رحب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر في بداية حديثه بالوفد السعودي، قائلاً للوهلة الأولى، حسبتُ أنكم ضيوفاً كراماً في وطني، فكدتُ أن أرحب بكم وأشكر حضوركم.
وتذكرتُ أنني ضيفكم في بلدكم، فحقَّ عليَّ أن أعرب عن امتناني لدعوتي للمشاركة في منتداكم، واعتزازي بالوقوف على منبركم. ثم تساءلتُ، طالما أن الدار هي الدار، والأهل هم الأهل، كيف نعرف الضيف من المضيف ؟ أليست هذه الحيرةُ المحبّبة هي ما يدعونا إلى لقاء الشراكة هذا، متكئين على منصة راسخة من وحدة التاريخ واللغة والعقيدة، متطلعين الى وحدة المستقبل والتحديات والفرص، مدركين لسمة العصر، وسرعة الايقاع، ومخاطر الواقع.
وأكمل الصقر بحكم تأرجح موقعي بين ضيف ومضيف، سأحاول أن أتحدث ممثلاً للاثنين معاً، ومن خلال مشهدين اثنين، أعرف تماماً وتعرفون أنّ ثمة العديد غيرهما: المشهد الأول – إننا، في غرفة تجارة وصناعة الكويت، على ثقة تامة بأن الرؤية السعودية التنموية الحديثه، الهادفة الى الانفتاح الشجاع على التقدم والعلم ورياح العصر، ليست شأناً سعودياً فقط، بل هي رؤية ملهمة لابد وأن يكون لها انعكاساتها الايجابية والعميقة على المنطقة العربية عموماً، وعلى اقليمنا الخليجي خصوصاً، وفي ميادين الفكر والمجتمع والاقتصاد والسياسة على حد سواء.
وأضاف الصقر إذا كانت الرؤية السعودية 2030 تحظى بإشراف وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويقودها ويحمل شعلتها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، يرعى ويوجه «رؤية الكويت 2035»، التي عهد بمتابعة خطاها ومشاريعها الى سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
ولفت الصقر إلى أن الرؤيتان تتفقان بشكل أساسي على بناء الانسان المتعلم العامل، وتخفيف الاعتماد على النفط، وتوسيع القاعدة الانتاجية، وتمكين القطاع الخاص من النهوض بدوره التنموي، وصولاً الى اقتصاد مستدام، يلبي مقتضيات العصر وتوجهات المستقبل، وينفتح على التقدم العلمي، ويساهم في نشر الابداع والابتكار.
وأوضح أن هذا التماثل في منطلقات وأهداف الرؤيتين، لا بد وأن يؤدي الى شراكة مستقبلية بين الكويت والسعودية، ليس في مجال الاستثمار فحسب بل وفي المحاور التجارية والصناعية والخدمية أيضاً. وهي شراكة ستتوسع الى كافة دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال رؤاها التنموية الواضحه، والمفتوحة لمساهمات مواطني هذه الدول وللاستثمارات الأجنبية.
وشكر الصقر وزارة الاستثمار السعودية لاختيارها الكويت بالذات المحطة الأولى في مساعيها الدوليه، للتعريف بمناخ وفرص الاستثمار في المملكة العربية السعوديه.
أما في المشهد الثاني، فقال الصقر: نرصد أن الرؤية السعودية، التي لم تقطع بعد منتصف مداها الزمني، أصبح لها نتائج مبشرة وصفها صندوق النقد الدولي بأنها «مبهرة»، وترى فيها جهات دولية أخرى ما يبشر بأن تحقق الرؤية هدفها النهائي المتمثل بأن يكون الاقتصاد السعودي عام 2030 من بين أكبر خمسة عشر اقتصاداً في العالم. ونحن، في غرفة تجارة وصناعة الكويت، نعتقد أن هذا النجاح «المبهر» يعود – بعد توفيق الله وفضله – الى تميز الرؤية بسماتٍ أساسية ثلاث:
أولها ؛ التمكين الجاد والفعلي للقطاع الخاص، وتوفير البنية الأساسية والمؤسسية التي تتيح له أداء دوره التنموي، والنهوض بمسؤوليته المجتمعية، في اطار الحرية والمنافسه والعدل. وفي هذا الصدد، أقرت المملكة في مارس 2021 نظام تخصيص، يستهدف إتاحة ستة عشر قطاعاً حكومياً أمام القطاع الخاص، الذي تستهدف الرؤية دفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي من 40 الى 65 بالمئه. كما اعتمدت المملكة «الاستراتيجية الوطنية للصناعة»، والمبادرة الوطنية لسلاسل الامداد العالمية “، وقطعت شوطاً طيباً لبناء بنية تحتية مستدامة في قطاعات السياحة والثقافه، وتحفيز الابداع والابتكار. ولعل أول ثمار هذا التركيز على القطاع الخاص، ارتفاع حجم العمالة الوطنية فيه الى مستوى تاريخي يناهز مليونين وربع المليون مواطن.
وثاني السمات الرئيسية المميزة للرؤية السعودية، هي ذلك التقدير الذكي والحاسم للعلاقة العضوية الوثيقة بين التطور المجتمعي والتقدم الاقتصادي. حيث أعُتبر «الازدهار الاقتصادي» و «الحيوية الاجتماعية» ركيزتان متكاملتان من ركائز الرؤية الثلاث. وهذا ما يفسّر لنا كيف تقدمت المملكة عالمياً بين عامي 2015 و 2021 من الترتيب 37 الى الترتيب 21 على مؤشر «جودة الحياة». وليس ثمة شك في أن المخزون العلمي والمعرفي الذي بنته المملكة خلال العقود الماضيه، قد ساعد الى حد كبير في تحقيق هذا التوازي والتكامل بين ركيزتي الازدهار والتطور الاجتماعي. فالمملكة اليوم تملك خمساً من الجامعات العشرة الأحسن في العالم العربي. كما تحتل الموقع الأول عالمياً على مؤشر «العدالة في التعليم».
أما السمة الرئيسية الثالثة المميزة للرؤية السعودية 2030، فهي احترام الوقت وقيمته وتكلفته، وهو ما ينعكس مباشرة على درجة المصداقية والشفافية والقدرة على التخطيط بالنسبة للمستثمر. فقد انخفض الوقت اللازم لاستكمال اجراءات تأسيس شركة تجارية من خمسة عشر يوماً الى نصف ساعة. وتقلصت مدة تسلم البضائع من الميناء بنسبة 60%، ومدة التخليص الجمركي بنسبة 54%. وأصبح الحصول اليكترونياً على تأشيرة دخول للمملكة لا يستغرق أكثر من خمس دقائق.
من جانبه، قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها المملكة نجحت في دفع نمو الاقتصاد السعودي وتنوع مصادره، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي أكدت أن اقتصاد المملكة كان الأسرع والأعلى نمواً في العالم خلال عام 2022 وبلغ حجمه 4 تريليونات ريال.
وأضاف الفالح أن «المملكة والكويت تعملان يداً بيد لتتكامل رؤية المملكة 2030 مع رؤية الكويت 2035، وقد تأكدت وحدة هذه الرؤى باجتماع مجلس التنسيقي السعودي الكويتي في عام 2021، والتي أثمرت عن 5 مذكرات تفاهم بين البلدين من بينهما مذكرة التعاون بين البلدين لتشجيع الاستثمار المباشر بين البلدين».
وزير الاستثمار السعودي أكد أن «الكويت اليوم تعتبر من أبرز الشركاء التجاريين للمملكة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين قرابة 11 مليار ريال، بزيادة تقدر ب22 في المئة عن مستويات ما قبل جائحة كورونا».
وقال وزير التجارة مازن الناهض أن «تسهيلات تقدم للمستثمرين عند الاستثمار في المشاريع الكبرى التي تطرحها المملكة، بما يوفّر للمستثمرين فرصاً هائلة لتنمية أعمالهم وتحقيق النجاح مستفيدين بالنمو الاستثنائي الحاصل في كافّة قطاعات أعمال السعودية الواعدة».