-كشف فريق من العلماء المتخصصين في هندسة أنظمة المناخ بجامعة شيكاغو، بقيادة البروفيسور دوغلاس ماكاييل، عن خطة شاملة تهدف إلى التصدي لخطر ذوبان نهر “ثويتس” الجليدي، الذي يُلقب بـ “نهر يوم القيامة” بسبب تهديده الكبير بارتفاع مستوى سطح البحر. النهر الجليدي الهائل، الذي يقع في القارة القطبية الجنوبية، يعاني من ذوبان متسارع نتيجة تغيرات المناخ، ما يهدد بارتفاع مستوى البحر بمقدار ثلاثة أمتار. ويؤدي هذا الارتفاع إلى حدوث فيضانات مدمرة قد تطال العديد من المدن الساحلية الكبرى، بما في ذلك مدن أمريكية كبرى مثل ميامي وتشيرلستون.
وفقاً للبروفيسور ماكاييل، “نحن بحاجة الآن للاستثمار في البحث العلمي، حتى لا نجد أنفسنا أمام قرارات طارئة عندما تبدأ الأمواج في التقدم نحو شواطئنا”. ولذلك، يطالب العلماء باتخاذ إجراءات جريئة وفعّالة خلال العقود المقبلة، لمحاربة هذا التهديد الذي يتفاقم بسرعة.
تتضمن الخطة المقترحة عدة حلول مبتكرة، مثل تركيب حاجز عملاق تحت الماء لمنع وصول التيارات الدافئة إلى أسفل النهر الجليدي. من خلال هذه الخطوة، يهدف العلماء إلى تقليل تأثير هذه التيارات التي تساهم في ذوبان الجليد، وبالتالي تأخير ارتفاع مستوى البحر. كما تتضمن الخطة زيادة سماكة الجليد بشكل صناعي، عن طريق ضخ مياه البحر المبردة على سطح الجليد. لكن هذا الاقتراح يواجه تحديات كبيرة من الناحية اللوجستية والبيئية، إذ إن ملوحة المياه قد تؤثر سلباً على بنية الجليد، فضلاً عن أن العملية تحتاج إلى طاقة هائلة قد لا تكون متوفرة بشكل مستدام.
إحدى التقنيات التي يتم اختبارها حالياً هي ضخ مياه باردة في أنفاق تحت الصخور، بهدف تقليل احتكاك الجليد بالصخور وزيادة استقراره. وقد بدأت شركة Real Ice البريطانية بالفعل في اختبار هذه التقنية منذ عام 2019، حيث أجرت تجارب ناجحة في كندا، ولكن تطبيقها على نطاق واسع قد يتطلب ميزانية ضخمة تصل إلى ستة مليارات دولار سنوياً.
رغم أن هذه الحلول التقنية تحمل إمكانيات واعدة، إلا أن العلماء يحذرون من أن “الهندسة الجيولوجية” ليست الحل النهائي لأزمة تغير المناخ. وفقاً لجيرنوت فاغنر، أستاذ المناخ في كلية كولومبيا، فإن هذه الحلول تعتبر مجرد مسكن للألم في أحسن الأحوال. ويشدد فاغنر على أن الحل الأكثر فعالية يكمن في التركيز على الحد من انبعاثات الكربون التي تمثل السبب الجذري لهذه الظاهرة.
دراسة حديثة نشرت في مجلة “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” قد سلطت الضوء على التيارات الدافئة التي تتدفق تحت النهر الجليدي، مما يزيد من سرعة ذوبانه بشكل غير متوقع. هذه الاكتشافات تتطلب إعادة تقييم التوقعات المتعلقة بارتفاع مستوى البحر، كما أن العلماء يرون ضرورة تعديل استراتيجيات التعامل مع هذا التهديد البيئي.
في الختام، يُعد نهر “ثويتس” الجليدي أحد أخطر التحديات التي تواجه كوكبنا في ظل التغيرات المناخية الحالية. وعلى الرغم من أن الحلول الهندسية تقدم بعض الأمل، إلا أن التركيز يجب أن يبقى على اتخاذ خطوات جادة للحد من انبعاثات الكربون، التي تعد السبب الرئيسي وراء هذا التهديد البيئي الخطير.