أعلن سفير الجمهورية الفرنسية لدى الكويت أوليفييه غوفان استضافة بلاده مؤتمر القمة بشأن العمل في مجال الذكاء الاصطناعي يومي 10 و11 فبراير المقبل يجتمع خلاله في باريس قرابة 100 رئيس دولة وحكومة وألف جهة فاعلة في المجتمع المدني من 100 دولة.
وقال السفير غوفان في بيان صحافي إن الذكاء الاصطناعي في هذا الصدد لا يعتبر تكنولوجيا محايدة إنما قضية سياسية ومواطنية تتطلب حوارا دوليا معمقا بين قادة العالم والباحثين والمنشآت والمجتمع المدني، ويمثل أكثر من مجرد ثورة صناعية وتكنولوجية إذ ينطوي على إمكانية إحداث تحول نوعي عميق في مجتمعاتنا وعلاقتنا بالعلم والعمل والمعلومات والثقافة وحتى باللغة.
وأفاد بأن فرنسا قبلت بمسؤولية ترسيخ الحركية التي بادرت بها المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية المتمثلة في استضافة المؤتمر المذكور آنفا «وهنا يطرح سؤال بسيط جدا نفسه على جميع المستخدمين في العالم أجمع والشركات الناشئة والمجموعات الكبرى على حد سواء والباحثين وأصحاب القرار مفاده: كيف نتأقلم مع التحول المترتب على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟».
وذكر أن هذه المسألة جوهرية إذ تنطوي على إتاحة تحقيق أهداف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المنشودة المتمثلة في التقدم والتمكين ضمن إطار موثوق مشترك يتيح احتواء المخاطر المترتبة على تطور التكنولوجيات، مبينا أن العمل في أفق مؤتمر القمة وما يتبعه يصبو إلى تحقيق 3 أهداف عملية، أولها أنه يجب ضمان استفادة أكبر عدد من الناس من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بغية انتفاع كل شخص في العالم بها ويطور أفكارا جديدة تفضي إلى تحقيق كامل إمكاناتها.
وتابع: اننا بذلك سنستهل السعي إلى تقليص الفجوة الرقمية المتنامية وصد تركز سوق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المفرط بمبادرة واسعة النطاق من أجل وضع هذه التكنولوجيا في خدمة المصلحة العامة بغية تعزيز تنمية قدرة الحساب ومجموعة البيانات المهيكلة والأدوات المتاحة وتدريبات أصحاب المواهب المقبلين ومشاطرتها وستتشارك الجهات الفاعلة العامة والخاصة في دعم هذا المشروع، وفي المقام الثاني يجب أن نفكر في آن واحد بالعمليتين الانتقاليتين الكبيرتين في مجالي البيئة والتكنولوجيا في عصرنا الراهن فمع أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ينبغي لها أن توفر كل الدعم من أجل التصدي للاحترار العالمي والحفاظ على النظم الإيكولوجية فهي تسلك اليوم مسارا يتعذر الثبات عليه بمجال الطاقة في وقت تشير أحدث التوقعات إلى تعاظم حاجة قطاع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للطاقة بمقدار عشرة أضعاف ابتداء من العام 2026 مقارنة بالعام 2023.
ورأى أنه لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال وعليه سيستهل في مناسبة مؤتمر القمة ائتلاف دولي متعدد الجهات يؤيد استدامة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سعيا إلى تعميق البحث بشأن الكلفة البيئية المترتبة على هذه التكنولوجيا وتقييم النماذج المنضوية في هذا النطاق وتحديد معايير جديدة وزيادة الاستثمار المراعي للبيئة على جميع مستويات سلسلة القيمة.
ويجدر بنا أخيرا أن نبني معا نظاما من أجل حوكمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على نحو فاعل وشامل لا يقتصر على مسائل الأخلاقيات والأمن فيما تكتسي مسائل أخرى أهمية حيوية ولا بد أن نتناقش بجميع المواضيع على غرار احترام الحريات الأساسية والملكية الفكرية والتصدي لتركز السوق والحصول على البيانات على سبيل المثال لا الحصر.
ودعا إلى «حشد الجميع أمام طاولة الحوار بغية مناقشة مسائل على غرار حوكمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العالمية إذ تقتصر المبادرات الدولية الرئيسة بشأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على سبعة بلدان في العالم فحسب بوصفها جهات فاعلة حاليا ويغيب 119 بلدا بالكامل ويجب إشراك الجهات الفاعلة الخاصة والمجتمع المدني كذلك من أجل تحديد هيكلية مشتركة لحوكمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الدولية».
وقال إن فرنسا لا تتفرد في بذل الجهود من أجل تنظيم هذا المؤتمر إنما يسهم في تحضيره ما يربو على 700 شريك من القطاعين الخاص والعام على حد سواء وباحثين ومنظمات غير حكومية من القارات الـ 5 منذ عدة أشهر وستتم معالجة جميع المواضيع من مستقبل العمل إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المقتصدة ومن أمن النماذج إلى نظم الابتكار ومن التنوع اللغوي الهام ويشمل ذلك التنوع الثقافي إلى حماية البيانات الشخصية ونعول على كل المشاركات والمواكبات على طريق مؤتمر القمة بشأن العمل في مجال الذكاء الاصطناعي لنبني معا في إطار موثوق تكنولوجيا تخدم الجميع وتفضي إلى عالم مزدهر وأكثر انفتاحا وشمولا.