زلزال المغرب.. السعودية تسيّر جسراً جوياً والملك يشكر 4 دول

يسابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن بدعم من فرق أجنبية للعثور على ناجين، وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين دمرت منازلهم بعد أكثر من 48 ساعة على الزلزال المدمر، الذي خلف 2122 قتيلاً على الأقل.

ويكابد ناجون من أعنف زلزال يتعرض له المغرب منذ أكثر من ستة عقود للحصول على الطعام والماء والمأوى، بينما يستمر البحث عن المفقودين في القرى التي يصعب الوصول إليها ويبدو أن عدد الوفيات من المرجح أن يرتفع أكثر.

ويستعد كثيرون لقضاء ليلتهم الثالثة في العراء بعد أن وقع الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة في وقت متأخر من الجمعة، ويواجه عمال الإغاثة تحدياً للوصول إلى القرى الأكثر تضرراً في منطقة الأطلس الكبير، وهي سلسلة جبال وعرة غالباً ما تكون المناطق السكنية فيها نائية، انهار الكثير من المنازل بها.. وذكر التلفزيون المغربي، أمس الأحد، أن عدد قتلى الزلزال ارتفع إلى 2122 والمصابين إلى 2421.

وذكرت وسائل إعلام مغربية أن مسجداً تاريخياً يعود للقرن الثاني عشر انهار، ما يسلط الضوء على الأضرار التي قد يتعرض لها الإرث الثقافي للبلاد بسبب الزلزال.. كما ألحق الزلزال أضراراً أيضاً بأجزاء من مدينة مراكش القديمة، وهي ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

وفي مولاي إبراهيم، وهي قرية قريبة من مركز الزلزال تبعد نحو 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مراكش، وصف السكان كيف أخرجوا المتوفين من بين الحطام بأيديهم فقط.

وفي تل مطل على القرية دفن السكان سيدة تبلغ من العمر 45 عاماً توفيت هي وابنها البالغ من العمر 18 عاماً في الكارثة، بينما انتحبت امرأة لدى إنزال الجثمان إلى القبر.

وقال ساكن يدعى حسين وهو يحاول استعادة بعض أغراضه من بيته المتهدم، إنه يعتقد بأن كثيرين لا يزالون تحت الأنقاض قرب منزله، وأضاف “لم يحصلوا على الإنقاذ الذي احتاجوه فماتوا.. “أنقذت أطفالي وأحاول أن أحصل على أغطية لهم أو أي ملابس يرتدونها من المنزل”.

وقال ياسين (36 عاماً) وهو من سكان مولاي إبراهيم: “فقدنا منازلنا وفقدنا ذوينا أيضاً وننام مذ نحو يومين في الخارج”.. وأضاف “لا طعام ولا ماء.. فقدنا الكهرباء أيضاً”، مضيفاً أنه لم يتلق سوى القليل من المساعدات الحكومية حتى الآن.. وقال: “نريد فقط أن تساعدنا حكومتنا”، معرباً عن إحباط أبداه آخرون.

وفي وقت لاحق، أُفرغت حمولة شاحنة أغذية، قال مسؤول محلي يدعى محمد الحيان إن الحكومة ومنظمات مجتمع مدني رتبت وصولها.

واستقبلت الوحدة الصحية الصغيرة لمولاي إبراهيم 25 جثة، وفقاً لما قاله موظفون هناك.

ومع بناء الكثير من بيوت المنطقة من الطوب اللبن والأخشاب، انهارت بنايات المنطقة بسهولة.. وهذا الزلزال هو الأكبر من حيث عدد الضحايا في المغرب منذ 1960، عندما أشارت تقديرات لمقتل ما لا يقل عن 12 ألفاً جراء زلزال.

وفي قرية أمزميز التي تضررت بشدة من الكارثة، وقف سكان يتابعون فرق إنقاذ وهي تستخدم حفاراً عند منزل منهار.

وقال عامل بناء متقاعد يدعى حسن: “يبحثون عن رجل وابنه.. ربما أحدهما لا يزال على قيد الحياة، لكن الفريق لم ينتشل إلا بعض الجثث”.

وحشد الجيش جهوده للمساعدة في الإغاثة وأقام مخيماً لمن شردتهم الكارثة، ومع تضرر أو إغلاق أغلب المتاجر يواجه السكان صعوبات جمة في الحصول على الأغذية وغيرها من المستلزمات الضرورية.

وقال العامل محمد نجار بينما كان يحاول تجهيز مأوى مؤقت: “ما زلنا بانتظار الخيام,. لم نحصل على شيء بعد.. قدم لي رجل قليلًا من الطعام، وهذا كل شيء منذ الزلزال.. لا يمكن أن ترى متجراً واحداً مفتوحاً والناس يخشون دخول أي بناية خشية انهيار السقف”.

وكان مركز الزلزال على بعد نحو 72 كيلومتراً جنوب غرب مراكش التي يعشقها المغاربة والسائحون الأجانب، لما تتمتع به من مساجد وقصور ومبان دينية تعود للقرون الوسطى، يزينها بلاط الفسيفساء الزاهي وسط تداخل الأزقة الوردية.

وقالت الحكومة إنها أسست صندوقاً لصالح المتضررين من الزلزال.. وأضافت أنها عززت فرق البحث والإنقاذ وزادت من تقديم مياه الشرب وتوزيع الأغذية والخيام والأغطية، وقالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 300 ألف تضرروا من الكارثة.

وفي غضون ذلك، علقت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الدراسة في المناطق الأشد تضرراً بالزلزال.

وقالت في بيان: “بتنسيق مع السلطات المحلية، تقرر تعليق الدراسة في الجماعات القروية والدواوير الأكثر تضرراً داخل أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت (وعددها 42 جماعة موزعة بين هذه الأقاليم الثلاث، حسب آخر حصر تم إجراؤه لحد الآن) ابتداءً من الإثنين”.

مساعدات
وفي غضون ذلك، أعلنت السعودية مساء، أمس الأحد، تسيير جسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثية، للتخفيف من آثار الزلزال على الشعب المغربي.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية”واس” أن “العاهل السعودي وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وجها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتسيير جسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثية المتنوعة، للتخفيف من آثار الزلزال على الشعب المغربي الشقيق.

ونقلت”واس” عن المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على المركز الدكتور عبد الله بن عبدالعزيز الربيعة قوله “إن المساعدات المقدمة تأتي انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على الوقوف إلى جانب المتضررين من أبناء الشعب المغربي الشقيق، والتخفيف من آثار الزلزال المدمر، الذي تسبب في وقوع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات في المملكة المغربية الشقيقة”.

وأوضح أنه بموجب التوجيه سيجري إرسال فريق البحث والإنقاذ السعودي من المديرية العامة للدفاع المدني، وفرق من هيئة الهلال الأحمر السعودي، بقيادة مركز الملك سلمان للإغاثة، للمشاركة في الأعمال الإغاثية والإنسانية، وإنقاذ المحتجزين والمتضررين في حادثة الزلزال، التي ألمّت بالشعب المغربي الشقيق.

ترحيب بالمبادرات التضامنية
وذكر التلفزيون المغربي أن العاهل محمد السادس وجه الشكر لإسبانيا وقطر وبريطانيا والإمارات على إرسالها مساعدات في أعقاب الزلزال المدمر الذي هز المملكة، الجمعة.

وقال التلفزيون الرسمي في منشور على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي: “السلطات المغربية أجرت تقييما دقيقاً للاحتياجات في الميدان، آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية”.

وجاء في المنشور “وتؤكد المملكة المغربية ترحيبها بكل المبادرات التضامنية من مختلف مناطق العالم”.

وقالت إسبانيا إنها تلقت اليوم طلباً رسمياً من المغرب لتلقي المساعدة، وإن فريقاً مؤلفاً من 56 فرداً وأربعة كلاب مدربة على البحث وصل للبلاد، بينما يتجه فريق آخر من 30 فرداً و4 كلاب إلى هناك.

وقالت بريطانيا إنها سترسل 60 متخصصاً في عمليات البحث والإنقاذ وأربعة كلاب، أمس الأحد، إضافة إلى أربعة أفراد للتقييم الطبي.. وقالت قطر إن فريقاً للبحث والإنقاذ غادر متجهاً للمملكة.

عروض دولية بـ “المساعدة”
وعبر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن “حزنه على خسارة الأرواح والدمار” اللذين تسبب فيهما الزلزال.. وأضاف في مؤتمر صحافي في هانوي بفيتنام “مستعدون لتقديم أي مساعدة ضرورية للشعب المغربي”.

وأرسلت الولايات المتحدة فريقاً صغيراً من خبراء التعامل مع الكوارث للمغرب لتقييم الموقف، وقال مسؤول أمريكي إنهم وصلوا بالفعل.

وقالت فرنسا إنها مستعدة لمساعدة المغرب وإنها تنتظر طلباً رسمياً لذلك.. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي: “فرنسا مستعدة لتقديم مساعدات للمغرب إذا قرر المغرب أن ذلك مفيد”.

وأضاف “السلطات المغربية تعرف بالضبط ما يمكن تقديمه وطبيعة (ما يمكن تقديمه) وتوقيته.. نحن في خدمتها.. لقد جهزنا كل ما في وسعنا.. في اللحظة التي يطلبون فيها هذه المساعدات، سنرسلها”.

وتركيا من الدول الأخرى التي عرضت المساعدة، بعد أن تعرضت لزلزال مدمر في فبراير (شباط) أودى بحياة أكثر من 50 ألفاً.. لكن الفريق التركي لم يغادر بعد إلى المغرب.

وقالت كارولين هولت مديرة العمليات العالمية للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر: “سيكون اليومان أو الثلاثة المقبلة بالغة الأهمية فيما يتعلق بإنقاذ الأرواح من خلال العثور على المحاصرين تحت الأنقاض”.

وأضافت أن نظام الإغاثة الدولي ينتظر مبادرة من المغرب لتقديم المساعدة مشيرة إلى أن هذا ليس أمراً مستغرباً في وقت لا تزال فيه الحكومة تقييم احتياجاتها.

وقال البابا فرنسيس إنه يصلي من أجل الضحايا ويقدم التعازي لأسرهم، وعبر عن تضامنه معهم.

وأعلن المغرب الحداد 3 أيام.. ودعا الملك محمد السادس إلى إقامة صلاة الغائب من أجل المتوفين في مساجد المملكة.

Exit mobile version