قال رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر إن الغرفة عملت ولا تزال تسعى لإجراء التعديلات اللازمة على قرار الهيئة العامة للقوى العامة بحظر إصدار إذن عمل لمن بلغ سن الستين فما فوق، لحملة شهادة المرحلة الثانوية فما دون، لكي يصبح القرار أكثر واقعية عملية واقتصادية، وأكثر مراعاة انسانية.
وأوضح خلال كلمته بالجمعية العامة السابعة والخمسين للغرفة أنها أصدرت في ابريل 2020 بياناً حول «تجارة الاقامات» دعت فيه إلى تنفيذ العقوبة القانونية السريعة والصارمة والعادلة باعتبارها ضرورة لا جدال فيها ولا مساومة في شأنها، حيث أكدت آنذاك أن أسلوب العقاب، على ضرورته وحتميته، لا يمكنه القضاء على ظاهرة تجارة الإقامات ما لم يقترن بالسياسات والإجراءات الكفيلة بتجفيف الربح غير الشرعي وغير المشروع من استغلال آلام البشر، ومن الإضرار بمصلحة الوطن.
وأضاف الصقر أنه في إطار جائحة صحية عالمية غير مسبوقة الخطورة والاتساع وسرعة الانتشار، ونتيجة لانعكاساتها الاقتصادية الأعمق والأسوأ منذ ثلاثينات القرن العشرين، وقع الاقتصاد الكويتي، خلال وطوال الأشهر الستة عشر الماضية وحتى الآن، أسير أزمات متشابكة ثلاث، تساهم كل واحدة منها في تعميق جراح وتعظيم خسائر أختها: جائحة كوفيد 19، وانخفاض أسعار النفط، وغياب الرؤية والقدرة اللازمتين لادارة مثل هذه الأزمة المركّبة ثلاثية الأنياب.
وتابع أن الغرفة كانت في طليعة من علّق الجرس تحذيراً من التداعيات الاقتصادية للجائحة الصحية، والدعوة إلى سرعة التحرك لتطويقها، كما أنها لم تترك فرصة إلا انتهزتها لإيصال صوت القطاع الخاص إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية، لافتاً إلى أن مجلس الإدارة قرر أن يكون وهيئة مكتبها واللجان المنبثقة عنه كلها، في حال انعقاد دائم، مشيراً إلى تقدم الغرفة بورقة مبادئية حول المنطلقات الاقتصادية والإجرائية لمعالجة الأزمة، إلى فريق العمل الذي تشكّل لهذا الغرض من وزراء الإدارة الاقتصادية والغرفة.
وأشار إلى عقد قرابة 40 اجتماعاً مع شرائح القطاع الخاص كافة، واتحاداته النوعية، وقطاعاته المختلفة بما في ذلك قطاع التعليم الخاص بحضاناته ومدارسه وجامعاته، منوهاً إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالذات حظيت بأهمية مركزية في هذه الاجتماعات «التي حمل مكتب الغرفة نتائجها ملخصة ومبوبة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء في لقاء مطول وصريح شارك فيه وزراء التجارة والصناعة، والمالية، والدولة للشؤون الاقتصادية».
ولفت إلى مشاركة الغرفة بفاعلية في فريق الإصلاح الذي كُلّف بتقديم مقترحاته في شأن تنشيط الاقتصاد الوطني وزيادة كفاءة قطاعه العام وتعزيز دور قطاعه الخاص، كما تمثلت الغرفة في فريق تعديل التركيبة السكانية، المكلف برفع توصياته لكي تكون العمالة الوافدة متفقة حجماً ونوعية مع الاحتياجات الفعلية للبلاد، وذات قيمة مضافة حقيقية لاقتصادها.
وقال الصقر «ليس من السهل أن أحدّثكم، في هذه العجالة، عن كل ما قامت به الغرفة من جهود، وما تقدمت به من اقتراحات، وسعت إليه من تشريعات وإجراءات، لتطويق التداعيات الاقتصادية للجائحة الصحية».
وأكد أن الغرفة تعرب عن اعتزازها الشديد بأن مقترحاتها وطروحاتها لمواجهة الأزمة، والتي تقدمت بها بين مارس ومايو 2020، جاءت متوافقة الى حدٍ بعيد مع التوصيات والاجراءات التي أعلنتها «اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي»، في العرض الذي قدمه رئيسها محافظ بنك الكويت المركزي يوم الرابع من يونيو 2020، بعد ان تبناها مجلس الوزراء في جلسة استثنائية عقدها في نفس اليوم.
وبين أن مقترحات الغرفة وطروحاتها جاءت متسقة ومتكاملة مع الخطوط العريضة لتقرير فريق الاصلاح الاقتصادي الذي رفعه رئيس الفريق المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الى سمو رئيس مجلس الوزراء في سبتمبر 2020.
وذكر أن هذا التساوق الفكري الموضوعي بين رؤى القيادات الاقتصادية الفنية والمتخصصة في القطاعين العام والخاص، لم ينجح في تجسير التباين الكبير في توجهات السلطتين، فجاءت الخطوات التنفيذية الجادة قاصرة وبطيئة وملتبسة. وهو ما تابعناه جميعاً بأسف، وتجرّعنا نتائجه بمراره، ودفعنا وندفع تكاليفه بارهاق ومشقّه.
وأضاف «لعل أبلغ وأخطر برهان على ما ذهبنا إليه هو انخفاض التصنيف الائتماني السيادي للكويت وتغيّر النظرة المستقبلية لاقتصادها، والذي برّرته وكالة ستاندرد آند بورز في نهاية مارس، وعزته وكالة موديز في أواخر سبتبمر 2020، الى بطء الاصلاحات الاقتصادية واسعة النطاق، وزيادة الأعباء على مؤشرات المالية العامة وميزان المدفوعات، وتصاعد مخاطر السيولة على الرغم من القوة المالية الاستثنائية للدولة، والعجز المستمر في مواجهة الصدمات، والصعوبة المتزايدة في معالجة عجز الميزانية العامة بسبب هيكل الانفاق الحكومي غير المرن».
وقال «لكن يبقى الجهاز المصرفي الكويتي – بشهادة الوكالتين – الجذوة التي تبدد ضبابية المشهد وتحفظ التفاؤل، إذ حافظ هذا الجهاز ونظامة على نظرة كلية قوية للمصارف الكويتية، تقوم على قوة استقلاليتها المدعومة بقدراتها وملاءتها وسيولتها».
وألمح إلى أن الورقة الموسومة «إن وطننا في خطر»، والتي أصدرتها الغرفة نهاية عام 2020، إنما كانت من حيث المناسبة تعبيراً عن وعي تام وتنبيهاً للوعي العام بالدلالات البعيدة والانعكاسات العميقة لتخفيض التصنيف الائتماني السيادي. كما كانت الورقة – من حيث الهدف تجديداً وتأكيداً لإرادة القطاع الخاص وقدرته على أن يؤدي دوره التنموي كاملاً في اصلاح المالية العامة، وفي ضمان حرمة المال العام، وفي تعديل التركيبة السكانية، إذا ما تهيأت له البيئة التي تمكنه من أداء هذا الدور في إطار الثقة والحرية والعدالة، والتعاون المتوازن مع القطاع العام.
ونوه إلى الورقة تبنّت مجموعة من السياسات والاجراءات الرئيسية التي توافر الشروط اللازمة للبيئة المطلوبة، وتضمن الالتزام الوطني التنموي للقطاع الخاص، وتستعيد الثقة الشعبية والدولية بمصداقية وعزيمة الكويت الاصلاحية، خصوصا أن المشهد الاقتصادي الكويتي لم يكن مشهداً مشرقاً واعداً قبل متلازمة الجائحة الصحية، وارتفاع عجز الميزانية، وضعف الرؤية والقدرة، ولكن المشهد ازداد قتاماً بعد الأزمة ثلاثية الأنياب، فأضحت الصور أكثر ضيفاً، وأضحت النظرة الى الغد أشد قلقاً.
وقال «لئن أستأثرت معالجة الأزمة بجلّ جهود الغرفة ووقتها في الأشهر الستة عشر الأخيره، فإن الغرفة لم تقصر في اهتمامها المعتاد بالقضايا والتشريعات الاقتصادية الاخرى، فاستجابت شاكرة لرغبة لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الموقر لمعرفة وجهوة نظرها في شأن مشروع قانون التسوية الوقائية واعادة الهيكلة والافلاس وفي مشروع قانون الصكوك الحكومية كما استجابت الغرفة لرغبة وزارة التجارة والصناعة في التعرف على ملاحظاتها حول مشروع قانون في شأن الاستيراد، وحول مشروع قانون التجارة الاليكترونية، وبادرت الغرفة الى الكتابة لوزير الشؤون الاجتماعية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية موضحة رأيها في مشروع قانون في شأن تنظيم التركيبة السكانية».
وأفاد بان الغرفة تابعت أنشطتها المحلية والخليجية والدولية من خلال اللقاءات والندوات الافتراضية، كما واصلت خدماتها الادارية والتنظيمية، وواصل مركز عبدالعزيز حمد الصقر للتنمية والتطوير جهوده وتنفيذ برامجه عن بعد، فنظم 28 برنامجاً شارك فيها أكثر من 730 متدرباً. ولئن أجل مركز الكويت للتحكيم التجاري معظم أنشطة أمانته العامة المتمثلة بالمؤتمرات والمسابقات، فإنه نجح في تنظيم 15 برنامجاً تدريبياً وحلقات نقاش وندوات متخصصه.
وأعرب عن اعتزازه أن الغرفة تطويراً لخدمة أعضائها، ووفاء بالمتطلبات الدولية لتسحين بيئة الأعمال، قصرت استيفاء مستحقاتها مقابل خدماتها على الدفع الآلي، ومن خلال البطاقات الائتمانية المصرفية والشيكات المصدّقة، لافتا إلى أنه أعضاء الغرفة يستطيعون الآن تجديد عضويتهم والحصول على شهادات الانتساب آلياً، دون الحاجة للحضور الشخصي. كما أطلقت الغرفة – بالتعاون مع الهيئة العامة للمعلومات المدنية – خدمة اليكترونية جديده تتيح لاعضائها التصديق على صحة التوقيع اليكترونياً عن طريق تطبيق هويتي.
وبين أنه رغم الانخفاض الشديد في ايراداتها، عززت الغرفة التزامها بالمسؤولية المجتمعية والوطنية فساهمت بمبلغ مليوني دينار كويتي للصندوق الوطني لمجابهة وباء كورونا، مؤكدة أن مساهمتها هذه لا تمليها حاجة الدولة اليها لا سمح الله، بل تفرضها حاجتنا نحن الى التعبير الصادق عن واجبنا الوطني والانساني، وعن صلابة التكاتف بين الدولة والشعب.
وأشار إلى أن الغرفة تبرعت الى جمعية الهلال الأحمر الكويتي – باعتبارها شريكاً انسانياً لها – بمبلغ 200 الف دينار لتمويل جهود المتطوعين، وتأمين الاحتياجات المطلوبة لمعالجة الجائحة الصحية.
شكر وتقدير للغانم
وجه الصقر كلمة شُكر لرئيس الغرفة السابق على الغانم على ما بذله من جهود كبير في العمل على تطوير أداء ودور الغرفة سواءً عندما كان عضواً بها خلال فترة امتدت إلى 25 عاماً وكذلك لدى تقلده منصب الرئيس لمدة تصل إلى 15 عاماً.
وقال إن الغانم كان لها بصماته المؤثرة في نهج الغرفة ومساهماتها الاتصادية المختلفة، منوهاً إلى أنه ترجل عن مرتكزه كرئيس للغرفة ومن ثم لإفساح المجال أمام مرحلة تالية تستمر الغرفة من خلال فريقها الحالي في تقديم الدور الوطني المأمول.
وأضاف في كلمته خلال الاجتماع «أريد هنا أن أسجل شكراً خاصاً ومستحقاً لادارة الغرفة وجهازها التنفيذي بكامله، لما أبدوه من احساس عال بالمسؤولية الوطنية والمهنية، في اطار الالتزام بقرارات تنظيم العمل في الدولة، إذ بقي عمل الادارات المعنية منتظماً ومستمراً بغية تسهيل مهمة المؤسسات والشركات في تأمين خطوط التوريدات والمخزون الاستراتيجي للبلاد، وعدم توقف دوران عجلة الصناعة الوطنية وصادراتها».