أدان خبراء حقوق إنسان أمميون* استخدام السلطات السريلانكية تدابير حالة الطوارئ- بشكل مكثف ومطول ومتكرر- منذ الثاني من نيسان/ أبريل 2022 “بهدف قمع المتظاهرين السلميين ومنعهم من التعبير عن مظالمهم،” في خضم انهيار اقتصادي تمر به البلاد.
في 15 تموز/يوليو، استقال الرئيس غوتابايا راجاباكسا وغادر البلاد بعد أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية في العاصمة كولومبو وأنحاء أخرى من البلاد.
وأعلن خليفته الرئيس رانيل ويكرمسينغ حالة طوارئ أخرى في 17 تموز/يوليو، متعهدا باتخاذ موقف صارم ضد من وصفهم بـ “مثيري الشغب”.
ومنذ ذلك الحين، صادق البرلمان السريلانكي على مرسوم في 27 تموز/يوليو يمدد حالة الطوارئ الحالية لمدة شهر آخر، ويفرض حظر التجول، ويمنح سلطات تقديرية واسعة لقوات الأمن والجيش.
إساءة استخدام تدابير الطوارئ
تسمح هذه السلطات التقديرية للقوات الأمنية باحتجاز المتظاهرين وتفتيش الممتلكات الخاصة دون إشراف قضائي.
وقال الخبراء في بيان، اليوم الاثنين، إنهم أثاروا شواغلهم مع الحكومة في عدد من المناسبات بشأن “إساءة استخدام تدابير الطوارئ، ولكن دون جدوى”.
وأدان الخبراء الانتهاك الأخير والمستمر لمثل هذه الإجراءات الرامية “للتعدي على الممارسة المشروعة للحق في حرية التجمع السلمي والتعبير“.
وأبدى الخبراء قلقا خاصا بشأن تأثير ذلك على ممارسة طائفة من حقوق الإنسان، والتقارير الواردة بشأن استهداف الفئات الضعيفة والأقليات في ظل حالة الطوارئ هذه.
منذ آذار/مارس 2022، انضم الآلاف إلى الاحتجاجات، في العاصمة كولومبو وفي جميع أنحاء البلاد، للتعبير عن استيائهم من الحكومة بشأن تعاملها مع الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي تواجهها سري لانكا.
وقد اكتسبت هذه الاحتجاجات الجماهيرية زخما، استجابة للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ومزاعم الفساد، وارتفاع التضخم، ونقص الوقود والسلع الأساسية، وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، فضلا عن الفشل في الإدارة السليمة للتدفقات المالية غير المشروعة.
“تضييق سبل الحوار”
وقال الخبراء: “في أعقاب أزمة اقتصادية غير مسبوقة- تضطر فيها العائلات أحيانا إلى الاختيار بين الغذاء والدواء- فإن هذه الإجراءات القمعية تزيد من تضييق سبل الحوار”.
استخدمت قوات الأمن الصلاحيات الواسعة الممنوحة لها بموجب إجراءات الطوارئ لقمع حركة الاحتجاج بعنف، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، وفقا للخبراء.
في 22 تموز/يوليو، أفادت تقارير بأن عملية مشتركة بين الشرطة والجيش داهمت معسكرا للمتظاهرين في جالي فيس بالعاصمة كولومبو، مما أدى إلى هدم الخيام وإصابة أكثر من 50 شخصا واعتقال العشرات، بمن فيهم العديد من الصحفيين والمحامين.
وفي الأسابيع الأخيرة، نفذت الشرطة سلسلة من الاعتقالات التي يبدو أنها تستهدف الأفراد المتورطين في تنظيم المظاهرات وداهمت منازل ومكاتب المتظاهرين وأحزاب المعارضة السياسية.
الدعوة إلى حوار مفتوح وحقيقي
وشدد خبراء الأمم المتحدة على ضرورة عدم تطبيق القيود المفروضة على الحق في التجمع بحرية إلا في ظروف استثنائية شديدة ووفقا للقانون.
“لا يمكن استخدام الأمن القومي كذريعة لمنع المعارضة من التعبير عن الآراء، والاعتقال لمجرد الممارسة السلمية للحقوق هو إجراء تعسفي”.
وأكد الخبراء الأمميون على أهمية حماية المتظاهرين- بمن فيهم ممثلو المجتمع المدني والصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان- في سياق الاحتجاجات السلمية وألا يواجهوا مسؤولية جنائية جراء مشاركتهم في تلك الاحتجاجات.
وقال الخبراء: “إننا نحث الحكومة على وقف استخدامها المتكرر لإجراءات الطوارئ والسعي- بدلا من ذلك- إلى حوار مفتوح وحقيقي مع السريلانكيين بشأن الإصلاحات السياسية والاقتصادية للحد من تأثير الأزمة الاقتصادية”.
تشمل قائمة الخبراء الذين أصدروا البيان كلا من:
السيد كليمان نيالتسوسي فولي، المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ السيدة عطية واريس، الخبيرة المستقلة المعنية بآثار الديون الخارجية وغيرها من الالتزامات المالية الدولية ذات الصلة للدول على التمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان، ولا سيما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ السيد فابيان سالفيولي، المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار؛ سعد الفرارجي، المقرر الخاص المعني بالحق في التنمية؛ السيد ليفينغستون سيوانيانا، الخبير المستقل المعني بإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف؛ مايكل فخري المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء؛ إيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.