د.هيا ابراهيم الجوهر: نفايات الفضاء
تتعلق أعيننا بالسماء، تحلق أفكارنا فيه، وتنطلق إلى الفضاء الخارجي، نحلم أن نعيش هناك حيث النقاء والصفاء والفضاء الرحب، ولا نعلم ما تخفيه تلك الزرقة، وماذا فعل الإنسان بها حيث لم يكتف بتلويث الأرض فانطلق يلوث السماء! نسمع دوما عن نفايات الأرض، لكن ماذا عن نفايات الفضاء؟! هي مخلفات قذفها البشر على مدار أكثر من نصف قرن، في الفضاء المحيط بنا، منذ بدأ الإنسان رحلته إلى الفضاء في 1957 عندما أطلق الاتحاد السوفياتي سبوتنيك، أول قمر اصطناعي، ومنذ ذلك الوقت، تم إطلاق أكثر من أربعة آلاف قمر اصطناعي في المدار.
ومع مرور الأعوام تراكمت النفايات عالية السرعة المكونة من مخلفات مراحل إطلاق الصواريخ، والبراغي الطائشة ورقائق الطلاء، والركام الصلب لمحركات الصواريخ، والأقمار الاصطناعية منتهية الصلاحية أو التي توشك صلاحيتها على الانتهاء، والشظايا المتناثرة من جراء اختبارات مضادات الأقمار الاصطناعية والشظايا والجزيئات الناتجة عن الاصطدامات أو الانفجارات الفضائية، بعضها يطفو في الفضاء وكثير منها يدور حول الأرض بسرعة تصل إلى 36 ألف كيلو متر، حتى أصبح المدار الأرضي المنخفض أكبر مكب للنفايات في العالم، وجزءا منها قد تجده على كوكب الزهرة والمريخ، بينما يتوقف نحو طن منها على القمر.
وتحظى بعض القطع من النفايات بشهرة واسعة مثل القفاز الذي طاف بعيدا عن طاقم “الجوزاء 4” خلال أول سير في الفضاء قام به رواد فضاء أمريكيون، والآخر: الكاميرا التي فقدها مايكل كولينز خلال مهمة جيميني 10. وتراوح مدة بقاء النفايات في الفضاء من بضعة أعوام إذا كانت موجودة على ارتفاع منخفض، وإلى قرن من الزمان إذا وجدت على ارتفاع يزيد على ألف كيلومتر. وتكمن خطورتها في الأضرار التي قد تسببها سواء للأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية المأهولة أو الكواكب الأخرى.
وبسبب السرعات الكبيرة جدا التي تنتقل بها نفايات الفضاء، يمكن للقطع الصغيرة التي يراوح حجمها بين واحد وعشرة سنتيمترات اختراق معظم المركبات الفضائية وإتلافها، إذ يعادل الضرر الذي تسببه قطعة نفايات فضائية يبلغ طولها عشرة سنتيمترات ضرر 25 قطعة من الديناميت، لهذه الأسباب، أنشأت وكالة ناسا مع وزارة الدفاع الأمريكية شبكة مراقبة فضائية، تتعقب المحطات الأرضية وتسقط على الأرض سنويا نحو 100 قطعة كبيرة من هذه النفايات يصل وزنها الإجمالي إلى 150 طنا.