نشرت مجلة “كواتيرناري ساينس ريفيو” نتائج دراسة زراعية مناخية تاريخية، كشفت عن نتائج مذهلة حول المناخ والطقس والبيئة الزراعية في منطقة الشرق الأوسط طوال 20 ألف عام مضت.
وأظهرت الدراسة الانتقال من البرودة الجافة للغاية، إلى الأمطار الغزيرة الرطبة، وصولا إلى الاعتدال الحراري، بعد نهاية العصر الجليدي.
وأثبتت كيف أن هذا التحول المناخي كان حدثا أساسيا خلال تلك الأعوام، وسمح للبشر الساكنين في هذه المنطقة من التحول من نمط الصيد والالتقاط إلى نموذج الفلاحة والاستقرار الزراعية، وتاليا تأسيس البنية التحتية لتشكل الحضارات الأولى في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب “سكاي نيوز عربية” فقد انطلقت الأبحاث العلمية التفصيلية من موقع أثري في منطقة وادي الحولة، في الضفة الغربية لنهر الأردن، حيث وجد علماء الآثار عام 1999 موقعا لأقدم مصنع زراعي في التاريخ، حيث وجدوا تراكما لأكثر من 60 نوعا من الرسوبيات الزراعية، التي تعود كل واحدة منها إلى فترات زمنية متراكمة، تعود لأكثر من 12 ألف عام.
وباستخدام الكربون المشع، وبعد أخذ مئات العينات من تلك الرسوبيات النباتية، تمكن العلماء من تشكيل نموذج وتصور لكيفية تطور المناخ في هذه المنطقة، التي تقع وسط دول الشرق الأوسط، وتشكل أداة لمعرفة كثير من المعطيات عن التحولات المناخية التي جرت في هذه المنطقة.
وحسب معطيات الدراسة، التي شارك فيها علماء آثار من معهد TAU وجامعة مونبلييه الفرنسية، فإن فصل الشتاء في هذه المنطقة قبل 20 ألف عام كان أبرد مما هو عليه بنحو خمس درجات مئوية، بينما كان فصل الصيف أبرد بعشر درجات، لكن مستويات هطول الأمطار مماثلة لما هي عليه اليوم.
وتعليقا على هذه الرؤية المناخية للتحولات الإنسانية التاريخية، يقول الباحث فاروق بلاس في حديث مع سكاي نيوز عربية، “كانت دوافع انتقال البشر بكثافة من البيئة الإفريقية إلى منطقة الشرق الأوسط واحدة من الألغاز التاريخية المحيرة، لكن استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة، بالذات في مجال تقفي التحولات المناخية، سمحت بوضع كثير من الحقائق المناخية التاريخية كأدوات لفهم التحولات التاريخية. إذ لم يكن تحول الشرق الأوسط إلى منبت للحضارات الأولى متأتيا من فراغ، بل نتيجة لعديد من العوامل، يأتي المناخ على رأسها”.