رغم وطأة الأضرار التي خلفتها جائحة كورونا منذ حوالي 19 شهرا إلى الآن فإن دولة الكويت عملت بجهد على الارتقاء بنوعية خدمات الصحة النفسية المقدمة على جميع المستويات عبر سبل جديدة ومبتكرة تواكب تلك التحديات.
وبينما بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها اثر تحسن ملحوظ في الوضع الوبائي ميدانيا وسريريا نجح مركز الكويت للصحة النفسية في جعل شعار (الرعاية الصحية النفسية للجميع: لنجعل هذا الشعار واقعا) الذي رفعته منظمة الصحة العالمية لإحياء اليوم العالمي للصحة النفسية في 2021 واقعا ملموسا.
وبهذه المناسبة، قالت مديرة مركز الكويت للصحة النفسية الدكتورة خلود العلي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت إن جائحة (كورونا) دفعت دول العالم إلى إغلاق الحدود وفرض قيود صارمة على الدخول وإجراءات للحجر الصحي وتقييد التجمعات الكبرى في إطار جهود احتواء تفشي الجائحة مما أدى إلى تضرر بعض الفئات من ذلك لا سيما المصابين بحالات صحية نفسية.
وأوضحت العلي أنه على الرغم من الأثر الفادح على الصحة النفسية الذي تسببت فيه الجائحة على جميع سكان الأرض فقد كانت ذكرى اليوم العالمي للصحة النفسية التي تصادف العاشر من أكتوبر كل عام بمنزلة فرصة سانحة لإذكاء الوعي بقضايا الصحة النفسية وتعبئة الجهود من أجل دعمها.
وأشارت إلى وجود رغبة ملحة في اغتنام محنة (كورونا) وتحويلها إلى منحة من خلال استكشاف سبل جديدة لرعاية الصحة النفسية وتقديم الدعم للآخرين في هذا المجال خصوصا أن الدراسات المتوفرة تظهر أن الفيروس يؤثر على المجتمع عموما ويتسبب بحالات من رهاب كورونا والقلق والوسواس القهري ويؤثر على المصابين به في أثناء الإصابة وبعد الإصابة موضحة أن الإصابات النفسية بعد الإصابة بفيروس (كورنا) تصل إلى 50 في المئة من المرضى.
واستعرضت بهذا الصدد بعض السبل لمواكبة التطورات منها ما يتعلق بالقرار الوزاري بتشكيل فريق الدعم النفسي لتقديم الدعم النفسي والمساندة والاستشارات النفسية للعاملين في الحقل الطبي والمحاجر لافتة إلى أن فريق الاستشارات الخارجية مكون من أطباء نفسيين للاستشارات الطارئة في المستشفيات والمحاجر.
وذكرت أنه تم كذلك إعداد فيديوهات توعوية نفسية ورسائل إيجابية بشأن كيفية التغلب على الأزمة الصحية العالمية وتعزيز الصحة النفسية والتفكير الإيجابي عبر الحساب الرسمي للمركز على موقع (إنستغرام) للتواصل الاجتماعي كذلك إجراء مقابلات تلفزيونية مع الاطباء والمعالجين النفسيين.
وأشارت إلى التعاون المشترك مع (صندوق إعانة المرضى) من خلال مركز (اطمئن) لتقديم استشارات اجتماعية ونفسية مجانية وورش عمل من قبل اختصاصيين نفسيين (وحدة الخدمة النفسية الإكلينيكية) بالمركز.
وفي هذا الإطار كذلك قالت العلي إنه تم تشكيل فريق دعم يعمل من خلال خط ساخن للرد على استفسارات المراجعين والمرضى للتسهيل على المرضى في أوقات الحجر الصحي أو أوقات الحظر بجانب استمرار تقديم خدمات العيادة الخارجية.
وأضافت أنه تم أيضا تنظيم زيارات الأهل للمرضى من خلال مواعيد محددة مع سهولة التواصل عبر الهاتف من خلال فريق عمل مكون من أطباء ومعالجين نفسيين واختصاصيين في الخدمة الاجتماعية والعلاقات العامة بالإضافة إلى توفير خدمة توصيل بعض انواع الادوية للمنازل بالتعاون مع الادارة العامة للاطفاء.
وبشأن حلول اليوم العالمي للصحة النفسية أفادت بأنه يهدف في المقام الأول إلى التوعية بأهمية الصحة النفسية والمحافظة عليها وسبل الوقاية والعلاج فالصحة النفسية وهي الصحة العقلية التي تعني الرفاهية النفسية والحالة النفسية للشخص الذي يتمتع بمستوى عاطفي وسلوكي جيد يستطيع فيه الفرد الاستمتاع بالحياة وخلق التوازن بين أنشطة الحياة والتكيف من حالات الاجهاد والتوتر العادية.
وبينت أن أعراض الأمراض النفسية تختلف حسب التشخيص وشدته وتختلف عند البالغين عن الأطفال مضيفة أن الأمراض النفسية هي مجموعة من اضطرابات الصحة العقلية التي تؤثر على طريقة تفكير وشعور ومزاج وتصرفات الشخص وقد يكون الأمر عرضيا أو مزمنا ويؤثر على قدرة الشخص على التعامل مع الآخرين وعلى قدرته على أداء مهامه اليومية ومن هذه الأعراض الكآبة والحزن وعدم التركيز والقلق المفرط والشعور بالذنب وتغيرات المزاج وغيرها من أعراض.
وقالت العلي إن التعامل مع المريض النفسي يتم من خلال فريق طبي وعلاجي مختص ومدرب مشيرة إلى أن أهم أسس العلاج هو التعامل بهدوء والاحتواء والتفهم مشيرة إلى دور (مركز الكويت للصحة النفسية) في تقديم خدمات صحية وعلاجية لكبار السن والبالغين والأطفال والطب الشرعي النفسي وكذلك دور وحدة الرعاية النهارية والخدمة الاجتماعية.
من جانبه، قال رئيس قسم الطب النفسي بمركز الكويت للصحة النفسية الدكتور عمار الصايغ ل (كونا) إن المركز يقدم العديد من الأنشطة والفعاليات والحملات الإعلامية للتواصل مع العامة من الجمهور بغرض نشر التوعية الصحية تأكيدا لشعار (الرعاية الصحية النفسية للجميع: لنجعل هذا الشعار واقعا) الذي خصصته منظمة الصحة العالمية لإحياء اليوم العالمي للصحة النفسية للعام الحالي.
وحول (كوفيد-19) والظروف النفسية التي خلفتها الجائحة على المجتمعات والأشخاص في مختلف أنحاء العالم ذكر الصايغ أن للجائحة أثرا سلبيا على الصحة النفسية للناس حول العالم خصوصا فيما يتعلق بالظروف المعيشية والصحية مشيرا إلى القيود التي فرضت على التنقل والأعمال التجارية وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية كما كان قبل الجائحة.
وأضاف أن الضرر الأكبر كان على العاملين في الخطوط الأمامية والمؤسسات الصحية والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم.
وفيما يخص الفئة الأكثر عرضة للاصابة بالأمراض النفسية من كلا الجنسين أفاد بأن نسبة الأمراض النفسية بين الجنسين تختلف وفقا لنوع المرض فاضطرابات القلق والاكتئاب تزداد نسبتها عند النساء نظرا إلى طبيعة حياة المرأة وما تمر به من تغيرات هرمونية وظروف معيشية خلال حياتها مثل الحمل ومسؤولية تربية الأطفال وتقل عند الرجال لكنهم أيضا عرضة للاصابة.
وأشاد بدور المؤسسات الإعلامية في نشر الثقافة الصحية النفسية الصحيحة وتقليل النظرة السلبية للأمراض النفسية من خلال إبراز ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية والابتعاد عن نشر المعلومات المغلوطة عن الأمراض النفسية وتوعية الناس بأن الأمراض النفسية هي كسائر الأمراض الأخرى يتم علاجها في المؤسسات الطبية الصحية.
ويحتفي العالم باليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف العاشر من أكتوبر منذ عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية بهدف نشر الوعي حول الصحة النفسية وأهمية الحفاظ عليها لما لها من أهمية بالغة في حياة الإنسان وما ينتج عن تدنيها من مشاكل واضطرابات واختلالات في النظام النفسي بالتالي تأثيره على تفاعل الإنسان وسلوكياته ونشاطه على مختلف الصعد.