قال العاملون في المجال الإنساني في الأمم المتحدة اليوم الجمعة إن المجتمعات السورية التي دمرتها سنوات من الحرب الأهلية تواجه الآن أزمة جوع “غير مسبوقة”، في الوقت الذي يلزم فيه اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع انتشار كوفيد-19.
ويأتي تحذير الوكالات الأممية هذا قبيل مؤتمر المانحين لإعلان التبرعات من أجل بسوريا، المزمع انعقاده يوم الثلاثاء المقبل الموافق ال30 من حزيران/يونيو 2020.
وتم التعرف على معظم الحالات عدوى الفيروس التاجي المؤكدة، خاصة في ريف دمشق. وحتى الآن تعتبر الحالات قليلة نسبياً. لكن هناك مخاوف جدية من تعرض السوريين – تسعة من كل عشرة منهم يعيشون على دولارين في اليوم – للمرض بشكل خطير إذا وصل إليهم الفيروس.
نقص في معدات الحماية الشخصية
ووسط هذا الدمار في بلد يعتمد بشدة على الدعم الدولي، تشعر الأمم المتحدة بقلق متزايد من أن فيروس كوفيد-19 سيكون مدمرا لجميع أولئك الذين لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية، في ظل انعدام شبكة الرعاية الاجتماعية وعدم توفر معدات الحماية الشخصية (PPE) بشكل كافي.
هذا على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز تدابير الصحة العامة لحماية السكان الضعفاء، كما أوضحت الدكتورة أكجمال ماغتموفا، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا: “حتى في أماكن الرعاية الصحية، ما شاهدته هو حشود من المرضى في مرافق لا تستخدم فيها أقنعة الوجه، حتى بين بعض العاملين الطبيين الصحيين، بسبب نقص معدات الوقاية الشخصية”.
أزمة جوع لا مثيل لها
ويتزامن هذا التطور مع نداء عاجل أطلقه برنامج الأغذية العالمي للحصول على تمويل للحفاظ على برنامج التغذية الضخم الذي يديره في سوريا.
نساعد 4.8 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الغذائية في محافظات سوريا الأربعة عشر. سنستمر! ولكن للقيام بذلك نحن بحاجة إلى 200 مليون دولار على وجه السرعة– إليزابيث بيرز
وأوضحت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في جنيف، إليزابيث بيرز، أن السوريين يواجهون اليوم أزمة جوع لم يسبق لها مثيل، حيث تصل أسعار الأغذية الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة حتى في ذروة النزاع المستمر منذ تسع سنوات، ويغرق ملايين الناس في قاع الفقر.
وفي بيان صدر اليوم الجمعة، لفت برنامج الأغذية العالمي الانتباه إلى أن حوالي 9.3 مليون سوري يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي – بزيادة 1.4 مليون في الأشهر الستة الماضية وحدها.
وأكدت بيرز للصحفيين في جنيف أن البرنامج سيواصل عمله: “نحن على أرض الواقع … نحن نساعد 4.8 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الغذائية من برنامج الأغذية العالمي في محافظات سوريا الأربعة عشر. سنستمر! ولكن للقيام بذلك نحن بحاجة إلى 200 مليون دولار على وجه السرعة”.
جيل جديد لا يعرف إلا الدمار والحرمان
وقال يانس لاركيه، المتحدث باسم الأوتشا في جنيف، إن الصراع في سوريا استمر تقريبا فترتي الحرب العالمية الأولى والثانية، مشيرا إلى أن جيلا من الأطفال لم يعرف سوى المصاعب والدمار والحرمان.
ومع تشريد أكثر من نصف سكان سوريا قبل الحرب – أي أكثر من 13 مليون شخص – داخل البلاد وخارجها، ردد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة الحاجة إلى الدعم الدولي في قمة التمويل يوم الثلاثاء المقبل في بروكسل.
وأوضح لاركيه أن أكثر من 11 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا يحتاجون إلى المساعدة والحماية. وأن الاقتصاد في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة آخذ في الانهيار، بسبب الحرب ولكن أيضا بسبب تأثير كوفيد-19. ويتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
الخطة الإنسانية حصلت على 30% فقط من قيمتها
بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب، أصبح أكثر من نصف المستشفيات والمراكز الصحية العامة في سوريا خارج الخدمة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وأضاف المتحدث باسم الأوتشا أن خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا والبالغة قيمتها 3.8 مليار دولار ممولة بنسبة 30 في المائة فقط.
إن المدنيين في سوريا يحتاجون منا مواصلة عملية المساعدة. الثلاثاء القادم هو فرصة ليظهر العالم اهتمامه–يانس لاركيه
هذا وأوضح لاركيه أن مؤتمر بروكسل الرابع حول دعم سوريا والمنطقة وهو أيضا حدث التعهدات الرئيسي للأزمة السورية- سيعقد افتراضيا ويبث مباشرة على قنوات الأمم المتحدة، وسيستضيفه الاتحاد الأوروبي في بروكسل وتشترك في رئاسته الأمم المتحدة.
وقد أكد 83 وفدا مشاركته في المؤتمر. وهذا يشمل 58 دولة، والعديد منها ممثل على مستوى وزراء الخارجية، و 12 منظمة إقليمية ومؤسسات مالية دولية و 13 وكالة أممية.
الرهانات على مؤتمر بروكسل الأسبوع المقبل عالية، قال لاركيه، مضيفا أن “المدنيين في سوريا يحتاجون منا مواصلة عملية المساعدة. الثلاثاء القادم هو فرصة ليظهر العالم اهتمامه”.