توجه لإنشاء جهاز حكومي مستقل للتحقيق في الأخطاء الطبية

قال مصدر مطلع، أن هناك توجهاً حكومياً لإنشاء جهاز للمسؤولية الطبية، يختص بإبداء الرأي الفني بخصوص الشكاوى التي تعرض عليه والبلاغات والمحاضر والتقارير والدعاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمخالفات المهنية المرتكبة من قبل مزاولي المهنة أو أصحاب المنشآت الصحية أو مديريها.
ووفقاً للمصدر، فإن الأمر يأتي في إطار مشروع بقانون في شأن مزاولة مهنة الطب البشري والأسنان والمهن المعاونة لهما، والمسؤولية وحقوق المرضى، إذ تضمن استحداث جهاز المسؤولية الطبية، ويكون له شخصية قانونية اعتبارية وميزانية مستقلة. وأوضح أن استحداث الجهاز في مشروع القانون، بناء على طلب وزارة الصحة، تطلب استطلاع رأي ديوان الخدمة المدنية ووزارة المالية، نظراً لما يستتبعه من توفير ميزانية مستقلة للجهاز، وتحديد هيكل تنظيمي له، كونه سيكون مستقلاً، إلا أن الأمر قد يواجه بعض العقبات لجهة الصياغة القانونية والتوجه العام للدولة بعدم التوسع في إنشاء أجهزة أو هيئات جديدة.
ونصت المادة (44) من القانون المقترح لإنشاء الجهاز، على أنه «يختص جهاز المسؤولية الطبية دون غيره من خلال اللجان التي يشكلها بإبداء الرأي الفني في كافة الموضوعات التي تعرض عليه، من خلال الشكاوى والبلاغات والمحاضر والتقارير والدعاوى، المتعلقة بالأخطاء الطبية والمخالفات المهنية المرتكبة من قبل مزاولي المهنة أو أصحاب المنشآت الصحية أو مديريها، من حيث تحقق الخطأ الطبي أو المخالفة المهنية من عدمه سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي، مع بيان وجه وطبيعة الخطأ والمخالفة إن ثبتت وتقييمه وتحديد المسؤول أو المسؤولين عنه فنياً، وتقدير الأضرار المترتبة عليه وبيان آثارها وتوقيع العقوبات التأديبية المقررة في هذا القانون بما يتناسب مع جسامة وطبيعة ومدى تكرار المخالفة أو الخطأ إذا كان لذلك مقتضى، ويباشر الجهاز اختصاصاته بناء على طلب أو تكليف مكتوب صادر من الوزارة أو النيابة العامة أو المحكمة أو شكوى تقدم من المجني عليه أو من يمثله قانوناً أو أحد ورثته».
كما نصت المادة (43) من المقترح على أن «ينشأ جهاز يسمى جهاز المسؤولية الطبية ويكون له شخصية قانونية اعتبارية وميزانية مستقلة ملحقة بالوزير، ويكون للجهاز ولجانه مقر مستقل يحدد بقرار من مجلس الوزراء»، إذ رأت الجهات المعنية أن هذا النص يحتاج إلى نظرة أخرى لجهة التحديد الصريح لكينونة الجهاز ما بين مستقل أو ملحق، وخصوصاً أن هناك فرقاً كبيراً إذ إن الجهات المستقلة، هي التي يُعهد إليها القيام بنشاط اقتصادي تغلب عليه الطبيعة التجارية، وذلك لإنجاز مهام، أو أداء خدمات أو انتاج سلع قد تحقق فائضاً أو ربحاً، بينما الملحقة فهي التي تلحق ميزانيتها بميزانية الوزارات والإدارات الحكومية، إذ يعهد إليها بالقيام بنشاط حكومي، ولكن ذي طبيعة خاصة متميزة تتطلب منحها قدراً أكبر من حرية التصرف الإدارية. ما يعني أن توصيف الجهاز بتلك الطريقة ليس دقيقاً ويعكس نوعاً من التداخل في كينونته، إذ لم يراع الاختلاف بين طبيعة الميزانية المستقلة والملحقة، فضلاً عن كون جهاز المسؤولية الطبية لم يكن الهدف من اقتراح إنشائه القيام بنشاط اقتصادي تغلب عليه الطبيعة التجارية لإنجاز مهام أو أداء خدمات أو إنتاج سلع قد تحقق فائضاً أو ربحاً.
ونصت المادة (60) على أن «يمنح أعضاء اللجان مكافآت مالية مقابل أعمالهم في كل لجنة بعد الانتهاء من أدائها وذلك وفقاً لما يحدده مجلس الوزراء بقرار منه». وهنا رأت الجهات المعنية أن الجهاز المقترح يمارس أعماله من خلال اللجان التي يشكلها ويمنح أعضاء تلك اللجان مكافآت مالية مقابل أعمالهم، وهو الأمر الذي ينطوي على تكلفة مالية تشكل زيادة في الأعباء المالية بميزانية الدولة، ناهيك عن أن مواد المشروع المقترح لم تتضمن ما يعزز مبدأ الرقابة والشفافية في العمل، إذ إنه يتوجب الخضوع للرقابة المالية من خلال جهاز المراقبين الماليين، وديوان المحاسبة ولجنة المناقصات المركزية والجهات الرقابية الأخرى.
وأشار المصدر إلى أن إنشاء الجهاز المقترح يأتي في ظل التوجه العام للدولة بعدم التوسع في إنشاء أجهزة أوهيئات جديدة، تُزيد من الأعباء الإضافية على ميزانية الدولة، وذلك لحكم طبيعة المشروع المقترح، والذي يمكن أن يضاف إلى أنشطة الوزارة لتخصصها بذلك الشأن، مبيناً أن هناك رأياً برز بأنه يمكن القيام بمهام الجهاز المقترح بواسطة وزارة الصحة، وذلك عبر تفعيل منظومة العمل من دون الحاجة إلى إنشاء جهاز مستقل لهذا الأمر.

Exit mobile version