قبل اندلاع الحرب بين جيش السودان بقيادة عبدالفتاح البرهان وميليشيا قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان داغلو المعروف بحميدتي حرصت روسيا على علاقاتها مع الرجلين البرهان وداغلو .
بعد سقوط عمر البشير في ٢٠١٩ كان الهدف الروسي المحافظة على تحالف الرجلين البرهان وحميدتي. ومنذ اندلاع الحرب بينهما تدعو موسكو إلى وقف إطلاق النار . لأن طموحها منذ زمن طويل بناء قاعدة بحرية على الشاطئ السوداني قرب بور سودان.
بدأت المفاوضات مع عمر البشير الذي التزم لدى الروس عندما زار موسكو في ٢٠١٧ بتنفيذ المشروع مقابل الحصول على سلاح للجيش السوداني .
لكن تم تعليق المشروع مع سقوط البشير ولكن بقيت موسكو مهتمة به وتفاوضت مع كل من البرهان وحميدتي بشأنه .
أعرب حميدتي عن استعداد بلده للتعاون مع روسيا في ٢٠٢٢ خلال لقاء مع وزير خارجيتها سيرجي لافروف لبناء القاعدة البحرية الروسية في بور سودان .
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينوي بناء قاعدة بحرية في بلد أفريقي للحصول على منفذ إلى البحر الأحمر على غرار القاعدة البحرية في طرطوس في سورية.
حتى الآن لم تأخذ موسكو طرفا في الصراع بين الرجلين إلا أن من المعروف حميدتي تربطه علاقات بالميليشيا الروسية فاغنير التي يرأسها افغيني بريغوجينEvgueni Prigojine الذي لديه قوة في أفريقيا الوسطى . حسب منظمة Organized crime and corruption reporting project فإن رئيس فاغنر دفع ملايين الدولارات لشركة Aswar Multi Activities المملوكة من الاستخبارات السودانية من أجل تأمين فاغنير تسهيلات للحصول على امتيازات مناجم وغيرها من مكاسب لمصلحة الميليشيا الروسية.
حميدتي وبريغوجين شركاء الجنرال حافتر في ليبيا .
والملفت أن ميليشيا حميدتي مكونة من قوات ذات رواتب أعلى من رواتب الجيش السوداني وهي معروفة بوحشية القتال الذي كانت تقوم به في دارفور .
الحرب بين البرهان وحميدتي بدأت بعد فشل دمج ميليشيا حميدتي بالجيش السوداني بقيادة البرهان الذي كان يريد الحصول على أموال الميليشيا للجيش السوداني.
فالنزاع بين الاثنين قد يتحول إلى حرب من الآخرين مع دخول روسيا عبر فاغنير على الخط ما سيدفع الإدارة الاميريكية إلى دعم البرهان والجيش السوداني .
ولكن عدد كبير من الشعب السوداني يحمل البرهان وحميدتي مسوؤلية الضحايا من الشعب والوضع الصحي المأساوي في البلد وغياب الأمن وانتشار الفوضى والنهب.
صحيح أن لفاغنير مصالح كبرى مع حميدتي ولكن الجيش السوداني بقيادة البرهان وافق على إنشاء قاعدة روسية في بور سودان لمراقبة البحر الأحمر .
فروسيا حتى الآن لم تأخذ طرفا في الصراع علما أنها مهتمة جدا بالبلد الذي يمثل لها باب الدخول إلى أفريقيا .
فالنزاع السوداني بين الجيش والميليشيا قد يتحول عاجلا او آجلا إلى صراع بين القوى الكبرى في البلد العربي الأفريقي . فالسودان لديه أراضٍ زراعية شاسعة تعبرها مياه النيل وهو مدخل إلى القارة الأفريقية إضافة إلى أن السودان اعترف في ٢٠٢٠ بإسرائيل ما أتاح له تمويل ممولين دوليين لدعم البلد .
أما الآن وسفارات أهم دول الغرب منها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أغلقت والجاليات الأجنبية تغادر البلد يسود التشاؤم حول ماذا يحصل في هذا البلد الكبير الذي كان يجب منذ زمن طويل أن ينتعش ويصبح بلدا غنيا ولكن الحروب أنهكته وأفقرته .
وهناك درس آخر يستخلص من النزاع السوداني أنه عندما تصبح الميليشيا أقوى من الجيش لا يمكن إلا أن ينتهي الوضع بنزاع مسلح هذا هو المثل لدول عربية فيها ميليشيات أقوى من الجيش الشرعي كما في لبنان والعراق.