الجميع لديهم خطة حتى يتلقوا ضربة فى الوجه”، بهذه الكلمات اقتبس المرشح الجمهورى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب إحدى عبارات الملاكم الشهير مايك تايسون لدى سؤاله عن استعداداته لخوض المناظرة الرئاسية أمام كامالا هاريس، فى إشارة إلى استعداده الجيد لنسف ما تمتلكه منافسته عن الحزب الديمقراطى من خطط.
دونالد ترامب الذى حقق فوزا مفاجئا فى انتخابات 2016 أمام هيلارى كلينتون متخطيًا كافة التوقعات واستطلاعات الرأى حينه، يبدو أمام معركة أكثر سهولة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، متحصنًا فى إخفاقات خصومه الديمقراطيين، الرئيس الحالى جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس.
وقبل مناظرة كامالا هاريس ودونالد ترامب المرتقبة، اختار الأخير اقتباس مقولة للملاكم مايك تايسون. فخلال رده على سؤال عن الاستعدادات التى يقوم بها قبل المناظرة الرئاسية، أشار الرئيس السابق إلى أنه يرفض فكرة وضع خطة ويفضل الارتجال، وعبر عن ذلك بعبارة تايسون التى قال فيها: “الجميع يكون لديهم خطة حتى يتلقون ضربة فى الوجه”، فى إشارة إلى عدم جدوى الاستعدادات لمثل هذا الحدث.
وبعيدا عن الاقتباس، فإن علاقة ترامب بتايسون كانت مثيرة للجدل. ففى ثمانينيات القرن الماضى، استعان تايسون برجل الأعمال الرائد فى مجال العقارات ليكون مستشارا خاصا له. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام 1988، نقلت فيه ترامب قوله: “طلب منى تايسون أن أكون مستشارا، وقد وافقت أن أعمل بشكل مشترك فيما يتعلق بالقرارات المستقبلية المتعلقة بمسيرة تايسون، ويشمل هذا الدعاوى القضائية المتبادلة بين تايسون ومدير أعماله فى هذا الوقت بيل كايتون، دون أن يكون قاصرا عليها”.
جاء هذا بعد انتصار ملحمى حققه تايسون بالضربة القاضية خلال 91 ثانية فقط على الملاكم الذى لا يهزم مايكل سبنكس، وهى المباراة التى نظمها ترامب للترويج لفندق وكازينو خاص به فى أتلانتك سيتى بولاية نيوجيرسى. وفى إطار ترويجه للمباراة فى هذا الوقت، قال ترامب إنها أعظم بوابة حية فى تاريخ الرياضات الاحترافية”. وأشارت التقارير إلى أن ترامب دفع فى هذا الوقت 11 مليون دولار أمريكى لتنظيم المبارة، لكنه جنى 15 مليون أخرى من عائدات المراهنات فى كازينو ترامب بلازا فى هذا الوقت.
وعندما تمت إدانة تايسون باغتصاب فتاة فى عام 1992، خرج بايدن مدافعا عنه وقال إنه لم يكن يستحق حكما بالسجن، محملا الضحية قدرا من المسئولية. وحكم على تايسون حينئذ بالسجن 6 سنوات.
ورغم أن تايسون أيد ترامب عند ترشح للرئاسة لأول مرة فى عام 2016، إلا أن العلاقة بينهما لم تكن خالية من التوترات دائما. ووفقا لما ورد فى كتاب تيموثى أوبرين، الصحفى ينيويورك تايمز تحت عنوان (ترامب ناشين) والصادر عام 2005، فإن تايسون سأل ترامب ذات مرة عما إذا كان على علاقة بزوجته فى هذا الوقت الممثلة روبين جيفنز، وأن ترامب كان يخشى أن يمزقه بطل العالم فى الملاكمة إربا. ولم يكشف الكتاب رد ترامب على سؤال تايسون، لكن تقارير أخرى ذكرت أن ترامب أصر على أنه لم يفكر أبدا فى الأمر.
تايسون الذى فاز بـ44 نزال بالضربة القاضية وخسر طوال مسيرته فى 6 مواجهات فقط، ليس بعيدًا عن عالم السياسة، فقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، خرج بتصريحات دعم خلالها ترامب، وشن هجومًا حادًا على هيلارى كلينتون ورموز الحزب الديمقراطى معربًا عن رفضه لسياسات بيرنى ساندرز، وكلينتون وغيرهم. وقال : “دعونا نجرب شيئًا جديدًا، دعونا ندير أمريكا مثل إدارة الأعمال التجارية.. أنا أحب ترامب، وأتمنى فوزه”.
وربما تختلف معارك السياسة عن قواعد النزال فى حلبة الملاكمة، فالضربات أسفل الحزام لا تجرمها القوانين، والخيانات غير مستعبدة، إلا أن الاختلافات على كثرتها لا تطمس ما هو قائم من قواسم مشتركة أهمها أن البقاء دومًا للأقوى، فهل يكون اقتباس ترامب فأل حسن فى المناظرة الرئاسية وفيما تبقى من مارثون انتخابات أمريكا 2024، أم أن كامالا هاريس تتأهب لمنافسها بـ”لكمات خاطفة”.