مصطلح “العمى” هو نسبي، وفي معظم الحالات لا يعني أن الفرد فاقد البصر كلياً، لكن مصطلح “العمى الكلي”، في المقابل، يصف الأشخاص الذين لا يستطيعون رؤية أي شيء على الإطلاق. وأولئك المكفوفين كلياً في إحدى العينين أو كلتيهما، ماذا يرون تحديداً؟
هذا ما يحاول موقع ” ليستفيرس” الإجابة عليه، مورداً 10 أشياء تحدثت عنها الأبحاث، وهي:
أولاً: لا شيء
لا شيء، بمعنى أنهم لا يرون لوناً أسود ولا أي شيء آخر. ولهذا لا يمكن للمكفوف شرح “رؤية لا شيء” لشخص يتمتع ببصر سليم منذ الولادة. ومع ذلك، هناك طريقة لعدم رؤية أي شيء. وهذا يتطلب إغلاق إحدى العينين مع التركيز بالعين الأخرى على شيء آخر، وفي تلك اللحظة لا يمكنك رؤية أي شيء بالعين المغلقة، ولا حتى اللون الأسود الذي تراه عندما تُغمض كلتا عينيك. هذا هو “اللا شيء” نفسه الذي يراه المكفوفون.
ثانيا: الضوء
إلى جانب اثنين من المستقبلات الضوئية الشبكية في شبكية العين، والتي ترسل معلومات حول الضوء إلى جزء معالجة الصور في الدماغ لإنشاء ما نسميه الرؤية، اكتشف الطالب في جامعة هارفرد، كلايد كيلر، في عام 1923، أن هناك مستقبلا ضوئيا ثالثا هو “الخلايا العقدية الشبكية الحساسة للضوء”، وهذا يرسل المعلومات إلى أجزاء مختلفة من الدماغ ولكنه لا يساهم في الرؤية. وفي تجربة لجامعة مونريال على ثلاثة مكفوفين طُلب منهم الإجابة عما إذا كان الضوء مضاء أم لا، أعطى المكفوفون الإجابة الصحيحة في معظم الأوقات، لكن تتطلب ذلك أن تكون أدمغتهم في حالة استخدام نشط لاكتشاف التغيير في الإضاءة.
ثالثاً: تعابير الوجه
يتفاعل الإنسان مع تعابير وجه أو سلوك شخص آخر، مثلا في حالة التثاؤب، وقد تبين أن المكفوفين يمكنهم ذلك، وفيما قد لا يرون الشخص، بإمكانهم اكتشاف تعابير وجهه والاستجابة وفقاً لذلك. هذا ما أظهرته دراسة أجراها الباحث في جامعة تيلبورغ بهولندا، ماركو تاميتو، على شخصين مكفوفين أصيب كل منهما بالعمى في إحدى عينيه، بعد تعرضه لضرر في قشرتهما البصرية، وهو الجزء في الدماغ الذي يعالج المعلومات المرئية من العين. وبعد عرضه عليهما صورا لأشخاص مبتسمين وعابسين، بالتناوب بين العين التي بقيت قشرتها البصرية سليمة وتلك المتضررة، لاحظ انهما كانا أسرع في التفاعل مع الصور المعروضة للعين ذات القشرة البصرية المتضررة. لذلك إذا ابتسمت لشخص أعمى وابتسم لك في المقابل، لا تتفاجأ.
رابعاً: الرؤية لحظة الاقتراب من الموت
تأتي معرفتنا بتجربة الاقتراب من الموت من أشخاص زعموا أنهم شعروا بأنهم خارج أجسادهم وحتى أنهم رأوا أنفسهم والأشخاص من حولهم في العالم الحي. ويزعم بعض المكفوفين الشيء نفسه خلال تجربة الاقتراب من الموت. وفي بحث عن تقارير أفادت أن مكفوفين استعادوا بصرهم خلال تجربة الاقتراب من الموت في التسعينات، أفاد أستاذ علم النفس بجامعة كونتيكيت الدكتور كينيث رينج، أنه في 15 من أصل 21 دراسة حالة، كان هناك من أفاد عن استعادة بصره خلال تجربة الاقتراب من الموت، فيما قال 3 أنهم لم يروا أي شيء، وكان الثلاثة الآخرين غير متأكدين مما إذا كانوا قد رأوا أي شيء.
خامساً: كوابيس
يشير بحث في المركز الدنماركي لطب النوم، إلى أن الأشخاص الذين يولدون مكفوفين أكثر عرضة بأربع مرات للمرور بتجربة الكوابيس من الشخص العادي، لأنهم يتعرضون لمزيد من التوتر أثناء الاستيقاظ. ووفقا للدراسات، يعانى هؤلاء من الكوابيس بنسبة 25% من الوقت، في مقابل 7% فقط من الوقت للأشخاص الذين أصيبوا بالعمى خلال حياتهم و6% للأشخاص المبصرين. وقد بينت الأبحاث تفاوتاً في الأحلام، فغالباً ما يحلم معظم المكفوفين، سواء ولدوا مكفوفين او أصيبوا بالعمى خلال حياتهم، بمواقف اجتماعية محرجة وحوادث سيارات. ومع ذلك، فان الأشخاص الذين ولدوا مكفوفين ليست لديهم أحلام تتضمن رؤية أي شيء بأعينهم، بل أن معظم أحلامهم تتعلق بالحواس الأخرى مثل الصوت والذوق والشم واللمس، فيما الأشخاص الذين أصيبوا بالعمى خلال حياتهم، كانت لديهم أحلام يمكنهم رؤيتها بأعينهم لكنها تضاءلت بمرور الوقت.
سادساً: الإعلانات المفاجئة
في معظم الأوقات لا يدرك المكفوفون أنهم في مواجهة إعلان منبثق فجأة ويمكن أن يستغرق منهم خمس دقائق قبل أن يدركوا ما حدث، وهذا يعود لواقع أنهم يصلون إلى الانترنت باستخدام برامج قراءة الشاشة التي تسرد عليهم محتويات الصفحة. وحتى عندما ينجحون في اغلاق الإعلان يعاد تشغيل قارئ الشاشة من أعلى الصفحة ويجري تصفح المقالة بأكملها مرة أخرى.
سابعاً: الحركة
أدركت ميلينا تشانينغ التي أصيبت بسكتة دماغية بعمر 29 عاماً افقدتها البصر، أنها تستطيع رؤية المطر المتساقط وبخار فنجان القوة الساخن وشعر ابنتها المتماوج، ومع ذلك، لم تستطع رؤية ابنتها أو فنجان القهوة او أي شيء آخر. وقد أخبرها الأطباء أنها تعاني من “ظاهرة ريدوك” التي تجعل المكفوفين يرون فقط الأشياء المتحركة، وكان هذا ممكناً لأن السكتة الدماغية لم تؤذ الجزء المسؤول عن معالجة الاشياء المتحركة في دماغها. وسرعان ما أدركت أن رؤيتها تتحسن كلما كانت تتحرك، فاشترت كرسي هزاز.
ثامناً: الهلوسات البصرية
يعاني المكفوفون من متلازمة “تشارلز بونيه”، وهو مجرد اسم آخر للهلوسة البصرية. وهذه الحالة شائعة بين الاشخاص الذين فقدوا بصرهم للتو وتستمر لفترة. ويعتقد الباحثون أن ذلك قد يكون ناشئاً عن محاولة الدماغ تعويض فقدان البصر. وهذه النظرية تدعمها تجربة عصب أعين 13 شخصاً لتقليد تأثير العمى لمدة خمسة أيام، حيث عانى 10 مشاركين من هلوسة بصرية بعد يوم واحد فقط.
تاسعاً: اللون
على الرغم من أن الأشخاص الذين يولدون مكفوفين قد لا يرون شيئاً، الا أن الاشخاص الذين فقدوا البصر بعد الرؤية لبعض الوقت قد يرون أشياء أخرى مثل اللون، بل أن الصحفي في هيئة إذاعة وتلفزيون “بي بي سي”، دايمون روز، وهو أعمى منذ أن كان طفلاً، يقول إنه يرى الكثير من الألوان التي تومض كالأضواء بأشكال مختلفة، والشيء الوحيد الذي لم يراه هو الظلام وهذا أكثر شيء يتفقده.
عاشراً: كل شيء
قد يكون بعض المكفوفين قد تعلم استخدام تحديد الموقع بالصدى لإيجاد طريقهم، أي أنهم يصدرون صوتاً وينتظرونه كي يرتد عن العوائق لاكتشاف حجمها وموقعها من أجل تجنبها. أنها الطريقة نفسها التي تستخدمها الخفافيش والدلافين، لكن على عكس الخفافيش التي توظف الطريقة لاكتشاف الحشرات الصغيرة، فإن الكائن يجب أن يكون بحجم كوب زجاج على الأقل ليكتشفه البشر. ويورد موقع “ليستفيرس، مثالا عن رجل فقد عينيه في سن الثانية بسبب سرطان الأورام الأرومية الشبكية الثنائية، يدعى بن اندروود، يوقن أنه اتقن استخدام تحديد الموقع بالصدى لاستبدال بصره إلى درجة انه كان يركب الدراجة ولوح التزلج من دون استخدام كلب ارشاد أو عصا أو حتى يديه.