
ثم تم وضع أرضية المرآب وتزويدها بالأعمدة – التي تم نقلها إلى الموقع عن طريق المراكب – لدعم السقف، قبل أن يتم إعادة ملء الحوض بالمياه، ليتم ملء المرآب بالمياه بالكامل.
الجدير بالذكر أنه طوال كل هذه العملية التي استغرقت مدتها أربعة أعوام، ظلت الطرق من المدينة إلى المحطة، التي تستقبل يوميا 200 ألف مسافر من السكك الحديدية ومحطات المترو، مفتوحة وبلا عوائق.
وبينما من الممكن أن يبدو بذل كل هذا الكم من الجهد وإنفاق الأموال من أجل إقامة مرآب للدراجات، أمرا لا يصدق وفقا للمعايير الدولية، فهو أمر عادي في هولندا، حيث صارت إقامة مرافق رئيسة للدراجات تحت الأرض عند محطات السكك الحديدية المخصصة للعبور، أمرا شائعا بشكل متزايد في أنحاء البلاد.
وقد انتشرت مرافق الدراجات على الصعيد المحلي، لأن المدن الهولندية صارت تراعي اعتبارا حاسما ضروريا من أجل الاعتماد بقدر أكبر على استخدام الدراجات، وهو توسيع إمكانات السفر بدون سيارات وطريقة صديقة للمناخ، من خلال جعل الصلة بين البنية التحتية الخاصة بركوب الدراجات ومحطات السكك الحديدية المخصصة للعبور، سلسة بقدر الإمكان.
ومن جانبها، تقول ميريديث جلاسر، المديرة التنفيذية لـ “معهد ركوب الدراجات الحضري”، الذي يتخذ من أمستردام مقرا له “تظهر البيانات الواردة من المنطقة الحضرية في أمستردام وهولندا، أن هناك ما هو أكثر بكثير من مجرد التركيز على استخدام الدراجات من أجل تقليل الاعتماد على السيارات في القيام بالرحلات .. فالمرء يحتاج إلى الدراجات، إإضافة إلى نظام نقل عام عالي السعة وعالي الكفاءة وعالي التردد، لتقليل الاعتماد على السيارات”.
من ناحية أخرى، يساعد انخفاض حجم الرسوم التي يتم دفعها مقابل استخدام المرآب، في زيادة الإقبال عليه، حيث إن استخدام مكان في المرآب يكون مجانيا خلال أول 24 ساعة، ثم تكون التكلفة 1.35 يورو في اليوم التالي.