تسابق دول العالم الزمن حتى تلقح النسبة الكبرى من السكان، في مسعى إلى بلوغ المناعة الجماعية أو ما يُعرف بـ”مناعة القطيع”، لأجل إعادة الحياة إلى طبيعتها، لكن الأمور لا تسير كما هو مأمول.
ويجري إطلاق المناعة الجماعية على الحالة التي يكون فيها أغلب الناس في بلد ما، محصنين ضد العدوى وما ينجمُ عنها من مضاعفات، سواء لأنهم أخذوا التطعيم، أو لأنهم اكتسبوا الأجسام المضادة عن طريق الإصابة ثم التعافي منها.
وفي الولايات المتحدة، التي ما زالت الدولة الأكثر تأثرا بالفيروس حتى الآن، يرى خبراء أن بلوغ المناعة الجماعية ما يزال أمرا بعيدا بعض الشيء، رغم التقدم الكبير الذي جرى تحقيقه في حملات التلقيح.
وحصل أكثر من نصف البالغين في الولايات المتحدة على جرعة واحدة على الأقل من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد الذي ظهر أواخر 2019 في الصين ثم تحول إلى جائحة عالمية.
وكتبت صحيفة “غارديان” البريطانية، أن المناعة الجماعية ستختلف من مكان إلى آخر، لأن من يعيش في بلد أحرز تقدما في التطعيم، ليس كمن يقيم في دولة لم تلقح سوى نسبة قليلة.
وذكرت الصحيفة أن المناعة الجماعية تعتمد أيضا على السياسات المحلية في كل بلد، إضافة إلى مدى مراعاة الإجراءات الوقائية المفروضة لأجل كبح تفشي الوباء.
وأضافت “غارديان” أن الولايات المتحدة لن تبلغ المناعة الجماعية، خلال السنة الحالية على الأرجح، نظرا إلى التردد بشأن اللقاح، ولأن الفيروس ما يزال منتشرا في بلدان أخرى، فيما تظهر سلالات جديدة منه أكثر خطورة.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن ظهور عدة سلالات جديدة من الفيروس من الهندية والبريطانية والجنوب الإفريقية، يؤثر على تحقيق المناعة الجماعية.
وأشار المصدر أيضا إلى عامل التشكيك في لقاحات كورونا، لأن كثيرين ما زالوا يحجمون عن أخذ التطعيم ولا يثقون فيه، لأنهم يعتبرون الوباء مجرد خدعة.
وإزاء هذا الوضع، فإن المطلوب بحسب الصحيفة، هو الحرص على تلقيح الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة والمرض، لأن هذا الأمر هو الذي يكفل إعادة الحياة إلى طبيعتها قدر الإمكان.
وتقول “نيويورك تايمز”، بكثير من التشاؤم، إن العلماء وخبراء الصحة لا يتوقعون بلوغ المناعة الجماعية، لا سيما على المدى البعيد، وربما لا يجري بلوغها على الإطلاق.
ويرجح الخبراء أن يصبح الفيروس تهديدا يمكن التعامل معه خلال السنوات القادمة في الولايات المتحدة، وتبعا لذلك، فهم لا يفضلون تقديم وعود بشأن المخرج والوعيد الذي طالما جرى التبشير به.
وما يجعل العلماء يتوجسون، هو أن الفيروس يتغير بسرعة كبيرة، كما أن الطفرات الجديدة تنتشر بسهولة، بينما يتم التلقيح ببطء، وأمام هذا الوضع، لا تبدو مناعة القطيع أمرا وشيكا.
ويقول الباحثة في علم الأحياء التطوري بجامعة إيموري في ولاية جورجيا، رستم أنتيا، إن الفيروس لن يختفي، “لكن نريد القيام بكل ما في وسعنا حتى تصبح كورونا عدوى متوسطة”.