دراسة أميركية تحذر: «أضرار عصبية يسببها كورونا ربما تظهر بعد مغادرة المستشفى»

هل يكفي ظهور نتائج سلبية لاختبارات «البي سي آر»، التي تجرى للمرضى، لاتخاذ قرار بأن المريض تعافى من أي تأثير محتمل لفيروس «كورونا» المستجد؟… أغلب دول العالم تعتمد النتيجة السلبية مؤشرا للتعافي، ليصدر على أثرها قراراً بخروج المريض من المستشفى، ولكن دراسة أميركية حديثة حذرت من أن «الأضرار العصبية التي يسببها الفيروس، ربما تظهر بعد مغادرة المستشفى». وتحدد الدراسة التي نشرت في العدد الأحدث من دورية «مرض ألزهايمر» الشهرية، تصنيفاً ثلاثي المراحل لتأثيرات الفيروس، كشفت من خلاله كيف يمكن أن يسبب أضراراً كبيرة بالمخ، ينبغي التـأكد من عدم حدوثها قبل عودة المريض لمنزله، عن طريق إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للمريض.

وتبدأ المرحلة الأولى من تأثيرات الفيروس عن طريق ارتباطه بمستقبلات (ACE2) على الخلايا الظهارية الأنفية والمسؤولة عن التذوق، مع بقاء رد الفعل المناعي المفرط، والمسمى (عاصفة السيتوكين)، منخفضا ومضبوطا، وخلال هذه المرحلة، قد يعاني المرضى من ضعف في الرائحة أو الطعم، ولكن غالباً ما يتعافون دون أي تدخلات. وينشط الفيروس في المرحلة الثانية «استجابة مناعية قوية»، مما يؤدي إلى التهاب في الأوعية الدموية، وزيادة عوامل تخثر الدم المفرط، وتشكيل جلطات دموية في الشرايين الدماغية والأوردة، وتشمل أعراض المرحلة الثانية الإضافية التعب، الرنح (فقدان القدرة على التحكم في العضلات)، الحبسة (وجود مشكلة في وظيفة أو أكثر أساسية في عملية النطق)، الرؤية المزدوجة، فقدان الإحساس بنصف الجسم.

وتكون عاصفة السيتوكين في الأوعية الدموية شديدة في المرحلة الثالثة لدرجة أنها تسبب «استجابة التهابية متفجرة» تخترق الحاجز الدموي الدماغي، مما يؤدي إلى دخول السيتوكينات ومكونات الدم والجزيئات الفيروسية إلى الدماغ وتسبب موت الخلايا العصبية والتهاب الدماغ، ويمكن أن تسبب هذه المرحلة نوبات، وهذيانا، وغيبوبة، وفقدان للوعي، وقد تصل التأثيرات إلى الموت.

ويقول طبيب الأعصاب مجيد فتوحي، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره أول من أمس الموقع الإلكتروني «ميدسكيب»: «من المرجح أن تكون هناك عواقب سلبية على المدى الطويل للمرضى في المرحلة الثالثة، لأن هناك أدلة على أن جزيئات الفيروس قد اخترقت الدماغ بالفعل، ويمكن أن يظل الفيروس خاملاً في الخلايا العصبية لسنوات عديدة».

ويضيف أن دراسات سابقة على الفيروسات التاجية أظهرت وجود صلة بينها وبين خطر التصلب المتعدد أو مرض باركنسون حتى بعد عقود. ويشير فتوحي إلى أنه «استناداً إلى عدة تقارير في الأشهر الأخيرة، فإن ما بين 36 في المائة إلى 55 في المائة من مرضى فيروس كورونا المستجد الذين يتم إدخالهم إلى المستشفى لديهم بعض الأعراض العصبية، ولكن إذا لم تبحث عنها، فلن تراها».

ونتيجة لذلك، يشدد فتوحي على حتمية مراقبة المرضى بمرور الوقت بعد الخروج من المستشفى، حيث قد يصابون بخلل إدراكي في المستقبل، بالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري أن يتم إخضاعهم للتصوير بالرنين المغناطيسي الأساسي قبل مغادرتهم المستشفى، حتى يكون لدى الأطباء نقطة انطلاق للتقييم والعلاج في المستقبل.

ومن جانبه، يعزي دكتور خالد محمدي، استشاري المخ والأعصاب بوزارة الصحة المصرية، الأضرار العصبية للفيروس إلى مساهمته في تكوين عاصفة السيتوكين. ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتباط الفيروس بالخلايا الظهارية التنفسية، ثم بالخلايا الظهارية في الأوعية الدموية يؤدي إلى تكوين العاصفة، والتي تساعد بدورها على عبور حاجز الدم بالدماغ، ليدخل مباشرة إلى الدماغ، مما يساهم في إزالة الميالين، وهو مادة دهنية تحيط بالمحور العصبي لبعض الخلايا العصبية (العصبونات).

ويشير إلى أن هذه الدراسة قد تكون دافعا لمزيد من الاهتمام بالأضرار العصبية التي يمكن أن يحدثها الفيروس، ويتفق مع ما ذهب إليه الفريق البحثي من ضرورة إجراء تقييم عصبي وتصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ بشكل مثالي قبل مغادرة المستشفى، بحيث إذا أظهر التصوير وجود أي تشوهات، يتابع المريض مع طبيب أعصاب تحسبا لحدوث أي مشاكل مستقبلية.

 

المصدر: الشرق الأوسط

Exit mobile version