أطلقت جمعية جود الخيرية حملة “كلمني عربي”، والموجهة للناشئين من الأطفال والشباب العرب، وتنطلق اليوم الأربعاء 15 يونيو الجاري، وتستمر إلى 15 سبتمبر المقبل، وتهدف لتشجيعهم على التمسك بلغتنا العربية والتحدث بها ونشرها في دول العالم وعلى المواقع الإلكترونية باعتبارها لغتنا الأم وهويتنا الأولى واللغة التي باركها الله سبحانه وتعالى في قوله: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف: 2).
هذا، وقال عبدالعزيز الزايد، رئيس مجلس إدارة جمعية جود الخيرية: إن حملة “كلمني عربي” حملة فخر واعتزاز باللغة العربية، فالعربية لغة حضارة وتاريخ، وبها نرتل كتابنا ونقيم صلاتنا، وهي من أغنى اللغات بالمفردات؛ مما يساعد المسلم والمثقف العربي التعبير عن كل ما يريد بسهولة مطلقة، ولا أدل على ذلك كثرة المفردات التي تغص بها المعاجم اللغوية، فهي إذن لغة كثيرة المترادفات متنوعة الأساليب والعبارات فيها الحقيقة والمجاز والتصريح والكناية.
وأوضح الزايد أن اللغة العربية هي لغة القرآن الذي يرتل بها، وبدونها يصعب التدبر والخشوع له، كما أنها اللغة التي تسهل فهم الأحاديث النبوية، ولغة هوية، فالمواطن العربي ينتمي إلى أرض عربية يعتز ويفتخر بلغته العربية، فهي الفكر والهوية، وهي الماضي والحاضر والمستقبل، كما أن اللغة العربية أصل؛ فتجد كثيرًا من الكلمات في لغات أخرى أصلها عربي، ليس الكلمات فقط، بل العادات والمخترعات الكثير منها عربي الأصل.
وأكد الزايد أن الحملة تسعى إلى الحفاظ على اللغة العربية والعمل على إثرائها ونشرها وحمايتها من العولمة وتأثير التطور والتكنولوجيا عليها من خلال توجيه الأطفال والشباب، ولفت انتباههم للغنى الحضاري والثقافة الراسخة التي تملكها، وتفعيل كافة الوسائل والإمكانيات المتاحة وتشجيع الناشئين على التحدث بها كلغة أصيلة غنية ونابضة بالحياة، والاعتزاز بها كهوية نفتخر بها حافظت على أصالتها لأكثر من ألفي عام وواكبت الماضي والحاضر والمستقبل.
وبين الزايد أن اللغة العربية تواجه اليوم خطراً كبيراً يتجسد بالغزو الثقافي الأجنبي لها، حيث إن التطور التكنولوجي أثر بشكل كبير في انتشار اللغات الأجنبية من خلال البرامج والتطبيقات والأجهزة المصدرة لبلادنا، أيضاً انتشرت ظاهرة جديدة وهي دخول كلمات غريبة على اللغة العربية بالإضافة لتفشي الأخطاء اللغوية، الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة الدفاع عن لغتنا والوعي بخطورة التحديات الجيدة على الهوية والثقافة أيضاً.
وأكد الزايد أن اللغة العربية تمتاز بقدرتها على التكيف والإبداع في مختلف العلوم، كالهندسة، والجبر، والطب، والفنون، والتجارب العلمية، بالإضافة إلى ما وصلت إليه من الإبداع في مجالات الأدب والتأليف فهي تحتل المركز الرابع كأكثر اللغات انتشاراً في العالم؛ حيث يتحدث بها ما يقارب 280 مليون شخص، لهذا يسعى الكثيرون لتعلمها نظراً للفوائد التي من الممكن أن تقدمها لمتحدثها.
ومن جانبها، قالت سعاد العتيقي، عضو مجلس الأمناء: إن أهمية اللغة العربية تتجسد بالمحافظة على اللغة العربية، وتنشيطها لمواكبة التقدم الحضاري في جميع المجالات، وذلك من خلال التشجيع المستمر على نشر اللغة العربية، ودراستها لبيان ما فيها من كمال، إضافة للحرص على قراءة القرآن، وتشجيع الأطفال الناشئين على قراءته وحفظه والتأمل والتدبر فيه، مبينة أن مسؤولية المحافظة على اللغة العربية تقع علينا جميعاً بداية من الأسرة والمدرسة مروراً بالجامعة وصولاً للمؤسسات المتخصصة في الدراسات والبحوث اللغوية.
وأشارت العتيقي إلى أن الحملة تحمل العديد من القيم، وتتمثل في ترسيخ ثقافة جديدة؛ وهي استخدام اللغة العربية في الأحاديث والمراسلات والمحادثات الإلكترونية، والسعي لتعليم ونشر اللغة العربية الفصحى، وتستهدف طلاب المدارس والأطفال ذوي الأعمار الصغيرة باعتبارهم في مرحلة تكوين الذات والشخصية، وترسيخ قواعد ومبادئ اللغة العربية في أذهانهم، بالإضافة إلى تنمية القدرات العلمية والأكاديمية والتحصيل العلمي بشكل كبير للشباب العربي، بغية ربط اللغة العربية بالهوية العربية، وتشجيع الشباب التكلم باللغة العربية بشكل دائم، مؤكدة ضرورة إعادة إحياء الأمسيات الشعرية والنثرية وتكريم النوابغ من الشعراء.
وبينت العتيقي أن الحملة نسعى من خلالها إلى الحفاظ على اللغة العربية من الكلمات الدخيلة، وتأكيد أصالتها، وخلق أفكار جديدة لأحياء أمجاد اللغة العربية، والعمل لتكوين الشخصية والذات عند الأطفال والشباب على أساس أن اللغة العربية جزء من شخصيتهم، ونشر اللغة العربية الفصحى محلياً وعالمياً، وهذا أهم عامل للحفاظ على أصالتها، إضافة إلى لفت انتباه الصحافة والإعلام لإنشاء برامج تختص بتعليم اللغة العربية، وتنبيه المجتمع للفجوة التي أحدثتها العولمة والتطور التكنولوجي بينه وبين اللغة العربية، وإعادة إحياء الشعور العربي باللغة العربية الأصيلة كأحد المقومات التي توحد العرب، وتكوين الشخصية والذات للناشئين على حب اللغة العربية والاعتزاز بها والسعي لنشرها، إضافة إلى تشجيع المؤسسات والمعاهد والجامعات والمؤتمرات على إحياء اجتماعات خاصة للتعليم القرآن والشعر والنثر باعتبارهم الأساس للغة العربية.
ومن جانبه، قال عضو مجلس إدارة جمعية جود الخيرية طارق الفرحان: إن اللغة ظاهرة اجتماعية بشرية وأداة اتصال تكتسب أهميتها من قدرتها على التعبير عن بيئتها وحاجات الأفراد إليها والوفاء بمتطلباتهم الفردية والجماعية في التواصل فيما بينهم.
وأضاف الفرحان أنه إذا كانت اللغة الآدمية وسيلة اتصال بشرية على المستويين الفردي والجماعي بصيغتها المباشرة كفعل فسيولوجي فردي ينقل للآخر أفكار المتكلم ورسالته، فإنها على المستوى المجتمعي وسيلة اتصال بين الشعوب.
وأوضح الفرحان أن اللغة من أهم قنوات التواصل الحضاري بين الشعوب، إذ تفرض اللغات الحية حضورها على الساحة الثقافية والعلمية لقدرتها على نقل مدلولات الثقافة والعلم والأحاسيس والرموز الخاصة لمجتمعاتها سعياً للتواصل مع المجتمعات الأخرى، مشيراً إلى أن اللغة ليست مجرد أصوات وألفاظ ومصطلحات بقدر ما هي وسيلة لنقل ثقافتها ومساهماتها لرفد الحضارة الإنسانية.
وأشار الفرحان إلى أن تاريخ اللغة العربية يزخر بالشواهد التي تبين الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ مثلت حافزاً على إنتاج المعارف ونشرها، وساهمت في نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة، إضافة إلى إقامة حوار ثقافي من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.