قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي يعتبر أحد الدوافع الرئيسية المحركة للانتعاش الاقتصادي في الكويت، على خلفية تجديد تأجيل سداد مدفوعات أقساط القروض (أبريل-سبتمبر) للمواطنين الكويتيين والانتعاش الأخير الذي شهدته القروض الاستهلاكية.
ووفق التقرير، ظلت معدلات الإنفاق قوية، على الرغم من تباطؤها أخيراً، نظراً للتقدم الملحوظ على صعيد طرح برامج اللقاحات وتراجع معدلات الإصابة بالفيروس في الفترة الأخيرة وتخفيف القيود المتعلقة بالجائحة.
لكن هناك بعض العوامل، التي تتضمن إمكانية تراجع الإنفاق العام (لاحتواء ضغوط الميزانية)، وزيادة ضعف سوق العمل خصوصاً بين صفوف الوافدين، وإمكانية تفشي موجة جديدة من الفيروس، مما قد يؤدي إلى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي خلال الفترة المقبلة.
تباطؤ نمو الإنفاق
وعلى الرغم من نمو معدلات الانفاق بنسبة 4 في المئة على أساس شهري في يوليو، فإن وتيرة النمو تباطأت بنسبة 18 في المئة على أساس سنوي، فيما يعد أدنى المعدلات المسجلة منذ نوفمبر الماضي، وبتراجع شديد مقابل نسبة 137 في المئة المسجلة في مايو.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى ارتفاع معدلات الإنفاق بأكثر من 12 في المئة في يوليو منذ بداية العام الحالي، مما يعتبر معدلات معقولة مقارنة بالمعدلات تاريخياً.
ويعكس التباطؤ الذي شهدناه أخيراً على الأغلب تلاشي التأثيرات الأساسية على أساس سنوي، التي ساهمت في تعزيز النمو في وقت سابق من العام الحالي بعد مرور عام على بداية الجائحة.
ومع تخطي انعكاسات تلك التأثيرات الأساسية، من المقرر أن يستقر نمو الإنفاق بشكل أكبر في المستقبل، مع هدوء وتيرة التقلبات التي تشهدها التدابير الاحترازية وعدم ظهور موجة أخرى من حالات الإصابة بالفيروس.
وعلى صعيد حلول الدفع التي يستخدمها المستهلكون، عاودت معدلات السحب النقدي من أجهزة السحب الآلي تراجعها مرة أخرى بعد أن شهدت أداءً إيجابياً على مدى أربعة أشهر متتالية، إذ تراجعت بنسبة 3.9 في المئة على أساس سنوي في يوليو بعد أن وصل معدل النمو في المتوسط إلى 17 في المئة في النصف الأول من عام 2021.
كما تراجع معدل نمو معاملات نقاط البيع بنسبة 12.8 في المئة على أساس سنوي في يوليو بعد أن وصل إلى مستوى قياسي بلغ 302 في المئة في مايو نظراً لتدابير الإغلاق والقيود، التي فرضت على الحركة خلال شهر مايو لاحتواء الجائحة.
لكن على الرغم من ذلك، ظل نمو معدلات الإنفاق عبر الإنترنت قوياً عند مستوى 42.8 في المئة، مما دفع حجم المعاملات عبر الإنترنت إلى تسجيل مستوى قياسي بلغ 0.92 مليار دينار، أو ما يعادل 38.3 في المئة من إجمالي قيمة الإنفاق.
تحسن ثقة المستهلك
مع إعادة فتح أنشطة الاقتصاد وارتفاع أسعار النفط، تحسنت معدلات الثقة تجاه سوق العمل وآفاق النمو الاقتصادي، ما أدى إلى زيادة الإنفاق على مشتريات السلع المعمرة. إذ واصل مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن شركة آراء للبحوث اتجاهه التصاعدي، إذ ارتفع من 93 نقطة في مارس إلى 99 نقطة في مايو، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ ديسمبر 2020. ويعكس النمو بصفة رئيسية آمال المستهلكين في أن أسوأ تداعيات الجائحة ربما تكون قد انتهت بالفعل.
وحافظ أداء معظم المكونات الفرعية للمؤشر، بما في ذلك مستويات العمالة الحالية (132) والسلع المعمرة (108)، على قوتها رغم استمرار تراجع مؤشرات الوضع الاقتصادي الحالي (87) والدخل الفردي الحالي (85).
القروض الاستهلاكية
دعم ارتفاع معدلات الاقتراض في أعقاب الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 بسبب الجائحة إنفاق المستهلكين. إذ تسارعت وتيرة النمو الإجمالي للائتمان الشخصي في الربع الثاني من عام 2021، مسجلاً زيادة سنوية بنسبة 11.6 في المئة في يونيو، فيما يعد أعلى معدل نمو سنوي يشهده منذ أوائل عام 2016.
وجاءت تلك الزيادة القوية على خلفية نمو القروض الاستهلاكية الشخصية (+ 12.8 في المئة)، التي شهدت نمواً في الربع الثاني من عام 2021 بعد تراجعها على مدى ربعين متتاليين.
من جهة أخرى، ساهم تراكم المدخرات بفضل تمديد تأجيل سداد مدفوعات أقساط القروض لمدة ستة أشهر للمواطنين في تعزيز معدلات الإنفاق، إذ يتوقع أن يساهم ذلك الإجراء مؤقتاً في تحرير حوالي مليار دينار للإنفاق المحتمل، أي ما يعادل حوالي 5 في المئة من الإنفاق الشخصي المقدر في عام 2020.
نشاط التوظيف
يواصل ارتفاع مستويات الإنفاق على خلفية النمو القوي لمعدلات التوظيف بين شريحة المواطنين الكويتيين. إذ كشفت البيانات الصادرة أخيراً عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن ارتفاع معدلات نمو التوظيف بين المواطنين الكويتيين بنسبة 2.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2021 مقابل 1.7 في المئة في الربع الرابع من عام 2020. ويعكس هذا النمو تحسن نشاط التوظيف في القطاع العام من أدنى مستوياته المسجلة منذ أكثر من ثلاثة أعوام التي بلغت 2.2 في المئة على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020 لتصل إلى 3 في المئة في الربع الأول من عام 2021، بينما سجل معدل التوظيف في القطاع الخاص انخفاضاً بنسبة 0.7 في المئة على أساس سنوي.
بالتالي، من المرجح أن يؤثر ضعف أداء القطاع الخاص على توقعات الإنفاق الاستهلاكي على المديين القريب إلى المتوسط.
وفي المقابل، حقق القطاع العام أداءً جيداً مقارنةً بالقطاع الخاص، لكن ذلك قد يعزى في الغالب إلى تأثيرات جهود توطين الوظائف “التكويت”.