لإيماني المطلق باحترام أهل الاختصاص، حيث إنّ مراعاةَ التخصص من أهم مُقومات النجاح والتوازن والاستقرار؛ فنقدّر للطبيب طبّه، وللاقتصادي اقتصاده، وللسياسي شأنه، لذلك عادةً لا أرغب الخوض في شأن بعيد عن اختصاصي، وقد قيل سابقاً «من تكلَّم في غير فنِّه أتى بالعجائب»، لكن بعد الانتشار السلبي للسوشيال ميديا بشكل واسع واختلاط الحابل بالنابل، ووجود حسابات كثيرة معلومة ومجهولة تخوض بكل شاردة وواردة، والكثير منها يُراد بها الإساءة فقط لا غير، لذا أصبح لزاماً علينا إيضاح ما تم الخوض فيه في الأيام القليلة الماضية بشأن خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لقد تم التركيز بكل أسف على خطأ في نطق كم كلمة في الخطاب وهو شيء طبيعي جدا يحدث لكائن من يكون أثناء إلقاء أي خطاب، وتناسوا ما تميّز به سموه أثناء إلقاء الخطاب من رصانة وثبات وقوة شخصية لإدراكه وفهمه العميق للكلمة التي ألقاها، ووضوح النبرة وجهارة الصوت، وعدم وجود الأمور المنفّرة كالسعال و(التنحنح) أو الحركات العشوائية.
ناهيك عمّا تميّز به الخطاب من شمولية في استعراض جميع المواضيع الخليجية والعربية والإقليمية والدولية بأسلوب سهل وجامع لقواعد الخطابة بلغة رصينة، وشامل لأصول المعالجة المنطقية بتسلسل واضح من حيث الأفكار التي ترجمتها الفقرات، وصولاً إلى الأهداف الوطنية والمركزية المُرادة والتي حملها سموه على عاتقه في أكبر محفل عالمي، وتمثّل رأي شريحة عريضة من المجتمع في أهمية التركيز على الكليات وليس الجزيئات، وكان الأجدر بنا التركيز عليها؛ ونذكر منها:
1. تنظيم الملاحة في خور عبدالله والأمن المائي، وحقوق الكويت في حقل الدرة.
2. دعم دول مجلس التعاون المجتمع الدولي نحو التصدي للتحديات المشتركة.
3. القضية الفلسطينية ودعم الحق الفلسطيني.
4. تعزية المملكة المغربية ودولة ليبيا.
5. الحفاظ على أمن واستقرار السودان واليمن.
6. التعاون الدولي القائم على الشراكة والمسؤولية.
7. الحد من خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي الذي يستهدف المسلمين.
8. الحد من الانبعاثات وتنويع مصادر الطاقة.
9. طلب نيل عضوية مجلس حقوق الانسان للفترة (2024-2026).
10. ضمان تحقيق حفظ السلم والأمن الدوليين وخدمة البشرية جمعاء.
لا شك بأنّ الخطاب كان في غاية الأهمية لدولة الكويت في ظل تداعيات الأحداث المستجدة في المنطقة، وكان الأجدر بالجميع التركيز على ما جاء به سمو رئيس مجلس الوزراء من رسائل شديدة اللهجة، وأهداف مستقبلية واضحة ومحددة، والعمل على إيصال صوت الكويت مدوّياً عالياً إلى عنان السماء، للتأكيد على حقوق الكويت الدولية والتي تحتاج إلى التكاتف ورص الصفوف، وتحصين وتعزيز الجبهة الداخلية، ونبذ الخلافات والمهاترات التي من شأنها إضاعة الحقوق المشروعة.
أخيراً وليس آخراً؛ انسجاماً لما ورد في خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء في الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء انسحاب معالي وزير الصحة د.أحمد العوضي اعتراضاً على وجود وزير صحة الكيان المحتل في مؤتمر وزراء الصحة في العالم المنعقد على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيداً لموقف دولة الكويت الثابت والراسخ، الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع، الأمر الذي لاقى استحساناً كبيراً وإشادة واسعة من الكثير لأنه تجسيد للموقفين الرسمي والرأي العام الكويتي.
والله ولي التوفيق