(كونا) — في صفحة جديدة من سجل الأسماء المشرقة التي تولت حكم البلاد يعد حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الحاكم الـ17 لدولة الكويت وفق الدستور وقانون توارث الإمارة وخير خلف لخير سلف الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه.
فبعد مسيرة حافلة بالإنجازات ومحطات متميزة في المناصب الرسمية استمرت ستة عقود نودي بسمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرا للكويت من مجلس الوزراء أمس السبت في ظل إجراءات سلسة لعملية انتقال مسند الإمارة كما عهدتها البلاد عند تولي حكامها الإمارة خلفا لأسلافهم الكرام.
وسمو أمير البلاد أحد أولئك الرجال الأفذاذ الذين أنجبتهم الكويت ونشؤوا في ظل عائلة آل صباح الكريمة وتربوا على يد حكمائها ونهلوا من معين قادتها وتعلموا الحكمة والإدارة من رجالاتها وخبروا شؤون الحكم وأساليب القيادة من سياسييها المحنكين.
وطوال الأعوام الثلاثة الماضية كان سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح السند الأمين لأمير البلاد الراحل ومشاركا في صنع القرار وناب عنه في الأوقات التي استدعت ذلك وحمل إلى جانبه أعباء تلك المسؤولية الكبيرة والأمانة العظيمة وقاد معه البلاد لتكون في ركاب الدول المتطورة ولتعزيز الأمن والأمان والازدهار فيها.
ولم يكن سمو أمير البلاد خلال العقود الستة الماضية بعيدا عن المناصب الرسمية أو المواقف الوطنية إذ تولى عددا من المناصب الأمنية والعسكرية في وزارة الداخلية والحرس الوطني فضلا عن مرافقة حكام البلاد الكرام أو تمثيلهم في العديد من الزيارات والمهمات الرسمية.
ولد الشيخ مشعل في الكويت عام 1940 وهو الابن السابع لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح الذي حكم البلاد في الفترة ما بين عامي 1921 و1950.
وبدأ سموه مرحلة التعليم الأسري في بيت الحكم في مرحلة مبكرة على يد أبويه وأفراد عائلته الذين تعلم على أيديهم مبادئ القراءة والكتابة ثم انطلق في مرحلة التعليم المدرسي الأساسي فانتسب إلى المدرسة المباركية التي كانت أول مدرسة نظامية أهلية في الكويت.
واستمر سموه في تلك المدرسة مدة طويلة درس فيها جميع المراحل التعليمية النظامية إلى أن تخرج من المرحلة الثانوية فيها متلقيا خلال تلك المدة تعليمه على يد أساتذتها الذين خرجوا أجيالا كثيرة من أبناء الكويت وزودوهم بذخيرة علمية وعملية ومعرفية ليكونوا بناة الوطن وعماد نهضته وتطوره.
واستكمل سموه دراسته في المملكة المتحدة حيث تخرج في كلية (هندن) للشرطة عام 1960 المعروفة بسمعتها العريقة في الدراسات الأمنية والشرطية وبتخريجها عددا كبيرا من المسؤولين وصناع القرار في دول العالم.
وبعد عودة سمو أمير البلاد من الدراسة في المملكة المتحدة التحق بوزارة الداخلية التي كانت حديثة النشأة آنذاك فتدرج في العديد من المناصب الإدارية واستمر فيها نحو 20 عاما عمل خلالها في قطاعات وادارات مختلفة.
وواصل سمو الشيخ مشعل الأحمد تدرجه في مناصب وزارة الداخلية حتى أصبح في عام 1967 رئيسا للمباحث العامة برتبة عقيد واستمر في ذلك المنصب حتى عام 1980 حيث عمل على تطوير أداء أجهزتها وتحولت في عهده إلى إدارة أمن الدولة.
وفي 13 أبريل 2004 عين سمو الشيخ مشعل الأحمد بموجب مرسوم أميري نائبا لرئيس الحرس الوطني بدرجة وزير حيث ساهم في تطوير ذلك الجهاز العسكري الأمني الحساس وعزز دوره في حفظ أمن البلاد وأمانها.
وأكد سمو الشيخ مشعل الأحمد في مناسبات عديدة حرص الحرس الوطني على مساندة الجيش والشرطة وقوة الإطفاء العام في الدفاع عن الوطن والحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية الجبهة الداخلية ضد كل الأخطار التي تهدده وتأمين المنشآت الحيوية في البلاد والاستعداد الدائم لتلبية أي مهمة أخرى يكلف بها من قبل مجلس الدفاع الأعلى.
وفي الثامن من أكتوبر عام 2020 جرت مبايعة سمو الشيخ مشعل الأحمد وليا للعهد في جلسة خاصة عقدها مجلس الأمة حيث أدى سموه اليمين الدستورية أمام الأعضاء بعد أدائها أمام أمير البلاد الراحل وفقا لقانون توارث الإمارة ودستور الكويت.
وفي تلك الجلسة قال سموه في كلمته إنه سيرفع شعار المشاركة الشعبية في البلاد وسيعمل على إشاعة روح المحبة والتسامح ونبذ الفرقة ويسعى إلى رسم صورة مشرقة لمستقبل الكويت.. صورة تحمل ديمقراطية الاستقرار وتغليب المصلحة الوطنية العليا في إطار الدستور منهجها العدالة ورائدها العيش الكريم.
ودائما حرص سمو الشيخ مشعل الأحمد على تعزيز التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتحقيق الأهداف المنشودة من كل منهما والسير بخطوات متسارعة نحو تحقيق تطلعات القيادة الحكيمة والشعب الكويتي بنهضة وطنية تشمل جميع المجالات وترتقي بمكانة البلاد في جميع المؤشرات التنموية وتستفيد من أفضل التجارب الحاصلة في دول العالم وتطبقها على أرض الوطن.
وعقب تزكيته وليا للعهد أولى سموه جل اهتمامه بالشؤون المحلية التي تهم المجتمع والمواطنين لا سيما مع الإغلاقات التي شهدتها دول العالم بسبب انتشار فيروس كورونا وضرورة متابعة الإجراءات الكفيلة بالحد من تأثير هذه الجائحة على صحة المواطنين والمقيمين والتخفيف من تداعياتها على جميع القطاعات في البلاد.
كما كان سموه يتابع بقية القضايا المحلية مع مسؤولي الجهات المعنية عنها في القطاعين العام والخاص وجمعيات النفع العام ويوجههم إلى بذل كل الجهود الممكنة من أجل النهوض بالمهام المنوطة بتلك الجهات وتطوير العمل في مرافقها وتذليل العقبات التي تحول دون تحقيق أهدافها.
ودأب سموه على لقاء المواطنين بصورة دورية للاستماع إلى تطلعاتهم وهمومهم واحتياجاتهم وآمالهم والاطلاع على مساهماتهم القيمة في خدمة الكويت والتعرف إلى آرائهم وأفكارهم الهادفة إلى إعلاء مكانتها وحثهم على بذل الغالي والنفيس من أجل العمل على تعزيز وحدتها الوطنية والوقوف صفا واحدا لضمان أمنها وأمانها والسعي من أجل تطورها وازدهارها.
وعلى الصعيد الخليجي استمر سمو الشيخ مشعل الأحمد في النهج الذي سار عليه أسلافه أمراء الكويت السابقون فحرص على توطيد علاقات الكويت مع أشقائها وتعزيز التعاون المشترك والتنسيق مع قادتها فيما يتعلق بالشؤون التي تهم المنطقة والقضايا العربية والعالمية لضمان الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة وتحقيق الحياة الكريمة للشعوب الخليجية.
وانتهج سمو الشيخ مشعل الأحمد في علاقات الكويت بشقيقاتها العربية النهج الذي سارت عليه الكويت طوال العقود الماضية والتي أثمرت نتائج طيبة كان لها الأثر الكبير في تعزيز وحدة الصف العربي وتنسيق المواقف المشتركة ورأب الصدع وحل النزاعات.
وفي علاقات الكويت مع دول العالم حرص سموه على تعزيز الصلات والتعاون في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك إضافة إلى التعاون والتنسيق مع المنظمات الأممية لتحقيق الأهداف المنوطة بها.
وإضافة إلى المناصب الرسمية التي شغلها طوال العقود الستة الماضية تولى سمو الشيخ مشعل الأحمد عددا من المناصب الفخرية منها تزكية سموه رئيسا فخريا لجمعية الطيارين ومهندسي الطيران الكويتية خلال الفترة (1973 – 2017) كما كان أحد مؤسسي الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكي والرئيس الفخري لها.
وفي عام 1977 عين أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح سمو الشيخ مشعل الأحمد رئيسا لديوانية شعراء النبط التي أنشئت بهدف المحافظة على تراث الأجداد من الشعر النبطي وتعليمه للأجيال الحالية وغرس ما يتضمن من عادات وموروثات في نفوس الأبناء.
وفي الرابع من ديسمبر 2018 قلدت وزير الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي سمو الشيخ مشعل الأحمد (وسام قائد جوقة الشرف) من الجمهورية الفرنسية باعتباره أحد الرجال المميزين الذين بنوا الكويت وساعدوا على مد روابط الصداقة المتينة بين الكويت وفرنسا.
وهكذا تمضي مسيرة الخير والإعمار والتنمية والتطوير في البلاد التي سيواصل سمو أمير البلاد قيادتها كما قادها أسلافه الكرام وليكمل سموه إسهاماتهم الجليلة في صنع تاريخها وبناء مجدها وإعلاء رايتها وتعزيز مكانتها إقليميا وعربيا ودوليا.