بين الأحداث الدرامية والخطوط التاريخية.. مَن هي الحكيمة والولاّدة اليهودية «أم هارون»؟

بين خيالات الكُتّاب وصنّاع الدراما من جهة، وردود أفعال المؤرّخين من جهة أخرى، وهجمات النقّاد الاستباقية في المَقلَب الثالث، تصدّرت شخصية «أم هارون» ـ الممرضة والولاّدة اليهودية ـ عناوين عدد كبير من المقالات الفنية والنقدية، ونالت الحصة الأكبر نسبياً من نقاشات الجمهور وتغريدات المتابعين والتعليقات على المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

وتدور أحداث «أم هارون» خلال حقبة الأربعينيات من القرن الماضي، داخل قرية تضم جيراناً من مختلف الأطياف والديانات السماوية الثلاث، حيث تسلّط الحبكة الدرامية الضوء على تعايش أتباع هذه الديانات المختلفة معاً جنباً إلى جنب، وتقاسمهم الحلوة والمرّة بمحبةٍ وسلام، وعلى نحوٍ يمثّل أرقى أنواع التعايش والانفتاح وحوار الحضارات وقبول الآخر.

في تلك القرية، تعيش امرأة طيّبة تتمتع بالحكمة هي أم هارون، الممرضة والولاّدة اليهودية صاحبة الشخصية القوية التي تعالج أهل القرية وتطبّب كبارهم وصغارهم، وتولّد نساءهم بغض النظر عن انتماءات أهل القرية الدينية والطائفية، فضلاً عن كونها تحتوي قصصهم وتداري مشاكلهم وأسرارهم، ولكن المرأة تخفي سرّاً غامضاً ذي طابعٍ إنساني، يتكشّف تدريجياً خلال الأحداث الدرامية المتلاحقة.

الفهد: الشخصية درامية وليست وثائقية

تؤكد حياة الفهد على أن «وجود شخصيات من الديانة اليهودية في العمل هي بحد ذاتها فكرة غير مطروقة سابقاً في الدراما الخليجية، الأمر الذي يجعل العمل جديداً بطروحاته كلياً على المشاهد».

وتشدّد الفهد على أن الشخصية التي تلعبها درامية بامتياز، وليست وثائقية، وتضيف موضحةً: «على الرغم من أن هذه الطائفة ـ اليهود ـ كانت تعيش في منطقتنا ولا يمكن إنكار ذلك كواقعة تاريخية.. ولكن العمل في المقام الأول درامي، ويقدم شخصية «أم هارون» بوصفها الإنسانة المسالمة والطيبة التي عاشت في هذه المنقطة الجغرافية، وتعلمّت منذ صغرها كل ما يتعلّق بالطب والتوليد والأمور الصحية في المستشفى الذي عملت فيه».

وتتابع: «تمتلك أم هارون مقوّمات الطيبة والأمانة والكاريزما ومحبّة الناس، ما يجعلها تدخل كل قلب وبيت، دافعةً سكان القرية إلى وضع ثقتهم بها، من جميع الأطياف والأديان: مسلمين ومسيحيين ويهود».

توضح حياة الفهد أن «مشهد الأذان في بداية العمل سيحمل تحولاّ أساسياً في حياة أم هارون.. ويبقى السرّ الذي يؤرّقها والقضية الإنسانية التي تحتفظ بها في ذاكرتها مُخيّمةً على حياتها التي تعيشها وحيدةً».

المؤلفان: نقدّم دراما اجتماعية في قالب تاريخي

ويصف الكاتبان محمد وعلي شمس العمل بأنه «دراما اجتماعية في قالب تاريخي لا يخلو من الصراعات العاطفية والسياسية والاجتماعية والدينية، إضافة إلى الصراع مع الحياة». وحول شخصية أم هارون، يقول محمد وعلي شمس: «إنها شخصية افتراضية، تعيش في زمنٍ ما، في أحد الأحياء التي تضم الديانات الثلاث ضمن قالب اجتماعي غني بالأحداث».

ويقول المخرج محمد العدل: «أنا مغامر بطبيعتي حتى في مصر، لا أرضى بأن أحصر نفسي ضمن نوعية واحدة من الأعمال، بل أُنوّع قدر الإمكان، وحينما عُرض عليّ نص «أم هارون»، شجّعني اسم الممثلة القديرة حياة الفهد لخوض التجربة، كما أحببت فكرة لقاء نجوم من مختلف دول الخليج في عمل واحد، فما الذي يمنع العرب عموماً من اللقاء في أعمال تليق بالجمهور؟».

ويضيف العدل: «النص مكتوب بشكل جيد، ويضم شخصيات عدة ويناقش أفكاراً كثيرة وغنية، ما يجعل للمسلسل طابعاً خاصاً». ويختم العدل: «يشرفني أن أفتح باباً للمخرجين المصريين بدخول الخليج ليقدموا أعمالاً جيدة تليق بالمشاهد الخليجي والعربي».

النمر: العمل يدعو إلى التسامح

«الدراما ليست فيلماً وثائقياً!» بهذه العبارة يستهلّ عبدالمحسن النمر كلامه عن العمل الذي يؤدي فيه دور الحاخام اليهودي داوود. يصف النمر شخصية داوود بـ«الشخص الطيب والشرير في آنٍ معاً، إذ سنلمس في شخصيته الجانب الإنساني ككل.. بوجهيه الطيب والشرير».

ويضيف النمر: «الرجل يأتي إلى المنطقة منتقلاً إليها وحاملاً ثقافة مغايرة نسبياً عن ثقافة أبنائها».

ويوضح النمر أن المسلسل «يعالج حالة التعايش مع الطرف الآخر، وهي قضية محورية بنت عليها الدراما أحداثها في عملٍ يدعو إلى التسامح بين الأديان» أخيراً يتوقف النمر عند تجربته مع المخرج محمد العدل القادم من مصر: «العدل هو نجم في بلده مصر، ولأنه لم يكن لديه معرفة كافية بنا كممثلين في الخليج فقد انعكس هذا الأمر إيجاباً علينا كممثلين وعلى العمل بأسره، إذ ساعدنا العدل على اكتشاف نقاط وأدوات لعلّنا لم نكن نعرفها نحن في أنفسنا».

Exit mobile version