أكد صندوق النقد العربي أهمية تبني استراتيجيات متوسطة المدى لإدارة الدين العام، بما يساعد على خفض المخاطر المرتبطة به ويضمن الاستدامة المالية ومواءمة تلك الاستراتيجيات للتطورات والصدمات الاقتصادية المفاجئة، كذلك العمل على زيادة مستويات تطور وعمق الأسواق المالية بما يدعم قدرة الحكومات على تمويل الدين العام وخفض مخاطره.
وأوضح في تقرير عن “مخاطر الدين العام في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد” صدر أمس، أهمية تبني أفضل الممارسات على صعيد حوكمة إدارة الدين العام التي تعمل على تقوية النظم الإدارية والقانونية والتنظيمية واختيار الأساليب والطرق المناسبة والفاعلة لإدارة الدين العام.
كما أشار إلى تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبالتالي زيادة قدرة الدولة على خدمة دينها العام أو تقليل لجوء الحكومة إلى الدين العام لسد عجز الموازنة.
وأشار الصندوق إلى أن موضوع الدين العام يحظى بأهمية بالغة على مستوى المالية العامة كونه يمثل إحدى الوسائل المتاحة لتمويل سياسات التعافي من الأزمات الاقتصادية على مر الزمان، فعادة ما تلجأ الحكومات إلى الاستدانة الداخلية أو الخارجية ولكل مزاياها وعيوبها.
تحرك الدين العام
وأضاف: “ما تحرص الحكومات عليه هو ضمان تحرك الدين العام في مستويات قابلة للاستدامة وتقليل المخاطر المرتبطة به في الأجلين المتوسط والطويل، ويأتي هذا في إطار حرص الصندوق على تطوير أنشطته البحثية، مؤكدا أن العالم شهد أخيرا ارتفاعا ملموسا في حجم المديونية العالمية التي بلغت نحو 255 تريليون دولار ما يعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2019 بحسب بيانات معهد التمويل الدولي.
وأكد الصندوق أن التقديرات تشير إلى زيادة المديونية العالمية 40%، بنهاية 2019 مقارنة بمستوياتها المسجلة في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008، ورغم ذلك، شهدت المديونية العالمية ارتفاعا في (مارس) بعد لجوء حكومات دول العالم إلى تبني حزم ضخمة للتحفيز الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى زيادة مستويات الاقتراض الداخلي والخارجي، وعزز توقعات ارتفاع المديونية العالمية 342 في المائة 2020.
وأشار إلى أن تداعيات ارتفاع المديونية تكمن في المخاطر الاقتصادية التي قد تنتج عنها في حال انكماش النشاط الاقتصادي أو حدوث أزمة اقتصادية تؤثر في قدرة الحكومات على سداد ديونها نتيجة تراجع مستويات الناتج المحلي الإجمالي والمتحصلات من النقد الأجنبي.
في الوقت الذي قد لا يتوافر فيه حيز كاف لصانعي السياسات يمكن الاعتماد عليه لتجاوز هذه الأزمة المحتملة. وأوضح صندوق النقد تسارع الجهود والأطر الدولية لتخفيف عبء المديونية على الدول النامية ومنخفضة الدخل وضمان قدرتها على السداد في وقت تتفاقم فيه الضغوط المالية على حكومات دول العالم.
وأشار إلى أنه في أعقاب تفشي جائحة كورونا تبنت مجموعة العشرين برئاسة السعودية مبادرة عالمية في 2020 لتخفيف عبء المديونية على الدول الفقيرة، يتم بمقتضاها تعليق مدفوعات خدمة الديون الثنائية للدول الأشد فقرا، خلال الفترة من أول أيار (مايو) 2020 حتى نهاية 2020 مع إمكانية تجديد العمل بالمبادرة في 2021 ضمن إجراءات مواجهة الفيروس.
فيما يتعلق باستدامة الدين العام، أكد أن الدول العربية بذلت جهودا خلال الأعوام السابقة لضمان تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية، ما ساعد على تحسن مستويات استدامة الدين العام في عدد من الدول العربية خلال الفترة (2013 – 2019).