شلل العصب السابع.. إلتهاب مجهول السبب يباغت الوجه دون إنذار!

شلل العصب القحفي السابع أو «شلل بيل»، من المشكلات المرضية مجهولة السبب، وتحدث الإصابة على شكل ضعف مفاجئ ومؤقت في عضلات جانب واحد من الوجه، خاصة أن هذا العصب يُعد المسؤول عن التحكم في الحركات التعبيرية، ورمش العين، وتتعطل هذه الإشارات بين الدماغ والعضلات عند حدوث هذا الخلل، ويعاني المصاب العديد من الآلام المزعجة، أبرزها: عدم القدرة على فتح أو إغلاق العين في الجانب المصاب، اختفاء التعابير كالابتسام أو العبوس، صعوبة الكلام ومضغ الطعام وابتلاعه، وسيلان اللعاب، وغيرها، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

يقول د.طالب روينتان، استشاري طب الأعصاب، إن شلل العصب القحفي السابع أو «شلل بيل» من المشكلات مجهولة السبب، كونه من الحالات التي تستهدف عضلات الوجه بشكل مفاجئ دون وجود داء طبي واضح، ويُعتقد بأنه مرتبط بالعدوى الفيروسية، وخاصة فيروس الهربس البسيط الذي يسبب أيضاً قروح البرد، بالإضافة إلى فيروس الهربس النطاقي (يسبب القوباء المنطقية)، والفيروس المضخم للخلايا، وفيروس إبشتاين بار (الذي يسبب داء كثرة الوحيدات).

ويضيف: تستهدف إصابة العصب القحفي السابع الأشخاص من جميع الأعمار، ولكن يشيع ظهورها على الأكثر لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و60 عاماً، والنساء الحوامل، وخاصة في الثلث الأخير من الحمل، والذين يعانون داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، أو التهابات الجهاز التنفسي العلوي مثل الإنفلونزا أو نزلات البرد، ويُصاب كل من الرجال والنساء على حد سواء، ورغم أنه نادر الحدوث لدى الأطفال دون سن 15 عاماً، إلا أنه من الممكن حدوثه.

وظائف وعلامات

يوضح د.راجيش شودري، أخصائي طب الأعصاب، أن شلل العصب القحفي السابع، يتميز بظهور مفاجئ لضعف أو شلل في جانب واحد من الوجه، وتتفاوت الأعراض في شدتها، ولكنها تشمل تدلياً ملحوظاً في الفم أو الجفن، وصعوبة في إغلاق العين، وتسطحاً في طيات الوجه الطبيعية، ويمكن أن يعاني بعض الأشخاص جفافاً في العين أو الفم، وانخفاضاً في حاسة التذوق، وخاصة في الجزء الأمامي من اللسان، وزيادة في الحساسية للأصوات في الجانب المصاب، وعادةً ما تظهر علامات الإصابة فجأة من دون إنذار، وتكون على الأغلب مؤلمة للغاية في البداية، ولذلك يجب السيطرة عليها بالرعاية الطبية السريعة حتى لا تتفاقم الأعراض، ويتم التعافي في غضون أسابيع إلى بضعة أشهر.

يلفت د.شودري إلى أن العصب القحفي السابع، يلعب دوراً هاماً في التحكم في وظائف الوجه المختلفة، وتعتبر المنطقة الأكثر تأثراً بالشلل هي عضلات الوجه، المسؤولة عن تعابير الوجه كالابتسام، والعبوس، والرمش، ورفع الحاجبين، وعند الإصابة يتأثر العصب وتضعف حركات العضلات أو تغيب تماماً في جانب واحد من الوجه.

ويضيف: للعصب الوجهي أكثر من مجرد وظيفة، فهو يتصل أيضاً بالغدد الدمعية، المسؤولة عن إنتاج الدموع، والغدد اللعابية، التي تساعد على الهضم وصحة الفم، والعضلة الركابية في الأذن الوسطى، التي تساعد على تعديل الصوت، والثلثين الأماميين من اللسان، ما يساهم في حاسة التذوق، وعلى الرغم من جفاف العين، وجفاف الفم، وتغير التذوق، أو الحساسية للصوت من الأعراض البارزة، إلا أنها تكون مؤقتة في أغلب الحالات ويمكن التحكم فيها، وتعود إلى طبيعتها مع الوقت وتلقي العلاج المناسب، ويكون التعافي كاملاً ويلقى المرضى تحسناً تدريجياً، وخاصة الذين يتلقون الرعاية المبكرة، كونها تعزز قدرة الجسم الطبيعية على الشفاء، إلى جانب الدعم الطبي.

يوضح د. شودري أن تشخيص شلل العصب السابع القحفي يعتمد بشكل أساسي على الأعراض السريرية، حيث يبدأ الطبيب المختص في الاطلاع على تاريخ مُفصل وإجراء فحص بدني، مع التركيز على تناسق الوجه، وقوة عضلاته، والقدرة على القيام بالتعبيرات الأساسية كالابتسام ورفع الحاجبين وإغماض العينين، وفي أغلب الحالات تكون هذه الاختبارات البسيطة كافية لتأكيد الإصابة، أما لدى بعض المرضى فيكون العرض غير نمطي أو عندما يتأخر التعافي، ويُوصى لهؤلاء بإجراء المزيد من الفحوص لاستبعاد الأسباب الكامنة الأخرى كالالتهابات أو السكتة الدماغية أو الأورام، وتشمل التصوير بالرنين المغناطيسي، أو التصوير المقطعي المحوسب، أو دراسات التوصيل العصبي، وتجدر الإشارة إلى أن التشخيص المبكر يلعب دوراً أساسياً في العلاج الفعال.

مضاعفات وعلاج

يشير د. خالد الصفار أخصائي الأمراض العصبية، إلى أن شلل العصب القحفي السابع، هو ضعف مفاجئ ومؤقت في عضلات جانب واحد من الوجه، وعادة ما يحدث بسبب التهاب أو ضغط العصب الوجهي، وبينما يتعافى العديد من المرضى تماماً، تحدث مضاعفات في بعض الأحيان، مثل: عدم استعادة بعض الأفراد لوظيفة الوجه الكاملة، وخاصة إذا كان تلف الأعصاب شديداً، ويمكن أن يستمر الضعف المتبقي أو عدم التناسق في حركات الوجه، وربما تعاني حالات أخرى ألماً مستمراً في الوجه أو بنسبة خفيفة حتى بعد الشفاء، وربما تصبح العضلات في الجانب المصاب مشدودة أو تقصر بشكل دائم إذا لم تتم استعادة الحركة الطبيعية، ما يؤدي إلى تصلبٍ أو تعابير وجه غير طبيعية، ويمكن أن يتسبب أيضاً في حدوث حركة لا إرادية لجزء من الوجه عند محاولة تحريك جزء آخر.

يؤكد د.الصفار أن معظم الأشخاص يتعافون تماماً بشكل تلقائي، ويحتاج البعض إلى تلقي العلاج، وتساعد الإدارة المبكرة في تسريع الشفاء وتقليل المضاعفات، وتكون الجراحة مطلوبة فقط في حالات نادرة جداً، ويمكن أن يقلل التدخل المبكر، جنباً إلى جنب مع العلاج الطبيعي، من خطر حدوث المضاعفات وتشمل خيارات التداوي، استخدام القطرات المرطبة أثناء النهار ومرهم العين في الليل للحفاظ على الرطوبة اللازمة، حيث إن العين من أكثر الأعضاء التي تتأثر بالإصابة على الجانب المصاب ولا تغلق، كما يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة، عن طريق ارتداء النظارات الشمسية أو الواقية أثناء النهار ورقعة العين في الليل لمنع الوخز أو الخدش، ويمكن أن تكون أدوية الكورتيكوستيرويدات أو المضادة للفيروسات في المعالجة، كما تساهم تمارين الوجه والتدليك في منع ضمور العضلات، ويمكن إدارة آلام الأذن والفك باستخدام المسكنات.

يبين د.الصفار أن حوالي 70-85٪ من الأشخاص المصابين بشلل العصب القحفي السابع، يمكن أن يتعافوا في غضون 3 إلى 6 أشهر تلقائياً، أما العلاج فهو يحسن فرص الشفاء التام، وخاصة إذا تم البدء به خلال 72 ساعة من ظهور الأعراض، ويستعيد المرضى وظائف وجوههم الطبيعية، ونادراً ما تحدث آثار طويلة الأمد.

ويضيف: يمكن أن تتكرر الإصابة بشكل غير شائع نسبياً، ويقدر معدل التكرار بحوالي 7-15٪. وفي حال عودة الشلل، يمكن أن يؤثر في نفس الجانب أو الجانب الآخر من الوجه، وتتكرر الحالة بشكل أكثر عند الأشخاص الذين يعانون عوامل خطر معينة مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو تاريخ عائلي من شلل العصب القحفي السابع.

العلاج الطبيعي يعزز قوة العضلات

تؤثر الإصابة بشلل العصب القحفي السابع في عضلات الوجه، وتختلف شدة الأعراض ما بين المرضى، وتؤدي في بعض الحالات إلى انكماشها وتقلصها، ولذلك فإن العلاج الطبيعي يعتبر أحد الخيارات الناجعة التي تلعب دوراً هاماً في سرعة التعافي، وتخفيف الأعراض والتورم في العصب السابع، لاستعادة كفاءة وظائف الوجه.

يتضمن بروتوكول العلاج الطبيعي أداء تمارين وحركات معينة تستهدف العضلات المختلفة في الوجه، وتعمل على زيادة نشاط العضلات وتقويتها وتحسين القدرة على استخدامها، كما يفيد التدليك في شدها وتنشيطها وتحفيز الدورة الدموية الموجودة حولها، ما يمنع تطور المرض والإصابة بمزيد من المضاعفات، ويقوم أخصائي العلاج الطبيعي بتوجيه المريض لكيفية تدليك شلل الوجه النصفي، مع التركيز على مناطق معينة في الوجه:

• يسهم تدليك عضلات الوجه السفلية، في تقويتها واستعادة شكل الابتسامة الطبيعي للمريض وتعبيرات وجهه الأخرى.

• يُساعد تدليك الجزء العلوي من الجبهة الأمامية (الجبين) على زيادة قوة العضلات الموجودة به، وسرعة الشفاء.

• يجب على المريض تدليك الخدين باستخدام أطراف الأصابع عبر تحريكها في حركات دائرية على هذه المنطقة.

Exit mobile version