حذّرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، من مخاطر امتلاك الملياردير إيلون ماسك منصة تويتر وجعلها تحت سيطرة شخص واحد، لما في ذلك من شطط دكتاتوري محتمل قالت إنه يُفزع الخبراء والمتخصصين في سلامة صناعة وسائل التواصل.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أن ”وضع الكثير من القوة في أيدي شركة واحدة هو أمر سيئ بما يكفي، كما هو الحال إلى حد كبير مع المساهم المسيطر في فيسبوك، مارك زوكربيرغ، وهكذا سيكون الحال مع تويتر إذا ما اشتراه ماسك، وهذا الأمر بالتأكيد غير متوافق مع الديمقراطية“.
وكان الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا ومؤسس سبيس إكس، عرض في 13 أبريل/نيسان شراء تويتر مقابل 54.20 دولار للسهم.
وبعد أيام من تقديمه العرض غرد شاكيا من أن تويتر يضع قيودًا كثيرة جدًا على ما يمكن نشره على موقعه، وشجب قرارات حظر بعض المستخدمين باعتبارها رقابة .
وقالت واشنطن بوست إن مثل هذه التعليقات من ماسك استنفرت أولئك الذين يؤمنون أن الكلام غير المقيد يجعل منصات وسائل التواصل الاجتماعي غير قابلة للاستخدام، وأن الكلام الذي يتم التحكم فيه بشكل خفيف يستهوي الذين يمكنهم توجيه الناس بتضخيم الأشياء لاحقا من خلال الخوارزميات المصممة لزيادة المشاركة وبالتالي حصد الإعلانات والمداخيل.
ونقلت الصحيفة قول شوشانا زوبوف، الأستاذة المتقاعدة في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب ”عصر رأسمالية المراقبة“، إن ”سيطرة ماسك منفردا على تويتر تشكل كارثة، حيث إن جمع البيانات حول السلوك البشري، وهو ما تفعله منصات السوشيال ميديا، شريان الحياة لعصر جديد غير منظم تقريبًا حتى الآن“.
التجارة بأسرار الناس
وتجادل زوبوف بأن فيسبوك وتويتر وغيرهما من المنصات تستخرج أكبر قدر ممكن من البيانات حول المستخدمين ثم تحاول إطالة مدة مكوثهم على المنصة لأن ذلك يكسبها المال، لكنها تقول إن المنصات ليست محايدة في توجيه اهتمامات المستخدمين عبر الإنترنت، فهي لا تغير المناقشات فحسب، بل تغير أيضًا المعتقدات وحتى الأفعال الجسدية، مما يشجع الناس على فعل ما لا يفعلونه لولا ذلك، مثل الانضمام إلى حشود الاحتجاجات“.
وتضيف زوبوف في حديثها لـ واشنطن بوست : ”ببساطة لا توجد ضوابط وتوازنات من أي قوة داخلية أو خارجية. سيُترك ماسك، مثل زوكربيرغ، ولديهما قدر من البيانات المجمعة حول الأشخاص، مع القدرة على استخدامها للتلاعب بهم. هذا شيء استثنائي لا مثيل له، سيسمح بالتدخل في نزاهة السلوك الفردي وكذلك نزاهة السلوك الجماعي ”.
وأضافت ”يجلس زوكربيرغ على لوحة مفاتيحه الفضائية، ويمكنه أن يقرر يومًا بعد يوم، وساعة بساعة، ما إذا كان الناس سيكونون أكثر غضبًا أو أقل غضبًا، وما إذا كانت المطبوعات ستعيش أو تموت“.
وتابعت زوبوف ”الفرق الوحيد بين فيسبوك وتويتر هو أن لدى زوكربيرغ، على الأقل، مجلس إدارة ولجنة الأوراق المالية والبورصات لرعاية مصالح المساهمين. لكن تويتر إذا تملكه ماسك سيكون شركة شخصية ولا رقابة عليها“.
زيادة الضغط على السياسيين
ونقل التقرير قناعات مماثلة لدى مسؤولين سابقين في صحيفة ”ذي بوست“ ترى أنه إذا سيطر ماسك على تويتر، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على صانعي السياسة الأمريكيين لتنظيم شركات وسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك قال بيل باير، الزميل الزائر في معهد بروكينغز الذي قاد سابقًا إنفاذ مكافحة الاحتكار في كل من لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل، إن شخصًا واحدًا يمتلك ”سيطرة شبه احتكارية“ على شبكة اجتماعية، سيفاقم من هذه المخاوف بين صانعي السياسة.
ويضيف باير ”إن وجود فرد واحد لا يمكن التنبؤ بتصرفاته وهو يتحكم في منصة اتصالات مهمة، قد يجعل الكثير من الناس متوترين. تحركات ماسك تؤكد الحاجة إلى إنشاء منظم جديد يشرف على صناعة التكنولوجيا، فما نحتاج إليه هو عملية تحترم التعديل الأول من الدستور، لا تملي فيها الحكومة المحتوى الإخباري ولكنها تستدعي وجود مدونة سلوك مقبولة“.
وتنقل الصحيفة قناعات المحترفين الذين يعتقدون أن وسائل التواصل الاجتماعي هي شبكة جيدة، إذ يقولون إن تويتر كما يتصوره ماسك سيكون أمرًا مروعًا للمستخدمين والمستثمرين.
تقول أليسيا وانليس، مديرة مؤسسة كارنيغي لشراكة السلام لمكافحة عمليات التغوّل، ”إن ما يفعله ماسك ليس من قبيل الصدفة، فهو يحن ّ إلى الجنة المفقودة في الإنترنت“.
فيما تقول إيفا جالبرين من مؤسسة الحدود الإلكترونية، التي ساعدت في حماية نشطاء الحقوق العالميين من القرصنة الحكومية والأشخاص العاديين من المطاردة المحلية، إنها ”ستكون قلقة بشأن حقوق الإنسان وتأثيرات السلامة الشخصية لأي شخص لديه سيطرة كاملة على سياسات تويتر“.
وتضيف أنها ”قلقة بشكل خاص بشأن تأثير الملكية الكاملة من قبل شخص أظهر مرارًا وتكرارًا أنه لا يفهم حقائق الإشراف على المحتوى على نطاق واسع ”.
وفي المقابل لوجهات النظر التي تتوجس من سيطرة ماسك منفردا على تويتر، تنقل واشنطن بوست إشادات من بعض قيادات الحزب الجمهوري بماسك كجزء من حجتهم بأن تويتر الذي كان أول منصة تحظر دونالد ترامب بعد هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكابيتول الأمريكي، كان غير عادل بالنسبة للمحافظين.