“حزام الصدأ” تشعل المنافسة بين بايدن وترامب

اعتادت غالبية الناخبين من الطبقة العاملة في مدن “حزام الصدأ”، مثل بيتسبرغ، على التصويت للديمقراطيين، لكن سنوات من الصعوبات الاقتصادية وتبني الجمهوريين لقضايا اجتماعية أعادتهم مرة أخرى في عام 2024، ليكونوا دائرة انتخابية متأرجحة.

وتمكن الرئيس جو بايدن من إزالة عقبة رئيسية أمام إعادة انتخابه، حين نجح في الحصول على تأييد رؤساء النقابات، بما في ذلك نقابة عمال الصلب المتحدين التي تعد لاعباً أساسياً في محاولة شركة يابانية الاستحواذ على شركة الصلب الأمريكية “يو أس دبليو”، وهي قضية خيمت على الحملات الانتخابية في ولاية بنسلفانيا.

ولكن عدد العمال الذين قد يتجاهلون رؤساء النقابات ليصوتوا لدونالد ترامب، يمكن أن يكون له تأثير حاسم في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، حيث هامش الفوز قد يصل إلى 100 ألف صوت أو أقل.

ويثني مؤيدو بايدن على الدعم الذي يقدمه الأخير للعمل النقابي، وارتباطه الوثيق بأصحاب الياقات الزرقاء أو الطبقة العاملة في بنسلفانيا، والإنجازات التشريعية مثل قانون البنية التحتية لعام 2021.

ويقول العامل في شركة الصلب الأمريكية جوجو بيرغيس، في إعلان لحملة بايدن “استمعنا لـ 4 سنوات إلى دونالد ترامب يتحدث عن البنية التحتية، حيث كان هناك كثير من الخدمات الشفهية”، مضيفاً “جو بايدن أنجزها”.

ويضيف بيرغيس الذي يشغل أيضاً منصب رئيس بلدية في إحدى مدن بنسلفانيا “في الوقت الحالي، لدينا في البيت الأبيض الرئيس الأمريكي الأكثر دعماً للعمال على الإطلاق”.

ولكن رودي سانيتا، عامل الصيانة في شركة الصلب الأمريكي، يفضل ترامب في ما يتعلق بالاقتصاد وبسبب موقفه من حقوق السلاح. ويقول سانيتا عن ترامب “أحبه لمقاومته للسياسيين”، مضيفاً “الرجل الآخر، ليس لدي ثقة به”.

ويعتبر جوناثان سيرفاس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ، أن ناخبي الطبقة العاملة “هم الأكثر أهمية لأنهم هم من أظهروا بشكل فعلي أنهم على استعداد لاختيار إما ترامب أو بايدن”.

وعام 2020 أشارت استطلاعات الرأي اثر الاقتراع في ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، إلى أن ميل العمال البيض الذين كانوا قد صوتوا لترامب عام 2016، إلى بايدن “أثّر بشكل كبير على الفارق بين الفوز والخسارة”، وفقاً لبحث أعده في مايو (أيار) الماضي، مركز أبحاث مايك لوكس ميديا التقدمي ومجموعة “ان يونيون” الداعمة للعمال.

ولكن التقرير أشار إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، التي تظهر انخفاض الدعم لبايدن بين الأسر النقابية في ويسكونسن وميشيغان، في حين لا يزال الوضع الانتخابي في ولاية بنسلفانيا على ما كان عليه عام 2020.

وأضاف التقرير “يحتاج الديموقراطيون إلى أن يفهموا أن هؤلاء الناخبين من الطبقة العاملة في هارتلاند، مروا بكثير من الأوقات الصعبة خلال العقود القليلة الماضية”، وحض على التواصل المبكر مع مصادر موثوقة ترتبط “بتجربة الحياة الواقعية للناخبين لمواجهة التضليل الرقمي والضغوط الاجتماعية”.

تآكل الدعم
ومنذ ظهور ترامب سياسياً، كان هناك جدل كبير حول الأسباب المختلفة لتآكل دعم الطبقة العاملة البيضاء للديموقراطيين. ويرى بعض المعلقين أن الانحياز لترامب عام 2016، كان في جزء منه رد فعل عنصرياً بعد رئاسة باراك أوباما، إضافة الى تبني ترامب قضايا مثل الهجرة غير الشرعية.

واعتبر معلقون آخرون مثل روي تيشيرا من معهد المشاريع الأمريكية، أن المواقف التقدمية للحزب الديموقراطي بشأن قضايا مثل حقوق المتحولين جنسياً، تنفّر الناخبين الذين هم أكثر تحفظاً.

ويشير كتاب “”نقابات عمال حزام الصدأ” الصادر عام 2023، والذي يأخذ بنسلفانيا كحالة تستوجب الدراسة، إلى الآثار اللاحقة للانكماش الصناعي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، والتي أدت إلى خسارة كبيرة في الوظائف وإغلاق نقابات، ما أضعف يد العمال في المساومة مع الشركات.

كما أدى الانكماش الاقتصادي إلى تقلص الدور المجتمعي للنقابات، التي كانت تنظم نشاطات ويضع أعضاؤها دبابيس ملونة للترويج لها بين السكان، وقد ساهم ذلك في التضامن حول قضايا مثل الأجور العادلة والرعاية الصحية.

وفي حين أن النقابات لا تزال تمارس بعض الأنشطة، فإن العديد من العمال الذين نجوا من تقليص حجم الصناعة يتواصلون الآن اجتماعياً حول شؤون الدين والصيد، حيث تميل المجموعات ذات التوجه السياسي إلى المحافظة، وفقا لمؤلفي الكتاب لايني نيومان وثيدا سكوكبول.

ميزانيات
ويوافق بيرني هول الذي يقود منطقة بنسلفانيا في نقابة عمال الصلب المتحدين، على أن لدى العديد من أعضاء النقابة انتماءات متنوعة، لكنه أكد أن العمل لا يزال مركزياً. ويقول”تعلمون أن الناس يتعاطفون حقاً مع النقابة، خصوصاً في غرب بنسلفانيا”.

ويتوقع هول أن يحصل بايدن الذي وصفه بأنه ديموقراطي من أصحاب “الياقات الزرقاء” على دعم غالبية عمال الصلب، مقراً أيضاً بحصة كبيرة لترامب. ويضيف أن بعض العمال لجأوا إلى ترامب بعد عقود من التراجع الصناعي من أجل تغيير النظام، مضيفاً “ما زلت أعتقد أن هناك جاذبية لذلك لدى بعض الناس”.

وكان أليكس بارنا، الميكانيكي في شركة الصلب الأمريكية، ديمقراطياً طوال حياته وصوت سابقاً لباراك أوباما. لكن منذ عام 2016، صوت بارنا لصالح ترامب مرتين وسيفعل ذلك مرة أخرى، ويبرر ذلك بالتخفيضات الضريبية للرئيس السابق إلى الاقتصاد الجيد قبل وباء كوفيد.

وتقول هيلين، زوجة بارنا، إن “ما أثر علينا هو ميزانياتنا، وميزانيتنا خلال عهد ترامب كانت جيدة، مقارنة ذلك بالتضخم المرتفع اليوم”، وتضيف “الكثير من الناس يفكرون فقط بالتغريدات السيئة على مدى 4 سنوات، على الأقل عشنا حينها بشكل أفضل”.

Exit mobile version