د.زينب الخضيري: الوعي بالقانون
الأمان الذي يزرعه القانون في المجتمع ضد أي إساءة تتعلق بحدود الإنسان وكرامته كذلك عبثية الإنسان ضد أخيه الإنسان والممتلكات والمال العام هي جزء من العناصر التي تبني حضارة الشعوب، ومن المتعارف عليه أن القانون ليس هو الأداة الوحيدة لتنظيم السلوك الإنساني، ويؤكد عالم الاجتماع الفرنسي كورويج: “أن هدف القانون تحقيق العدالة في إطار مجتمع معين، وبالرغم من أن العدالة قيمة نسبية -عنده وإنها تختلف بالتالي باختلاف المجتمعات- إلا أنه يرى أن الغاية (العدالة) واحدة عند الفرد والدولة معاً”.
لذلك وجود القانون أمر يتناسب مع سلوكيات البشر في إدارة حياتهم، وإيجاد التوازن والقوة فيها، وفك التصادمات والحفاظ على الحقوق المشروعة لكل فرد، وإيقاف أطماع من لا تقف أطماعهم عند حد، والمتتبع لتاريخ الشعوب لم تكن حياتهم خالية من النظام والقانون على مر العصور، وفي تاريخ الجماعات البشرية يرى أن كل العلاقات الإنسانية مبنية على الكثير من القوانين والقواعد التي تنظمها، وكلما ازداد عدد الجماعات كلما كان وجود القانون ملزماً لتنظيم علاقاتهم ومعاشهم، ويوضح حقوقهم وواجباتهم، وأعرافهم، وتقاليدهم.
فالإيمان بأهمية القانون والوعي الثقافي والسلوكي به هذا جدير بتنظيم المجتمع، وتربية النشء على العيش وروح القانون تطبق على الجميع وهذا كفيل ببث روح الثقة والأمان في المجتمع، والقانون السليم هو الذي ينبعث من كافة المستويات ويندمج مع مختلف الجوانب الثقافية والأخلاقية والتربوية بحيث يتكامل مع العناصر الأخرى لتحقيق المثل الإنسانية والإلهية العليا. ولا يوجد علاقة تستحق التنظيم أكثر من حل الخلافات التي تحصل بين الناس نتيجة لتعارض المصالح. وكلما وجدت مجتمعاً يطبق القانون، كلما كان تأثير القانون بالأفراد قويا ورأينا مجتمعا ناهضاً فكرياً واقتصادياً ومتطوراً.
وكلما كان المجتمع لا يؤمن أفراده بالقانون كلما كان وضعه بائساً ومتخبطاً. ولابد من أن نستوعب أن هدف القانون هو إقامة العدالة، التي تعني توفير مصلحة الطرفين والمحافظة عليها. لذلك يجب بناؤه في النفوس منذ الصغر ومعرفة أن لكل فعل ردة فعل، والتأكيد على أنه لا مفر من وجود القانون في حياتنا، وهذا يؤكده دور التعليم في تعزيز القانون وتنمية الوعي به وإشاعة ثقافة احترام القانون والعمل به، لذلك لابد من توفير الدعم التعليمي الذي ينمي القيم والمواقف الإيجابية في عقول وسلوكيات الأجيال المقبلة.